وقع الكاتب الكبير د. أحمد الخميسي أمس مجموعته القصصية الجديدة "رأس الديك الأحمر" في مكتبة "الكتب خانة" بالمعادي، وتعد هذه المرة الأولى التي يوقع فيها د. الخميسي إحدى كتبه، وربما تكون الأخيرة حسبما قال. حضر حفل التوقيع د. شوقي عقل، الروائي النوبي يحيى مختار، الكاتب مدحت الزاهد ورئيس تحرير جريدة "التجمع" سابقا، الراوئية د. سمية رمضان، المخرج المسرحي أحمد اسماعيل، المخرج السينمائي أحمد أبو زيد، الشاعر زين العابدين فؤاد، والكاتبة عزة إبراهيم وآخرون.
قال د. عقل أنه تلمس في بعض قصص د. الخميسي إحساس الكاتب الكبير نجيب محفوظ، فأحيانا ما يطلق الخميسي بنا الخيال كما في قصة "رحمة". كما كانت قصة "واجب" شديدة الرقة تتناول شخص مريض يقوم بزيارته شخص آخر أناني، يسأل المريض عن تفاصيل مرضه بقسوة خوفا على نفسه من المرض. وأشار د. عقل إلى أن الخميسي كتب عالما جديدا في قصة "ومض" برؤية مختلفة.
وأوضح د. عقل أن الاتساع الكبير جدا لرؤية د. أحمد الخميسي ككاتب وأديب ومثقف تتضح في كل أعماله، حتى في مقالاته، كما أن البعث الذي حدث في مصر والحياة الجديدة التي تعيشها كان لابد أن ينعكس على أعمال المبدعين كما حدث مع د. الخميسي.
واستعرض الروائي يحيى مختار تفاصيل بدايات لقاءه بالخميسي حتى صارا أصدقاء. وطالبت الروائية د. سمية رمضان الخميسي بكتابة الرواية الأمر الذي طالبته به كثيرا عند كتابه كل مجموعة قصصية له. وحكى الزاهد عن الخميسي حينما طلب منه الإشراف على صفحة ثقافية في جريدة التجمع، وكان من المتوقع كما المعتاد في الصحف أن يحتكر الصفحة لكتاباته مع أصدقاءه، لكن الخميسي قرر أن يفسح المجال للكتاب الشباب وكتاب الأقاليم وكان لا يأخذ أي أجر.
كتب د. الخميسي بعض قصص هذه المجموعة خلال ورشة "القصة" التي أشرف عليها في مكتبة "الكتب خانة"؛ كي يعايش الموهوبين المشاركين في الورشة لحظة البدء والانتهاء من كتابة قصة.
و"رأس الديك الأحمر" هي رابع مجموعة قصصية للكاتب، تضم ست عشرة قصة قصيرة. وتشتمل على مقدمة ترصد بدايات الكتابة عند د. أحمد الخميسي ومقتطفات من تقديم يوسف إدريس له في مجلة الكاتب عام 1966، وكلمات للكاتب الكبير محمد المخزنجي ، والروائي والكاتب والناقد الكبير علاء الديب.
وبدأ د. الخميسي كتابة القصة مع نشر أولى قصصه "الشوق" في أبريل 1965 بمجلة "القصة" التي ترأس تحريرها محمود تيمور ، ثم صدرت له أول مجموعاته عام 1967 عن دار الكاتب العربي بعنوان " الأحلام ، الطيور الكرنفال"، ثم "قطعة ليل" عن دار "ميريت" 2004 ، وأعادت "الكتب خان" طباعتها، ثم مجموعته "كناري" التي فازت بجائزة "ساويرس" كأفضل مجموعة فرع كبار الأدباء في عام 2010 .
وكما قال د. إبراهيم حمزة في مقدمة "رأس الديك لأحمر" أن د. أحمد الخميسي كتب أولى قصصه بعنوان "أم نبيل" التي نشرها له والده على صفحات جريدة "الجمهورية" داخل عموده الأسبوعي الثابت المسمى "حصاد الأسبوع"، ولم تكن سوى ارهاصات كتابة. لكن من المؤكد أنه يكتب قصة متكاملة بالمعايير الأدبية لذلك الزمن، هي قصة "شوق"، وبعد نحو عام خرج علينا بقصة "رجل صغير" في مجلة صباح الخير وقدمه الكاتب الساخر محمود السعدني تحت عنوان "ابن الوز عوام". ثم قدمه يوسف إدريس للقراء في عام 1966 بتحليل قصته المنشورة "استرجاع الأحلام". وبعد اعتقال د. الخميسي عام 1968 لمدة ثلاث سنوات حينما خرج في مظاهرة طلاب الجامعات لاستيائهم من المحاكمة المخففة لقادة الطيران، لم ينشر سوى قصة "البحر" عام 1972 بعد خروجه من المعتقل، ثم توقف، وسافر إلى موسكو للدراسة، وعمل مراسلا صحفيا للعديد من الصحف المصرية والعربية، وعاد إلى مصر لينشر مجموعته الفريدة "قطعة ليل". ثم تمهل ست سنوات ليصدر "كناري" في ديسمبر عام 2010. واختتم د. حمزة كلمته بأن "رأس الديك الأحمر" تؤكد لنا مرة أخرى أننا أمام موهبة كبيرة مازالت تحمل في طياتها الكثير من مفاجئات الإبداع الحقيقي. عادة يقوم النقد بإضاءة العمل الإبداعي، إلا أن القارئ لأعمال الخميسي سيشعر أن النص يضئ النقد، ذلك أن قصص الخميسي تؤكد مشاعر النقد نحو لحظاته المتوهجة، التي يعجز النقد أحيانا عن الإمساك بها، ذلك أن ثمة جوهرا نورانيا في الإبداع يحس ولا يمس، وقراءة هذه المجموعة فسحة للروح تسمو بها وتطهرها، تضحكها أحيانا، وتبكيها، وتدعوها في كل الأحوال لتأمل الحياة.
أما الناقد والروائي علاء الديب فأكد أن أهم ما في العالم القصصي لأحمد الخميسي البلاغة والاقتصاد اللذان تتميز بهما جمل الكاتب، والعناية الفائقة بشكل القصة وبناءها بما يكشف عن عمق قضيته وأبعاد موضوعه. إنه كاتب استثنائي يضع القارئ أمام أخطر وأهم القضايا السياسية والاجتماعية بدون مباشرة أو خطابية. إنه يأخذ كلماته بقدر نادر من الجدية ويشتغل على جمله وقصصه ومعانية كصائغ يشتغل في الذهب الغالي أو كمحارب يدافع عن أرض الوطن. إنه صاحب إدراك مثقف لمعنى ووظيفة الأدب وصاحب حس جمالي لا يرضى إلا عندما تشق اللغة وتستقر على شاطئ الموسيقى. هو باختصار قصاص وكاتب نادر.
وعن قصص المجموعة فتبدأ ب"رأس الديك الأحمر"، ثم "قائمة النسيان"، "ومض"، "آخر مرة"، "جءت أنت"، "أحب ساراماجو"، "الحب والفولاذ"، "شباك"، "جلباب أزرق"، "غمغمة"، "تاريخ فقاعة"، "بلدنت يا مرجريت"، "الطابق السابع"، "رحمة"، "صعيد"، وأخيرا قصة "واجب".