المصريون عرفوا الأعياد في فترة مبكرة جداً من تاريخهم، ومنذ الفراعنة كان العيد مرتبط بالدين الذي يعني المعتقد، القائم على تقديم القرابين، كذلك ارتبط عيد المصري القديم بعلاقته بالرب، وتوارث الشعب المصري من أجداده الفراعنة حب الاحتفال، فأصبح شعباً بطبعه احتفالي، ولا يوجد احتفال لدى الفراعنة قديماً دونما غناء أو آلات، كاحتفاله بمواسم الحصاد والبذر والربيع وغيرها، وكانت هناك أعياد للموتى وهي التي تطورت فيما بعد لتصبح الموالد. هذا ما يؤكده الباحث والشاعر مسعود شومان الذي يرى أن احتفالات المسلمين والمسيحيين بأعيادهم واحدة، فيتشابه غناء من يزور بيت المقدس من المسيحيين، مع من يذهب إلى حج بيت الله الحرام، نفس الإيقاع والنغمات، في شكل تتماهى فيه الطقوس المسيحية والإسلامية مع اختلافات في الكلمات التي تخص الديانتين.
ويعد عيد الأضحى من أكثر الأعياد التي تلقى اهتماما ليس فقط عند المصريين بل في مختلف الدول العربية والإسلامية، لارتباطه بمناسك الحج التي ما أن تنتهي حتى تبدأ عملية الذبح وتقديم الأضحية، والثقافة الشعبية تحتفل بالعيد علي طريقتها الخاصة، مثل ترديد الأغنيات التي تحتفل بقدوم الأعياد مثل: "يا برتقان أحمر وجديد.. بكرة الوقفة وبعده العيد" وأغنية " يابرتقان أحمر وصغير.. بكرة الوقفة وبعده نغير".
لا يمكن الحديث عن العيد الكبير دون الإشارة إلى أغاني "حنون الحجاج" وهي أغنيات تنشد قبل وأثناء وبعد تأدية شعائر الحج، وهو غناء يغلب عليه طابع الحزن كما في أغنيات يوم الحنة ذلك اليوم الذي يسبق الزواج، والموت، وهي ثلاث حالات - يقصد الحج والحنة والموت – لها نفس الإيقاع لأن كل منها يمثل رحلة عبور من مرحلة إلى أخرى، وكأن صاحبها يودع عمراً فاته لينتقل إلى مرحلة جديدة.
ويضيف شومان: أغنيات الحج بدأت تختفي مثل "رايحة فين يا حاجة.. يا أم شال قطيفة.. رايحة ازور النبي والكعبة الشريفة" وهذه الأغاني تغنيها السيدات في جلساتهن المسائية التي عادة ما تبدأ ب"العديد" لوداع الحجاج المسافرين.
وحول الطقوس الخاصة بالذبائح يقول شومان أن هناك من يلون الأضحية كنوع من الوسم أو العلامة من أجل تمييزها، والبعض يفعل ذلك من أجل إشاعة البهجة في نفوس الصغار، كذلك غمس الكفوف في دماء الذبيحة وطبعها على الجدران هو طقس قديم، حيث كان في الزمن البعيد لكل قبيلة "طوطم" أو شعار مقتبس من الحيوانات، وهذه القبائل تحتفظ ببعض أجزاء تلك الحيوانات التي تقتبس منها شعارها، ونظراً لعدم وجود أضحية ودماء كل يوم، يحرص المصريون على تعليق الكفوف في السيارات والمنازل بأشكال حديثة لدرأ الحسد.
ومن العادات المتعلقة بالذبيحة كذلك أكل الكبدة نيئة في اعتقاد أن هذا يمنح القوة والصحة للجسم، وفي نفس الوقت لها قيمة غذائية أعلى إذا كانت الذبيحة تتمتع بصحة جيدة.
ويشير شومان إلي تراجع الاحتفاء نسبيا ببعض العادات مثل خبز الكحك ونقشه في العيد الصغير، ويقول: كانت ترتبط بطقس الذبح بعض الأغان والعادات مثل تناول الكبدة في الصباح، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى بعض العادات التي لا تزال مستمرة، مثل إحضار الأسر للتسالي من وترمس وشيكولاتة طوال أيام العيد بالمنزل.
ويرى الباحث أن الريف لا يزال قادراً على الاحتفال بالأعياد بشكل أكبر من المدينة، ويأمل أن تكون الأعياد فرصة لإعلاء قيم التسامح والرحمة، مشيراً إلى أن الانشغال بالهم العام سيأخذ الناس من احتفالاتهم بالعيد، واستمتاعهم به.