حبس وغرامة، نص تصديق السيسي على تعديل بعض أحكام قانون الموارد المائية والري    نقابة المعلمين بعد واقعة محافظ المنيا: المعلم ركيزة العملية التعليمية واحترامه واجب مجتمعي    ميناء الإسكندرية يستقبل السفينة السياحية الهولندية MS Oosterdam قادمة من اليونان    "قناة السويس" و"التمثيل التجاري" يبحثان آفاق التعاون في التسويق الخارجي وتوطين الصناعة البحرية    إيران: المحادثات مع وكالة الطاقة الذرية ستكون تقنية ومعقدة    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    رومينيجه يشيد ببطولة كأس العالم للأندية    بعد قرار اتحاد الكرة.. الأهلي أول الأندية حصولا علي كارنيهات جهازه الفني بعد تقديم رخص التدريب    ضبط صبي لترويعه الفتيات ب كلب في الجيزة    السائق شريك في الجريمة.. ضبط المتهمين بسرقة سيارة محملة ب1.5 طن نحاس خردة في الجيزة    موجة شديدة الحرارة تضرب مصر ودرجات الحرارة تصل إلى 49 جنوب الصعيد    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الأوبرا تُدشن هاشتاج خاصا بفعاليات مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 33    ذكرى رحيل نور الشريف... ناظر مدرسة الفن والإبداع    قبل طرحه الأربعاء المقبل.. تعرف على شخصيات فيلم درويش    هيئة الدواء المصرية توضح طرق إدخال الأدوية للجسم    فوائد الرجلة، غنية بالأوميجا 3 وتعزز صحة النظر وتحمى من السرطان    مصر تواجه تونس فى البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    هل يشارك أحمد فتوح في مباراة الزمالك القادمة بعد تدخل زملائه للعفو عنه؟ اعرف التفاصيل    جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز بعد نهاية الجولة الأولى    أشرف بن شرقي يقترب من تشكيل الأهلى أمام فاركو فى الدوري    مدبولى يتابع الموقف التنفيذى لتوفير تغذية كهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    وزارة التربية والتعليم تشارك جميع المناهج المطوّرة على موقعها الرسمي    محافظ أسيوط يشهد تسليم تعويضات مالية لسكان عرب المدابغ    ترامب يطالب بالتحرك الفوري لإبعاد المشردين عن العاصمة واشنطن    ضبط سائق للنقل الذكي تعدى على سيدة خلال رحلتها بمدينة 6 أكتوبر    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    أوكرانيا والسويد تعدان مشروعًا لتطوير الطيران القتالي    إعلام إسرائيلى: الجيش سيعرض خلال أسبوعين خطة شاملة لاحتلال قطاع غزة    في إنفوجرافات لمجلس الوزراء : مصر ضمن 7 دول للاستفادة من برنامج صندوق الاستثمار فى المناخ    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    شباب كفر الشيخ يحصد المركز الأول فى الفنون الشعبية والنحت والدورى الثقافى فى "إبداع"    وزير المالية: دعم جهود تمكين القطاع الخاص المصري مع التركيز على التوسع والنفاذ إلى الأسواق الأفريقية    شوبير يكشف موقف إمام عاشور من المشاركة أمام فاركو: اللاعب يسعى لصناعة المفاجأة    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 40.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 26 يومًا    كلية طب قصر العينى تطلق مجلة دولية محكمة بالشراكة مع ناشر عالمى    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    وزير الري يؤكد أهمية صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    مؤتمر صحفي لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.. الثلاثاء    السياحة والآثار: وادي الملوك بالأقصر آمن والمقابر لم تتأثر بالحريق    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    انطلاق فعاليات مبادرة "أنا أيضا مسئول" بجامعة جنوب الوادى    شيري عادل تخطف الأضواء وتعتلي منصة التكريم في مهرجان إبداع بحضور وزير الشباب والرياضة وكبار المحافظين    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي في الدوري الممتاز    مسئول أمريكي: تقدم ملموس نحو تسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عزمي بشارة ورؤية تحليلية لمشهد ثورات الربيع العربي - فيديو
نشر في محيط يوم 20 - 12 - 2011

قال الدكتور عزمي بشارة، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن الانتقال السلس للديمقراطية الذي تشهده تونس يرجع إلى أنها دولة ذات مؤسسات قوية، بالإضافة إلى التجانس على مستوى الهوية، وكذلك وجود نخبة تونسية مجربة، مشيرا إلى أن القوى الثورية هي التي تحكم الآن في تونس.

