تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، تحتفل المملكة العربية السعودية اليوم الأحد، الموافق 23 سبتمبر، بالذكرى الثانية والثمانين لليوم الوطني لتحرير المملكة، وهو يوم صدور مرسوم الملك عبد العزيز بتوحيد المملكة العربية السعودية. فبعد جهاد استمر اثنين وثلاثين عاما أرسى خلالها قواعد هذا البنيان على هدي كتاب الله الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، أعلن الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في مثل هذا اليوم، توحيد القبائل العربية المتناثرة في نجد والحجاز وغيرها من المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية في كيان واحد هو المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
أجازة رسمية
ولما تلقاه هذه الذكرى من مظاهر متعددة للاحتفال، فقد صدر أمراً ملكياً باعتبار هذا اليوم أجازة رسمية في المدارس والجامعات والشركات والمصالح الحكومية.
وحول مظاهر احتفال السعوديين بهذه الذكرى، فقد تعددت ألوانها في مختلف أنحاء المملكة، وسط استعدادات أمنية مختلفة، فكان للصحف السعودية طريقة مختلفة هذا العام للتعبير عن هذا الاحتفال، حيث اكتست الصحف السعودية الصادرة اليوم الأحد، باللون الأخضر، وهو لون العلم السعودى الذى يتوسطه شهادة التوحيد "لاإله إلا الله، محمد رسول الله".
وقالت الصحف في افتتاحياتها اليوم: "تحتفل المملكة اليوم الأحد بالذكرى الثانيَّة والثمانين ليومها الوطني المجيد ، ففي مثل هذا اليوم من عام 1932م الموافق 1351ه أعلن الملك المؤسس عبد العزيز قيام المملكة العربية السعودية تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلى هدي من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم".
وأجمعت الصحف السعودية على أنه منذ ذلك التاريخ والمملكة تعيش في رخاء وأمن واستقرار، مؤكدة أهمية توحيد الصف والوقوف بكل حزم أمام ما يمكن أن يمس وحدة الوطن وفقا لأي أسس مذهبية أو فكرية أو مناطقية.
وتحت عنوان "ثمانية عقود من الفعل.. والتفاعل"، قالت صحيفة "الرياض": "اثنان وثمانون عاما مرت على توحيد كياننا الكبير، فقد عمل المؤسس العظيم على حشد وطني غير مسبوق ليأتي التتويج عظيما، وهي الوحدة الفعلية التي قامت على قناعة بين المواطن والقائد".
ولفتت إلى أن الطرق لم تكن سهلة في ظرف تاريخي، وجغرافي معقدين، وإمكانات شحيحة، غير أن الإرادة والتصميم كانا الهدف الأسمى الذي تغلب على كل العقبات .
وقالت صحيفة "عكاظ" " اليوم يجدد السعوديون في هذه الذكرى الخالدة تقديرهم وإعجابهم بما حققه الوطن تحت قيادة مخلصة تعاقب ملوكها على حفظ العهود وصيانة العرض وحماية التقدم نحو آفاق التنمية والأمن والاستقرار".
ارتفاع سعر العلم
وكشفت جولة لصحيفة "الجزيرة" عن ارتفاع سعر العلم السعودي في ذكرى اليوم الوطنى إلى 15 ريالا ، أضعاف سعره الأصلى ، ولم يتوقف الارتفاع على سعر العلم السعودي وإنما شمل ذلك الكاسات الخضراء والدفاتر وتعليقات وميداليات خضراء.
وأكد التجار أن هذا الارتفاع في أسعار الرموز الوطنية الخضراء أمر طبيعى في ذكرى يوم ميلاد الوطن .
احتفالات العاصمة
وكما تزينت الصحف باللون الأخضر، فكانت اختفالات المدن متعددة ففي العاصمة تنطلق فعاليات برنامج الاحتفالات التي تقام في 7 مواقع للعائلات والشباب والرجال والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
واكتظت ملاهي الأطفال بالعائلات لتتشارك الأسر الجلوس في أقسام المطاعم والمقاهي المنتشرة في أغلب المراكز التجارية، التي استغلت فترة الأجازة لترويج بضائعها بتخفيضات تغري جميع السيدات للشراء.
ولتسهيل حركة المرور فجندت إدارة المرور بالرياض كافة إمكاناتها، من خلال إعداد خطة سير شاملة لتنظيم حركة المرور ومباشرة الحوادث.
