بدأ مسئولون أتراك وأميركيون الخميس، الاجتماع الأوّل للتخطيط لعمليّات طارئة تتعلق بالأزمة السورية، بينها إمكان إنشاء منطقة عازلة وحظر للطيران.إلى ذلك، اعتبر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان أمس، أنّ إنشاء منطقة حظر جوّي فوق قسم مِن الأراضي السوريّة، مُقترَح «يستحقّ الدرس»، فيما دعا وزير الخارجيّة الفرنسيّة لوران فابيوس، الدول المُجاورة لسوريا إلى المشاركة في اجتماع وزاري لمجلس الأمن الدولي. تركّز البحث خلال الاجتماع التركي - الأميركي في أنقرة على تنسيق الردود العسكريّة والاستخباريّة والسياسيّة على أعمال العُنف في سوريا، فضلاً عَن خطط الطوارئ التي يمكن تطبيقها في حال تهديد النظام السوري باستخدام سلاح كيماوي، وهو ما اعتبره أوباما قبل أيّام "خطّاً أحمر".
ومن القضايا التي طرحت أيضاً، احتمال استغلال عناصر حزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة أيّ فراغ للسلطة في سوريا، حيث سبق أن أكّدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للأتراك، تصميم واشنطن على ألّا تتحوَّل سوريا إلى ملجأ لحزب العمال.
وأشار مصدر دبلوماسي إلى أن "الاجتماع مهمّ للغاية، حيث تم تبادل الآراء والمعلومات الاستخباريّة المتعلقة بسوريا"، مضيفاً أنّ "الإدارة الأميركيّة بدأت تنظر في جدّية وحساسّية للأزمة السورية، على رغم انتخاباتها الرئاسيّة القريبة".
وأضاف أنّ "الاجتماع تطرّق إلى إنشاء منطقة عازلة على الحدود مع سوريا، في حال استمرار زيادة أعداد الهجرة الجماعيّة من سوريا إلى تركيا. ثمّ إلى المساعدات الإنسانية التي ستُقدَّم داخل الأراضي السورية في حال تسجيل مزيد من التدهور في الوضع السوري.
ويقول متابعون لشؤون المنطقة إن هذا الاجتماع يشكل حلقة جديدة من حلقات التنسيق الأميركيّة السرّية مع دول عديدة في المنطقة أبدَت رغبتها في إسقاط نظام الأسد، بينها تركيا.
كذلك، يأتي الاجتماع تتويجاً لاستعدادات عسكريّة ضخمة شاركت فيها غالبيّة الدول التي ترغب في إنهاء النظام السوري.
وترأس الوفد التركي إلى الاجتماع نائب وزير الخارجية التركي هاليت جيفيك، بينما ترأست الوفد الأميركي السفيرة الأميركية إليزابيث جونز.
وضمّ وفدا البلدين رجال استخبارات ومسؤولين عسكريين ودبلوماسيين. وكانت كلينتون أعلنت مع نظيرها التركي أحمد داود أوغلو في الحادي عشر من الشهر الجاري عن عقد اجتماعات مشتركة لتسريع إطاحة نظام الأسد، وتحدّثت أيضاً عن إمكان فرض حظر جوّي جزئي فوق سوريا.
وفي سياق الاجتماع، ذكرت مصادر تركية أن التحركات العسكرية التي تشهدها الحدود التركية مع سوريا تأتي في إطار السعي لإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا، وفرض حظر طيران فوق أراضيها.
وكان أوغلو أعلن منذ أشهر، أنّ إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، يقتضي وجود 100000 من النازحين السوريّين على الأراضي التركيّة، ولذلك فإنّ تصريحاته الأخيرة في شأن وصول العدد إلى 70000 تعتبر ضوءاً أخضر لتنفيذ المخطط التركي وفق آراء المحللين السياسيين، وهو المخطط الذي تدعمه كلينتون التي وافقت عليه ضمنياً في آخر لقاء لهما في أنقرة خلال آب الجاري، على رغم تحفظ البنتاغون على ذلك.
لكن التحركات العسكرية التركية على الحدود مع سوريا تشير الى رغبة حكومة رجب طيب أردوغان في عمل عسكري ما.
وكانت قاعدة كونيا الجوية التركية استضافت في منتصف حزيران، أي مباشرة بعد الانتهاء من تدريبات "الأسد المتأهب" في الأردن، مناورات "نسر الأناضول 2 - 2012"، بمشاركة قوات أميركية وأطلسية جوية من السعودية والأردن وباكستان وإيطاليا، إضافة إلى تركيا التي شاركت بكُلّ منظوماتها وأسرابها المقاتلة.
