يوافق اليوم الذكرى السادسة والخمسون لمذبحة كفر قاسم التي قام بتنفيذها جنود الاحتلال الصهيوني علي قرية أمنة مطمئنة وقتلوا فيها 49 مواطنا من أهلها الأبرياء , أطفالا ونساء, رجالا وشيوخا . لم تكن المجزرة محض صدفة، إنما كان مخططا لها مع سبق الإصرار والترصد، حيث قام بن جوريون رئيس حكومة الكيان الصهيوني ووزير الجيش حينها وبدأ يعد العدة لخوض حرب ضد مصر على الجبهة في سيناء بالتنسيق السري مع بريطانيا وفرنسا.
بداية المذبحة
وفي ذلك اليوم، أعلنت قيادة الجيش الصهيوني الجاثمة على الحدود الصهيونية الأردنية نظام حظر التجول في القرى العربية داخل دولة الاحتلال والمتاخمة للحدود، كفر قاسم، الطيره، كفر برا، جلجولية، الطيبة، قلنسوة، بير السكة وإبثان.
وأوكلت مهمة حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد شموئيل ملينكي، على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش الجاثمة على الحدود يسخار شدمي.
أعطيت الأوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً، وطلب شدمي من ملينكي أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار، وقال له "من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال ولا أريد عواطف".
وجمع ملينكي قواته وأصدر الأوامر الواضحة بتنفيذ منع التجول دون اعتقالات و"من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى".
وزعت المجموعات على القرى العربية في المثلث، واتجهت مجموعة بقيادة الملازم جبريئل دهان إلى قرية كفر قاسم، ووزع هذا مجموعته إلى أربع زمر، جثمت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة.
في الساعة 16:30 من اليوم نفسه استدعى رقيب من حرس الحدود مختار كفر قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ الأهالي، قال المختار إن 400 شخصاً يعملون خارج القرية ولم يعودوا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، فوعد الرقيب أن يدع العائدين يمرون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة.
في الخامسة مساء بدأت المذبحة طرف القرية الغربي حيث جثمت وحدة العريف شلوم عوفر، فارتقى 43 شهيداً، وفي الطرف الشمالي ارتقى 3 شهداء، وفي داخل القرية ارتقى شهيدان.
أما في القرى الأخرى، فسقط صبي عمره 11 سنة شهيداً في الطيبة، وكان من بين الشهداء في كفر قاسم 10 أطفال و 9 نساء وقد أعلنت الحكومة الإسرائلية بداء التحقيق .
تحقيق مزيف
توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية, واستطاع عضوا الكنيست توفيق طوبي ومئبر فلنر اختراق الحصار المفروض على المنطقة يوم 20/11/1956 ونقلا الأخبار إلى الصحافي أوري أفنيري.
استمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين. في 16/10/1958 صدرت بحقهم الأحكام التالية: حكم على الرائد شوئل ملينكي بالسجن مدة 17 عاماً وعلى جبريئل دهان وشلوم عوفر بالسجن 15 عاماً بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربياً، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربياً.
لم تبق العقوبات على حالها. قررت محكمة الاستئناف تخفيف الأحكام : ملينكي – 14 عاماً، دهان 10 أعوام، عوفر 9 أعوام, وجاء بعد ذلك قائد الأركان وخفض الأحكام إلى 10 أعوام لملينكي، 8 لعوفر و 4 أعوام لسائر القتلة. ثم جاء دور رئيس الدولة الذي خفض الحكم إلى 5 أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان.
ثم أمرت لجنة تسريح المسجونين بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين, وهكذا أطلق سراح آخرهم في مطلع عام 1960.
أما العقيد يسخار شدمي صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قدم للمحاكمة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش (إسرائيلي) واحد.
كان ذلك في اليوم الذي بدأت فيه حرب العدوان الثلاثي على مصر, بعدها جرى تعيين أحد الجزارين كمسئول عن شؤون السكان العرب في يافا بصفته صاحب خبرة في التعامل مع العرب.
ذكري المذبحة والواقع اليوم
واليوم تقوم الجماهير العربية في فلسطين وخارج فلسطين بإحياء ذكرى المجزرة والتنديد بها وبمسبباتها ونتذكر معا الضحايا الأبرياء ، حتى لا تتكرر مثل هذه الجريمة، لما تمثله من نقطة هامة في نضال الجماهير العربية الفلسطينية وحفاظها على الهوية القومية وحقوقها على تراب هذا الوطن ومن أجل الصمود والتطور والنمو والمساواة التامة في الحقوق.
وبعد مرور عشرات السنين على مجزرة كفر قاسم ما زالت سياسة إسرائيل هي هي , وسياسة الحرب مستمرة، ويسقط يوميا ضحايا أبرياء من المدنين أطفالا ونساء وشيوخ ورجالا في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وأخرها ما يحدث في غزة الأن من غارات إسرائيلية يسقط فيها ضحايا مدنيين أبرياء ,