في وقت ينطلق الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد غدا الأربعاء باقتراع المغتربين ، عاد الجيش مرة أخرى للنزول للشارع لتأمين عملية الاستفتاء المقررة يوم السبت المقبل، بهدف تأمين الاستفتاء وحماية المنشآت العامة في البلاد، ومساعدة أجهزة الشرطة في ذلك. يأتي ذلك بعد القرار الذي أصدره الرئيس محمد مرسي بمنح عناصر القوات المسلحة حق الضبطية القضائية، وذلك حتى إعلان نتيجة الاستفتاء، بما يمكن هذه العناصر من استعادة الأمن، طوال فترة التصويت على مشروع الدستور .
وجاء هذا القرار بعد مرور خمسة أشهر على قرار آخر، سبق أن أصدره وزير العدل السابق المستشار عادل عبد العزيز، غير أن محكمة القضاء الإداري أبطلته قبل أيام من تولي مرسي رئاسة مصر.
ودخل هذا المرسوم حيز التنفيذ عشية احتجاجات شعبية لمعارضي الاستفتاء والقوى الإسلامية الداعمة للرئيس مرسي مظاهرات اليوم الثلاثاء.
لحفظ الأمن
وتأتي العودة المرتقبة للجيش بعد عودته إلى ثكناته منذ عدة شهور، غير أنها ستظل مرهونة بإعلان نتيجة الاستفتاء، وفق ما نص عليه القرار الرئاسي بأن "تشترك القوات المسلحة في إجراءات حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية لفترة مؤقتة حتى إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور بالتنسيق مع قوات الشرطة".
وتضمن القرار أربع مواد، اشتملت الأولى منها على أن يقوم وزير الدفاع والإنتاج الحربي وأفراد القوات المسلحة بأداء مهامهم مع عدم الإخلال بدور القوات المسلحة في حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، في إشارة إلى أن يكون نزول عناصر الجيش وفقاً لمتطلبات بعينها أثناء عملية الاستفتاء، وبشكل لا يؤثر في دورها في تأمين المناطق الحدودية، وحماية الجبهة الداخلية .
وتضمنت المادة الثانية من القرار أن "يكون لضباط القوات المسلحة وضباط الصف المشاركين في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالدولة، كل في الدائرة التي كلف بها، جميع سلطات الضبط القضائي والصلاحيات المرتبطة بها المقررة لضباط وأمناء الشرطة وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية في ما يتعلق بأدائهم لتلك المهام، بالشروط والضوابط المقررة في قانون هيئة الشرطة لضباط الشرطة وأمنائها".
وأطلقت المادة الثالثة للضباط وضباط الصف في أداء مهامهم الضبطية القضائية وفقاً لأحكام القرار بالقانون المشار إليه بجميع واجبات مأموري الضبط القضائي المقررة في قانون الإجراءات الجنائية بما في ذلك إحالة ما يحررونه من محاضر إلى النيابة المختصة وفقاً لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في القانون المشار إليه ومع عدم الإخلال باختصاص القضاء العسكري، وأن يختص القضاء العادي بالفصل في الوقائع التي حررت عنها هذه المحاضر.
ترضية سياسية
وتعليقاً على ذلك ، أكد أحمد كامل عضو التيار الشعبي ، على أن قرار الرئيس إعطاء ضبطية قضائية لجهات غير قضائية سيؤدي لمزيد من الاحتكاك بين القوات المسلحة والشعب ، إعادة القوات المسلحة إلى المشهد السياسي العام سيدخلنا الى دوامة مرة أخرى، معتبرًا إعطاء هذه الضبطية للقوات المسلحة هو نوع من الترضية السياسية لها.
وأضاف كامل من خلال مداخلة مع لقناة الجزيرة مباشر مصر، انه حددوا مسيرةً يوم الثلاثاء المقبل بعيدًا كل البعد عن مسيرات التيار الإسلامي في رابعة العدوية ومدينة نصر، مشيرًا إلى أنه سيتم الإعلان هذه المسيرات اليوم بعد اجتمع للقوى الثورية.
هذا وقد علق الناشط الحقوقى نجاد البرعى على قرار الرّئيس محمّد مرسي بمنح الجيش سُلطة الضّبطيّة القضائيّة بدءًا من أمس الاثنين، حتّى نتيجة الاستفتاء، قائلا: "الرئيس الذي كان يفخر بأنه أعاد الجيش إلى ثكناته هو من استدعاه مره أخرى بالضبطية القضائية".
وأضاف البرعى، عبر حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "أن الإخوان قادوا في البرلمان المنحل حملة ضد قرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لضباط الجيش"، مشيراً إلى أنهم أنفسهم من أعطوهم الضبطية بقانون، هل نستأمنهم بعد؟".
كما أعرب البرعي عن ثقته في رفض المواطنين لمشروع الدستور الجديد، والمقرر استفتاء الشعب عليه السبت المقبل، قائلا:"اعلم أننا على الحق وأن هذا دستور ظلم وفساد كبيران، واعلم أننا سنحتفل يوم الاستفتاء بجنازته وسندفنه بإذن الله في جنازة عسكريه بحضور الجيش."