ويُتوقّع أن تمتدّ المنطقة العازلة في عُمق يتراوح بين 10 و20 كلم داخل الأراضي السوريّة ابتداءً من محيط ضواحي حلب في أعزاز، وصولاً حتّى الحدود التُركيّة - السوريّة - العراقيّة بعد القامشلي.
قلق دولي
ومن جهة أخرى، قال المتحدث باسم الخارجيّة الأميركيّة رايان كليها أمس، إن استمرار العنف في سوريا يقوّي الجماعات الجهادية، ما يثير قلق المجتمع الدولي، لافتاً إلى أن مستقبل سوريا يقرره شعبها وليس أيّ طرف خارجي مثل هذه الجماعات.
ونفى قطعاً في حديث لوكالة "يونايتد برس إنترناشيونال"، أن يكون أوباما بدأ يميل إلى الخيار العسكري في سوريا بعد تحذيره نظامها في شأن الأسلحة الكيماوية، مضيفاً: "بدأنا عملية النظر في الخطط للمرحلة الحالية، لكننا لم نتخذ أي قرار".
وأشار المتحدث إلى أن بلاده قدّمت للمعارضة السورية مساعدات غير عسكرية، مثل أجهزة اتصالات بقيمة 28 مليون دولار، إلى جانب أكثر من 82 مليون دولار من المساعدات الإغاثة.
أمّا في شأن إمكان تغيير روسيا موقفها إزاء سوريا في الإجتماع المقبل لمجلس الأمن الدولي، فقال رايان: "نحن لم نوقف الحوار مع موسكو في شأن الأزمة السورية، حيث زارت وكيلة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ويندي شيرمان روسيا والصين وأجرت محادثات معهما".
مراقبة
إلى ذلك، نقل عن مسؤولين أميركيين، أن وزارة الدفاع (البنتاغون) أعدت خططاً طارئة لإرسال قوات خاصة إلى سوريا إذا ما قرر البيت الأبيض تأمين مستودعات الأسلحة الكيماوية،
وأن البنتاغون يركّز على حماية أو تدمير أي أسلحة تترك بلا حراسة أو تكون عرضة للسقوط في أيدي مقاتلي المعارضة أو ميليشيات متصلة بالقاعدة أو "حزب الله" أو جماعات مسلحة.
كما نقل أن الأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع تُراقب حالياً مستودعات الأسلحة الكيماوية جُزئيّاً.
وكان مكتب رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون أعلن أمس الأول أن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بحثت في سبل تعزيز المعارضة السورية، حيث اتفق كاميرون وأوباما على أن استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية أو التهديد باستخدامها "غير مقبول إطلاقاً" وسيجبرهما على "إعادة النظر في أسلوب تعاملهما" مع الصراع.
وسط هذه التطوّرات، استبعَد وزير الدفاع الفرنسي لو دريان إقامة منطقة حظر جَوّي "شاملة" فوق سوريا، مُعتبراً أنّ "هذا يعني مَنع أيّ تحليق فَوق الأراضي السوريَّة، وبالتالي الدُخول في حرب (...) لا يُمكن تنفيذ ذلك، إلّا في وجود تحالف دولي قادر على اتّخاذ القرار. وحتّى الآن، لا تحالُف دوليّاً مُماثلاً".
لكنّه أوضح في المُقابل، أنّ "إنشاء منطقة حظر مُحدَّدة، وهو مُقترح وزيرة الخارجيَّة الأميركيَّة هيلاري كلينتون، يستحقّ الدرس".
ولاحقاً قال فابيوس خلال مُؤتمر صحافي: "طلبتُ مِن وزراء خارجيَّة الدول المُجاورة لسوريا، حُضور الإجتماع الوزاري لمجلس الأمن في 30 آب في نيويورك، والذي سيُخصَّص للبحث في المُساعدة الإنسانيَّة للمدنيّين السوريّين".
وشدَّد على ضرورة "تأمين مَدخل إنساني داخل سوريا"، مِن دون أن يوضِح كيف. وأوضح أنّ الإجتماع الذي تُنظِّمه فرنسا بصفتها رئيسة مجلس الأمن الدولي خلال الشهر الجاري، سيُركِّز على الجوانب الإنسانيَّة في سوريا وَلَفْت انتباه الرأي العام إليها"، مُجدِّداً التأكيد أنّه "لا يُمكن اتّخاذ أيّ قرار بتدخُّل عسكري في هذا البلد، إلّا تحت غطاء الشرعيَّة الدوليَّة للأمم المُتَّحدة". مواد متعلقة: 1. سقوط قذيفة على قرية لبنانية على الحدود مع سوريا 2. بعدما خزلتها عسكرياً..الصين تتراجع وتعوض سوريا مادياً 3. حصيلة اليوم في سوريا.. 197 قتيلا ومعارك مستمرة بين الجيشين النظامي والحر