فيلم وثائقي
وفي مكة وهي العاصمة المقدسة، ستقيم احتفالاتها على أرض مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية بالشرائع.
وتشمل فقرات الحفل على فيلم وثائقي يحتوي على كلمات لملوك المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز مرورًا بالملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله جميعًا ووصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله.
كما سيشتمل على فقرة تحكي مسيرة العلم السعودي والمراحل التي مر من خلالها حتى وصل الآن إلى شكله النهائي من خلال محاكاة ذلك عبر فيلم وثائقي.
وفي جدة، فقد أعلنت عدة جهات حكومية استعدادها للحتفالية، ابتداءً من كورنيش جدة والميادين العامة مرورا بالطرق الرئيسة والمحاور الأساسية، وقد انتشرت موائد وولائم الفرح في المجتمع الجداوي، على طاولات خضراء في منزل كبير العائلة.
وفي شمال جدة، تقام احتفالية كبيرة في مهرجان "حب وولاء" الذي يشهد تجمعا للسيارات المعدلة الكلاسيكية والرياضية بمشاركة سعودية وعالمية ل80 سيارة ودراجة نارية على مساحة أكثر من ألف متر مربع خارج مركز “رد سي مول” بجدة.
وتشارك الفرق الشعبية أيضاً في تلك الاحتفالات بفقرات فنية تمثل كافة مناطق المملكة، إلى جانب معرض مفتوح للفنانين التشكيليين وعروض الضوء والصوت ومسابقات ثقافية مرتبطة بهذه المناسبة الوطنية في مهرجان “يا وطن غالي” الذي يقام في متنزه الشلال بجدة.
أطول وثيقة ولاء
من جانبه، يشهد أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد، مساءَ اليوم، الاحتفال الكبير الذي تنظمة الإمارة بساحة البحار بمناسبة اليوم الوطني ال 82.
ودعا أمير عسير، عموم أهالي المنطقة للمشاركة في الاحتفال، مشيراً إلى أن أهالي منطقة عسير سيقدمون في هذه الليلة من خلال مجلس شباب منطقة عسير أطول وثيقة ولاء وانتماء خطت بأيديهم هدية لوالدهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره وذلك كاطول وثيقة إذ يصل طولها إلى 1000 متر.
العلماء يحذرون
وحول تلك الاحتفالات، فقد أجازها علماء سعوديون، وأكدوا أن إظهار الفرح في اليوم الوطني مباح، ولكن حذروا في الوقت نفسه من إثارة الفوضى والشغب في اليوم الوطني وإزعاج الناس.
وقال العلماء: "إن اليوم الوطني هو يوم شكر للنعمة التي من الله بها على هذه البلاد بالأمن والاستقرار والطمأنينة واستذكار اليوم الذي توحدت فيه هذه البلاد من الشتات وقامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم".
ووصف العلماء إثارة الفوضى والشغب وارتكاب الأفعال المشينة وإزعاج الناس في اليوم الوطني بأنه جحود وكفر بالنعمة وإفساد في الأرض ومخالفة لأوامر الله ومن ثم ولاة الأمر.
ونصح مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بالالتزام بالآداب والأخلاق الإسلامية وشكر الله في هذا اليوم، مشددا على ضرورة البعد عن الترهات والأمور التي لا تليق بهم. وأكد أهمية أن لا يتحول اليوم الوطني إلى يوم للأفعال الخاطئة والتصرفات التي لا تليق بشباب الحرمين.
الوحدة وحسن الجوار
وفي ذلك اليوم كما ذكر المؤرخون، فقد أرسى الملك عبد العزيز أرسى دعائم الوحدة، التي كانت هي المرتكز الأساسي للنهضة التي تعيشها السعودية اليوم. وسار أبناء عبد العزيز الذين تولوا الحكم من بعده على درب أبيهم وهم: "سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله" في سياساته الخارجية وفي الحفاظ على هذا الكيان الوحدوي، واستغلال عوائد الثروة البترولية في إقامة نهضة اقتصادية شاملة بالاستعانة بالخبرات من الخارج في مختلف التخصصات وهو ما جعل من المملكة العربية السعودية واحدة من أقوى الاقتصاديات العربية أن لم تكن أقواها بالفعل.
وحرصت السعودية على إقامة علاقات حسن جوار مع كافة دول المنطقة وعلاقات طيبة مع مختلف دول العالم على مدى هذه العقود الثمانية وهو ما جعلها تتمتع بدرجة عالية من الاستقرار في منطقة تموج بالصراعات.