وأضاف البرعي عبر تدوينه له على موقع الرسائل النصية القصيرة "تويتر" :"مش عايز أصحابي الإخوان والسلفيين يزعلوا مني يخلوا روحهم رياضية ويباركوا لنا، لما نكسب نتيجة الاستفتاء ومصر تقول.....لا مزلزلة" .
سابقة خطيرة
واعتبرت منظمة العفو الدولية قرار مرسي منح الجيش سلطة توقيف المدنيين حتى إعلان نتائج الاستفتاء "سابقة خطيرة" يمكن أن تؤدي إلى عودة المحاكمات العسكرية للمدنيي. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسيبة حاج شعراوي: "أخذاً بالاعتبار سجل الجيش حين كان في السلطة، بما فيه مقتل 120 متظاهراً ومحاكمة نحو 12 ألف مدني أمام المحاكم العسكرية بشكل غير عادل، فإن الخطوة تعد سابقة خطيرة".
وجاء في تقرير صادر عن المنظمة أن القانون الجديد لحماية الثورة الذي أصدره مرسي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لم يتم إلغاؤه، ويسمح هذا القانون لأعضاء النيابة العامة باحتجاز الأشخاص لمدة تصل إلى 6 أشهر في الحبس الاحتياطي دون محاكمة أثناء إجراء التحقيق في تهم تتعلق بالإساءة في الصحافة والإعلام، وتنظيم الاحتجاجات، والإضراب، والبلطجة.
وقالت شعراوي: "مثل هذه الأحكام المقيدة تستخدم بشكل روتيني لمعاقبة الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير والتجمع، وتكوين الجمعيات"، وأضافت: "هذا المرسوم يذكرنا بقانون الطوارئ، حيث يمكن أن يتم احتجاز الأشخاص لمدة 6 أشهر بتهمة زائفة قبل عرضهم أخيراً للمحاكمة".
من جانبه قال حافظ أبو سعدة الناشط الحقوقي "إن قرار الضبطية القضائية من الناحية القانونية مخصص فقط للجرائم الجنائية فقط، وإصداره يبين لنا بأن الجيش سيقف بجانب السلطة تجاه المعارضة وهذا يعتبر انتهاك صارخ لحقوق الإنسان"، قائلاً "قرار مرسي مخالف لحقوق الإنسان"، لافتًا أن الشرطة وهي بكامل قوتها وتؤدي دورها جيدًا وبالتالي فإن الأمر لا يحتاج نزول الجيش لضبط الأمن.
وانتقد أبو سعدة أثناء مداخلة تليفونية ببرنامج "في الميدان" الذي يذاع على قناة التحرير، أن فرض غرامة على المقاطعين للاستفتاء بمبلغ يصل إلى 500 جنيه يتنافى تمامًا مع القواعد القانونية لأنه مجرد حق للناخبين ومن حقهم أن يشاركوا أو يعلنوا رفضهم لهذا الاستفتاء ، قائلاً "القضاء الإداري "سيلغي القرار قريبًا".
دور الوسيط
من ناحية أخرى علقت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية على البيان الذي أصدرته القوات المسلحة المصرية الاحد بقولها إن "الجيش المصري يلعب دور الوسيط بين مؤسسة الرئاسة وفصائل المعارضة على خلفية المشادات والاشتباكات التي وقعت بين المؤيدين والمعارضين".
وأكدت الصحيفة أن "الجيش لا يلعب سوى دور الوسيط فقط وأنه لا توجد أي مخططات أو نوايا للحكم أو التدخل في الشئون الداخلية للبلاد، وفقًا لما ذكره مصدر عسكري".
وأوضحت الصحيفة أن "الجيش المصري الذي خرج من المشهد السياسي بعد أن ألغى الرئيس المصري محمد مرسي إعلانه الدستوري الذي أصدره عشية نتيجة الانتخابات الرئاسية عاد اليوم ليلعب دور الوساطة، حيث حذر من العواقب الوخيمة التي قد تقع إذا لم يتم حل الأزمة السياسية التي تخيم على البلاد".
غطاء شرعي
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد مصدر عسكري مطلع، ان انتهاء حالة الطوارئ هي التي دفعت الرئيس مرسي إلى منح ضباط الجيش سلطة الضبطية القضائية لتبرير وجودهم في الشارع خلال الفترة المقبلة بغطاء شرعي وبشكل قانوني.
ولفت المصدر إلى أن حالة الطوارئ كانت تسمح من قبل لرجال القوات المسلحة بالنزول إلى الشارع دون الحاجة للضبطية القضائية، ولكن بعد إلغاء حالة الطوارئ فلابد أن يكون لدى ضباط وصف ضباط القوات المسلحة تلك السلطة لتمكينهم من ممارسة عملهم في القبض على أي شخص يحاول الاعتداء على المنشآت العامة أو القيام بأي أعمال تخريبية من شأنها التأثير على الأمن القومي خلال الاستفتاء على الدستور الجديد.
