فاجأ طارق عامر، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى، ورئيس اتحاد بنوك مصر الأوساط المصرفية بتقدّمه باستقالته للجهات المسئولة صباح اليوم الاثنين وذلك بعد أيام قليلة من قبول استقالة الدكتور فاروق العقدة وتعيين هشام رامز محافظا للبنك المركزي الجديد. قالت مصادر بالبنك الأهلي ، ان عامر قد تقدّم باستقالته ولم ينظر البنك المركزي حتى الآن فى أمر هذه الاستقالة، مشيرة إلى أن أمر هذه الاستقالة مبهم خاصة أنها جاءت بعد أيام قليلة من ترك العقدة لمنصبه.
وترددت أنباء أيضا عن تقدم محمد بركات رئيس بنك مصر باستقالته والتي تم نفيها في ذات الوقت.
وكان "عامر" قد أعرب -وفقًا للمصادر- عن رغبته فى ترك منصبه منذ عدة أشهر إلا أنه مُراعاة لظروف الجهاز المصرفى والظروف التى تمر بها البلاد قد أرجأ هذه الخطوة إلى أن أبلغ اليوم عن استقالته من المنصب رغم حالة عدم الاستقرار التى تشهدها البلاد.
وتعد هذه الاستقالة الثانية ل"عامر" منذ ثورة 25 يناير 2011 حيث كان قد تقدّم باستقالته الأولى فى شهر مارس 2011 وهى الاستقالة التى تم رفضها من جانب البنك المركزي فى حينه وتم إقناعه بالاستمرار فى مهام منصبه حتى الآن.
وكان عامر تقدم و3 من القيادات المصرفية هم فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى، ومحمد بركات، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، وهشام رامز، النائب السابق لمحافظ البنك المركزى، باستقالاتهم بعد الثورة، بسبب ما أثير من شبهات حولهم بتهريب أموال النظام السابق إلى خارج البلاد. ورفض المجلس العسكري القائم بشئون البلاد آن ذاك الاستقالة، وطالبهم بالبقاء حتى انتهاء الفترة الانتقالية.
فيما تجمع موظفو البنك اليوم فى مكتب طارق عامر، رئيس مجلس الإدارة، لإقناعه بالعدول عن قرار الاستقالة، إلا أن عامر أعرب عن شكره للموظفين وحثهم على مواصلة العمل، رافضا أي تصرف يؤثر على سير العمل بالبنك ويؤخر مصالح العملاء.
وقالت مصادر بالبنك أن عامر الأقدر على قيادة البنك، حيث استطاع فى الفترة الماضية أن يحقق أرباحاً قياسية وساهم فى حل مشكلات الكثير من العملاء المتعثرين من بينهم مستثمرين وقطاعات هامة بالدولة،إضافة إلى توسيع حجم أعمال البنك بشكل غير مسبوق.
وقضى عامر 10 سنوات من العمل المصرفي العام حيث التحق ببنك مصر فى عام 2002 لمدة تزيد عن العام وتولي منصب نائب رئيس مجلس الإدارة ثم انتقل للبنك المركزي المصري فى 2003 وأخيرا البنك الاهلي المصري الذى مكث به نحو 5 سنوات ".
وقالت مصادر مصرفية ان هناك محاولات لإثناء عامر عن استقالته من منصبة خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصري والمرحلة الانتقالية التى يعيشها القطاع المصرفى والتي توقعت إجراء تغييرات فى القيادات المصرفية عقب تسلم هشام رامز منصب محافظ البنك المركزي المصري فى 3 فبراير القادم.
ويعد محمد بركات رئيس بنك مصر ونائب رئيس اتحاد المصارف العربية أقوى المرشحين لخلافة طارق عامر فى رئاسة البنك الأهلي المصرى.
ورغم أن عامر كان ضمن المرشحين لمنصب محافظ المركزي إلا ان الرئيس محمد مرسى اختار هشام رامز للمنصب لخبرته الطويلة فى إدارة السياسة النقدية خاصة فى الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير والتي شهدت استقرارا ملحوظا في سوق الصرف رغم خروج استثمارات اجنبية تتجاوز قيمتها 16 مليار دولار وحدوث تراجع حاد فى موارد البلاد من النقد الاجنبى خاصة من أنشطة السياحة والاستثمارات المباشرة.
وكان طارق عامر قد لوح أكثر من مرة باستقالته من منصبه عقب الانتقادات الموجهة له من قبل البعض عقب الثورة المصرية خاصة المتعلقة بعلاقته بأبناء الرئيس السابق حسنى مبارك .
ونفى عامر هذه المزاعم أكثر من مرة مؤكدا عدم وجود علاقة تربطه بابناء مبارك.
وقالت مصادر مصرفية ان طارق عامر مرشح بقوة لرئاسة مجلس إدارة بنك HSBC -مصر وهو واحد من اكبر البنوك الأجنبية العاملة فى مصر ومملوك بالكامل لبنك HSBC البريطانى.
من جهته توقع هانى توفيق، رئيس الاتحاد العربى للاستثمار المباشر، أن يكون هناك تغير فى خريطة رؤساء مجالس إدارات البنوك العامة خلال الفترة المقبلة، كأمر طبيعى لتغيير محافظ البنك المركزى، وقد تشهد عددًا من الاستقالات لرؤساء البنوك العامة.
وقال توفيق، فى مداخلة لقناة "الحياة" مساء الإثنين، إن استقالة رئيس "البنك الأهلى" طارق عامر كانت متوقعة كنتيجة طبيعية لقرار تغيير محافظ المركزى.
ونفى توفيق أن يكون وراء الاستقالة التى تقدم طارق عامر، دواع سياسية أو اقتصادية، موضحًا أن ذلك إجراء طبيعى لإتاحة الفرصة لمحافظ البنك المركزى الجديد للتعامل مع القيادات التى تتفق مع سياساته.
ومن المقرر ان يلتقى عامر بمحافظ البنك المركزي هشام رامز بشأن الاستقالة وما سيتم من ناحية رئاسة إدارة البنك الأهلى.
يذكر أن البنك الأهلى المصرى شهد طفرة فى عهد طارق عامر اذ نجح البنك فى سد فجوة المخصصات المجنبة لمواجهة الديون المتعثرة والتى كانت تتجاوز 10 مليار جنيه ما يعادل 1.6 مليار دولار وأن يقفز بارباح البنك الصافية من 300 مليون جنيه فقط فى يونيو 2008 الى 2.8 مليار جنيه فى يونيو 2012 .
وحقق البنك ارباحا صافية تجاوزت مليارى جنيه فى النصف الثانى من عام 2012،كما حقق صافى عوائد من انشطته المصرفية 5 مليارات جنيه مقابل 8.4 مليار جنيه عن عام كامل هو العام المالى الاخير 2011-2012. .
وعلى الرغم من الركود الاقتصادى الذى ساد البلاد منذ قيام الثورة المصرية الا أن البنك الأهلى المصرى توسع فى منح التسهيلات الائتمانية لعملائه خاصة الشركات الكبرى ومشروعات البنية التحتية لتتجاوز محفظة قروضه 100 مليار جنيه نهاية 2012 بعد استبعاد المخصصات.
وطبقا لارقام البنك الاهلى المصرى الجارى تدقيقها من الجهاز المركزى للمحاسبات فقد تجاوزت ودائع البنك 285 مليار جنيه نهاية ديسمبر الماضى مقابل 278 مليار جنيه نهاية يونيو 2012.