صحف وقنوات فضائية مصرية، حزبية ومستقلة، قررت بالإجماع مؤخرا الاحتجاب عن الصدور يوم الثلاثاء المقبل، احتجاجا على الإعلان الدستوري والدستور الذي تسلم الرئيس مرسي مشروعه أمس، على الرغم من المعارضات الواسعة في مصر لكل منهما . وصرحت الكاتبة فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة "الأهالي" إحدى الصحف المتضامنة مع الدعوة التي وجهتها جبهة الإنقاذ الوطني ، أنها لا تعرف كيف تقدم كل تلك الطعون على عمل تأسيسية الدستور، وتنسحب القوى الليبرالية والوطنية من عملها، وتنسحب الكنيسة أيضا ، وينتفض ميدان التحرير احتجاجا على الإعلان، ثم يصر الرئيس مرسي وحكومته في الإسراع بإقرار دستور غير توافقي يخدم فقط مصالح جماعة الإخوان المسلمين وليس جموع المصريين. وأضافت في حديثها ل"محيط" أن المؤيدين للإعلان الدستوري تم حشدهم من كافة المحافظات وهم أنصار التيار الإسلامي وحده، مؤكدة أنهم لا يمثلون المصريين جميعا، وقد سبق سنة 1930 أن أصدرت حكومة اسماعيل صدقي باشا دستورا استنكره المصريون وظلوا 6 سنوات حتى تمكنوا من إلغائه . وبسؤالها حول مواد الدستور المتعلقة بالصحافة، رأت النقاش أنها مكبلة للحريات التي اقتنصها الصحفيون لأنفسهم منذ عام 2006 حين أسقطوا مادة إغلاق الصحف والتي عادت من جديد بمشروع الدستور، وكذلك فإن الهيئة الوطنية للصحافة المنصوص عليها بمسودة الدستور الأخيرة يعين رئيسها من قبل رئيس الدولة، وبالتالي تفقد استقلاليتها المنشودة ، بحسب الكاتبة. وأضافت النقاش كذلك أن مشروع الدستور لم يلغي عقوبة الحبس في قضايا النشر التي حذفت من قوانين ودساتير الدول الديمقراطية منذ القرن التاسع عشر . على النقيض، اعتبر الدكتور محمود علم الدين، عضو المجلس الأعلى للصحافة، أن التهديد بالاحتجاب وتسويد الشاشات ليس حلا ناجعا ، وإنما الحوار هو الطريق لإزالة العقبات أمام الإعلام المصري . وأضاف أن مشروع الدستور حوى مباديء إيجابية بينها أنه جعل إصدار الصحف بمجرد الإخطار، وأتاح حرية التعبير والصحافة ، واستجاب لمطالب تدشين هيئة وطنية للإعلام وإن كانت بحاجة لمحددات شارحة بالقوانين تضبط أداء اللجنة وأداء الإعلام ككل . وبسؤاله حول فكرة التنظيم الذاتي للصحافة، أكد "علم الدين" أنها جيدة، لكنها لا تطبق فورا، ونحن نتساءل لو رفعت الدولة يدها تماما عن الإعلام من سيضبط حركة تمويل الصحف ومن سيضع عقوبات للمخالفين لمواثيق الشرف المهنية ، بحيث تختلف عن تلك التي تصكها جمعيات التنظيم التطوعية، والتي لا تتعدى الإدانة المعنوية لمخالفات الصحف والفضائيات . وعلم "محيط" من مصادر بصحف "الشروق" و"اليوم السابع" مشاركتهم بالاحتجاب تضامنا مع الجماعة الصحفية، وقد أيدت الاحتجاب صحف عديدة أخرى بينها "الوفد، الأحرار، المصري اليوم، الفجر ، الصباح والتحرير" . كما أيدته عدد من الفضائيات بينها أون تي في ودريم وهناك مساع لضم قنوات الحياة والمحور للمحتجين . وقد علق على القرار الكاتب الصحفى يحيى قلاش، المتحدث الإعلامى باسم اللجنة الوطنية للدفاع عن الإعلام، مؤكدا أن حق المواطن في الحصول على صحافة وإعلام حر معرض للخطر ، مشيدا بقرار الاحتجاب، وأيده في ذلك أغلب أعضاء مجلس إدارة نقابة الصحفيين وأبرزهم الكاتب جمال فهمي .
أخيرا ، وفي تعليقه على القرار، أكد الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبدالعزيز، أنه يحق تماما لوسائل الإعلام في دول العالم المتحضرة أن تحتجب عن الصدور كرسالة قوية للسلطات بأنها ارتكبت مخالفات فادحة ، وبالفعل فقد شعرت وسائل الإعلام المصرية أن حريتها باتت مستهدفة في الشهور الأخيرة ، وتأكد رفضها للسياسات الرسمية بعد الإعلان الدستوري الأخير، والذي تضمن في طياته أخطاء كبيرة .
وبسؤاله عن تضمين الدستور لمواد كاملة للهيئات المستقلة للإعلام الوطني، وهي التي طالما طالب بها الخبير الإعلامي وعدد من الإعلاميين البارزين في السنوات الأخيرة، أكد "عبدالعزيز" أنها خطوة إيجابية لكنها تفتقد للنص على التمثيل المتوازن بإدارة تلك الهيئات بحيث تخرج عن تبعية السلطة والرئيس .