وأكد المصدر أن القوات المسلحة من المتوقع أن تشارك في تأمين المنشآت الحيوية فقط دون أن تساهم في تأمين لجان الاستفتاء مثلما كان يحدث من قبل، مؤكدا أن الأمر يتوقف عند حد تأمين المنشآت المهمة على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية والمناطق الحيوية في محافظات الجمهورية.
وأشار إلى أن القرار الذي أصدره الرئيس مرسي، بشأن منح الضبطية القضائية لرجال القوات المسلحة لم ينص على اشتراكهم في تأمين لجان الاستفتاء، حيث نص القرار على أن "تدعم القوات المسلحة أجهزة الشرطة، وبالتنسيق الكامل معها في إجراءات حفظ الأمن، وحماية المنشآت الحيوية في الدولة لفترة مؤقتة حتى إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور، ويحدد وزير الدفاع المناطق وأفراد القوات المسلحة ومهامهم، مع عدم الإخلال بدور القوات المسلحة فى حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها".
وأضاف: "من المنتظر أن تدفع القوات المسلحة بأعداد كبيرة، خلال الأيام المقبلة وفق الخطة التي يضعها وزير الدفاع بالتعاون مع وزارة الداخلية من أجل تأمين المنشآت الحيوية في مختلف محافظات الجمهورية".
من جانبه، أوضح اللواء عبدالمنعم سعيد الخبير العسكري، أن منح الجيش سلطة الضبطية القضائية ليس له علاقة بنزول عناصر القوات المسلحة لتأمين لجان الاستفتاء، وأنهم لن ينزلوا لتأمين الاستفتاء بل لحماية المنشآت والأهداف الحيوية.
وتابع: "سلطة الضبطية القضائية كانت لرجال الشرطة، ولكن عندما يتطلب الأمر نزول الجيش فلابد من منحه سلطة الضبطية القضائية لكي تكون له صفة التواجد في الشارع وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية، وضبط العناصر الإجرامية وإحالته للجهات المختصة".
انقسام القضاة
وقبل ساعات من اجتماع مفصلي لنادي القضاة للبحث في الموقف من الإشراف على عملية الاقتراع، بدا واضحاً الانقسام في صفوف القضاة، فأعلن نادي مجلس قضاة الدولة موافقته على الإشراف على الاقتراع بشروط، ما رفضه نادي قضاة الإسكندرية.
وأكد رئيس نادي مجلس قضاة الدولة حمدي ياسين في مؤتمر صحفي عقده أمس المشاركة في الإشراف على الاستفتاء، لكنه رهن ذلك "بشروط تكفلها الدولة وتعمل على تحقيقها قبل يوم الاستفتاء". وحدد هذه الشروط ب "إنهاء حال الاقتتال بين المواطنين ووقف سيل الدماء وإنهاء حالات الحصار لمؤسّسات الدّولة كلّها لتقوم بدورها بحرية وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا".
وشدد رئيس النادي على "ضرورة تأمين اللجنة العليا للاستفتاء وحماية المستفتين وقيام الدولة بتأمين حياة القضاة المشاركين بوثائق تأمين وتمكين القضاة من مباشرة حقوقهم في الانسحاب من اللجان في حال المس بكرامتهم، على أن يثبت أي قاض يتعرض للمساس بكرامته الواقعة وينسحب على الفور". وأشار إلى أن النادي سيشكل لجنة من أعضائه لمتابعة تنفيذ الدولة لتلك الشروط.
وعقب بيان نادي مجلس قضاة الدولة بساعات خرج عدد من القضاة في مؤتمر صحفي عقد في دار القضاء العالي ليؤكدوا الموافقة على الإشراف، داعين القضاة إلى "الإشراف على الاستفتاء لأنه واجب".
وتلا نائب رئيس محكمة النقض محمد ناجي دربالة الذي شغل عضوية الجمعية التأسيسية التي كتبت الدستور بياناً قال إنه صادر عن عدد من القضاة جاء فيه ان "قضاة مصر المجتمعين في دار القضاء العالي والموقعين هم الطليعة من قضاة مصر الذين حملوا راية استقلال القضاة في العهد السابق في أحلك الظروف... ووحدة القضاة لا تتحقق إلا بالالتزام بقيم القضاء والابتعاد عن معترك السياسية بشتى اختلافاتها، وأن تكون قرارات القضاة نابعة من ضمائرهم ترتبط مصلحة الوطن". مواد متعلقة: 1. المصريون يواصلون الإقتتال ب «الإتحادية» ومدرعات الجيش تؤمن «القصر» والإخوان 2. مرسي يمنح الجيش سلطة الضبطية القضائية 3. «قنديل»: منح «الجيش» سلطة الضبطية القضائية تورطه في «مستنقع السياسة»