أكد رئيس تحرير صحيفة هاآرتس الإسرائيلية في مقال له اليوم الخميس للتعقيب على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام المؤتمر السنوي للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك" أن خطاب نتنياهو يشبه التحضير للحرب، ويتصرف وكأنه يحضر للحرب، ويشعوذ وكأنه يستعد للحرب، إنه يحضر للحرب بالتأكيد. وذكر الصحفي الإسرائيلي أنه منذ عودة نتنياهو من واشنطن فإنه بدا بصورة ما منشغلا بشيء واحد ألا وهو إعداد الرأي العام في إسرائيل للحرب ضد إيران.
وقال إن نتنياهو يسعى لإقناع الجمهور الإسرائيلي بأن التهديد الإيراني هو تهديد ملموس وواقعي، وأنه لا يوجد سوى طريقة واحدة فعالة لوقفه ومنع حدوث "محرقة ثانية" ألا وهو هجوم عسكري إسرائيلي على البنية التحتية النووية الإيرانية، والتي تقبع في أعماق الأرض الإيرانية.
وأشار رئيس تحرير هاآرتس إلى أن نتنياهو في خطابه أمام الكنيست أمس الأربعاء حث زملاءه على رفض المزاعم التي تصف إسرائيل بأنها أضعف من أن تدخل بمفردها في حرب ضد قوة إقليمية مثل إيران وتحتاج بالتالي إلى الاعتماد على الولاياتالمتحدة التي لديها قدرات عسكرية أكبر بكثير للقيام بهذه المهمة وإزالة هذا التهديد.
ووفقا لاستطلاعات الرأي نشرت الأسبوع الماضي، فإن هذا هو موقف معظم الشعب الإسرائيلي، الذي يؤيد هجوما تدعمه الولاياتالمتحدة على إيران، ولكن لديهم قلقا من إرسال الجيش الإسرائيلي لهذه المهمة من دون دعم من الدولة العظمى الحليفة.
وقد قدم نتنياهو ثلاثة أمثلة في ما فعله أسلافه في عدم الانصياع للتوجيهات الأمريكية واتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبل إسرائيل وهي: إعلان الاستقلال في عام 1948، وشن حرب الأيام الستة في عام 1967 وقصف المفاعل النووي العراقي في عام 1981.
وأضاف رئيس تحرير هاآرتس أن الدرس كان واضحا: وهو أن دافيد بن جوريون، ليفي أشكول ومناحيم بيجين قالوا "لا" للبيت الأبيض، ولذا فإن نتنياهو أيضا ليس في حاجة للشعور بالذعر من معارضة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى شن هجوم على إيران. ويعتقد نتنياهو أنه كما هو الحال في الحوادث السابقة، أن أمريكا يمكن أن تتذمر في بداية الأمر ولكنها سرعان ما تتخذ القرار بتبني الموقف الإسرائيلي وتوفر لإسرائيل الدعم والمساندة أمام المجتمع الدولي.
وأوضح الكاتب أنه إذا كان نتنياهو قد قدم خطابه في ورقة اختبار لوالده الأستاذ في التاريخ، لكان قد حصل على درجة سيئة للغاية. ففي عام 1948، فإن وزارة الخارجية الأمريكية برئاسة جورج مارشال، عارضت إعلان الاستقلال ودعمت وصاية الأممالمتحدة على فلسطين. غير أنه كانت للرئيس ترومان اعتبارات أخرى.
وأضاف أنه مثل أوباما في وقتنا الحاضر كان ترومان أيضا رئيسا ديمقراطيا ينافس من أجل إعادة انتخابه وكان في حاجة لدعم الناخبين اليهود والجهات المانحة. في ظل هذه الظروف، رفض ترومان نصيحة مارشال، واستمع إلى مستشاره السياسي كلارك كليفورد، الذي ضغط عليه للاعتراف بالدولة الصهيونية. وبالفعل، أرسل ترومان برقية تتضمن الاعتراف الرسمي بدولة إسرائيل فقط بعد 11 دقيقة من انتهاء بن جوريون من قراءة بيان الاستقلال، وأن معارضة الولاياتالمتحدة للاعتراف بإسرائيل توقفت في مكتب الرئيس، الذي تصدى لإيضاحات وزير الخارجية، و "المستعربين" في مكتبه.
وأشار رئيس تحرير صحيفة ها آرتس الإسرائيلية إلى انه في عام 1967، فإن الموقف الأمريكي الرسمي دعا إسرائيل إلى التوقف والامتناع عن الدخول في الحرب، ولكن كانت هناك رسالة مختلفة جاءت عبر القنوات السرية: مفادها تقدموا "اقصفوا ناصر بالقنابل "، وذلك وفقا لما ذكره مبعوثو ليفي أشكول في واشنطن، أميت مائير وهارمان أبراهام. وتم تقييم هذه الرسالة لصالح قرار شن الحرب ضد مصر . بينما في عام 1981، فإن بيجين لم يزعج الأمريكيين بطلب رأيهم قبل مهاجمة العراق، ولكن غافلهم وشن هجوما مفاجئا.
وأكد أنه في هذه الحوادث الماضية، عملت إسرائيل ضد موقف الولاياتالمتحدة رسميا، ولكن تأكدوا من أن الأمريكيين قبلوا ما ستسفر عنه تلك الأعمال ودعموها في الماضي. وفي الواقع، فإن الولاياتالمتحدة اعترفت بإسرائيل في عام 1948، وسمح لها للسيطرة على الأراضي التي ضمتها في عام 1967، وعملت على إضعاف الانتقادات للهجوم على مفاعل العراق النووي في عام 1981.
وقال رئيس تحرير صحيفة هاآرتس انه ما دام الأمر كذلك، فقد ألمح نتنياهو إلى أنه حصل خلال زيارته لواشنطن على موافقة أوباما الضمنية للهجوم الإسرائيلي ضد إيران تحت ستار المعارضة الرسمية العلنية. وأن أوباما سوف يعرب علنا رفضه لذلك، ولكنه سيعمل من أجل تحقيق ذلك، تماما كما في الماضي فإن الإدارات الأمريكية تتحدث ضد بناء المستوطنات على الأراضي ولكنها تسمح بتوسعها.
وختم رئيس تحرير صحيفة هاآرتس مقاله بالقول: وعلى هذا النحو فقد لخص نتنياهو الزيارة قائلا: " لقد أبلغت مضيفي بالأمثلة التي ذكرت آنفا، وأعتقد أن الهدف الأول الذي أعلنته لتأمين الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأعتقد أن الهدف قد تحقق".