وقد تتحمل القوى الثورية التونسية مسئولية الوضع الاقتصادي الصعب، مضيفا انه من المهم دعمها وتوجيه الاستثمارات نحو تونس، وان يدرك الشعب التونسي أن هذه مرحلة لا تطبق فيها كافة المصالح الجزئية وإنما يجب النظر إلى مجمل مصالح الوطن لان هذه المرحلة انتقالية ضرورية نحو الديمقراطية.

وأشار الدكتور عزمي بشارة في مقابلة مع برنامج "في العمق" المذاع على قناة "الجزيرة" الإخبارية إلى أن تونس تشكل نموذجا ممتاز لا يمكن الاستغناء عنه، حيث انه لا يمكن حكم أي بلد عربي حاليا بالقوة الإسلامية وحدها أو بالقوة العلمانية وحدها، مؤكدا انه من الضروري للانتقال من المراحل الانتقالية بشكل جيد التخلص من هذه الاستقطابات الإيديولوجية.

وأوضح أن نخبة النظام السابق في تونس والتي بقيت بعد رحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي اقتنعت أن النظام انتهى ويجب عليها أن تساهم في الانتقال، ولذلك فإن الفترة التي مرت وكانت فيها بقايا النخبة السابقة التي قادت عملية تسليم السلطة لها دور يجب التأكيد عليه، مشيرا إلى أن من حكم في تونس خلال الفترة الانتقالية هم "برقيبيون" أي أتباع فكر الرئيس السابق بورقيبة، لكنهم أدركوا أن هذا النظام انتهى وان أفضل شئ هو أن يساهموا هم في عملية التحول الديمقراطي.

وأضاف أن القوى التي كانت خارج الشرعية القانونية هي التي تحكم الآن في تونس ورغم أن النظام نشر ثقافة الاستبداد إلا أن المعارضة لم تتبنى ثقافة الاستبداد بل إنها تقبل بالتعددية في المعارضة من قبل توليها السلطة، مشيرا إلى أن التيار الإسلامي التونسي اختط مسارا فكريا يستند إلى المقاصدية يتجه باتجاه المصلحة العامة للمجتمع والنفع العام وعدم تناقض الشريعة والديمقراطية وعدم تناقض الشريعة والعدالة وان هدف الشريعة هو العدالة، وان يعيش البشر بشكل منصف وعادل وان القضية في النهاية كما يقول الله تعالى"الذين آمنوا وعملوا الصالحات" أي الإيمان والعمل الصالح.

وأشار إلى أن العمل الصالح في الدنيا لا يوجد له تفسير إلا العدالة، موضحا أن الشعب التونسي رفض الإقصائيين، كما أن الشعب العربي الذي خرج في الشوارع خرج من اجل الديمقراطية خرج ليحقق انجاز إنساني مثله مثل حقوق الإنسان، مضيفا أن هناك خصوصية ديمقراطية بحسب كل بلد ولكن هناك مبادئ عامة للديمقراطية ليست في حاجة إلى أن تصاغ، ولكن يجب أن يقر الجميع بها.

وأوضح أن الشعوب العربية التي خرجت لم ترد أن تستبدل الاستبداد بايدولوجيا أخرى غير الاستبداد قد تقصي الآخرين وتحكم بدلا من الاستبداد، مشيرا إلى انه من الناحية التاريخية فان حركات المعارضة في الدول العربية هي حركات ايديلوجية مثل أن تكون تابعة للمعسكر الاشتراكي أو قومية أو إسلامية وفي واقع الحال عندما حكمت، فإنها حكمت بشكل استبدادي وفشلت جميعها.

وأشار إلى انه لو كانت الشعوب العربية مقتنعة بحكم أي أيدلوجيا من هذا الأيدلوجيات لصنعت ثورتها منذ فترة طويلة، مضيفا أن الناس في الدول العربية لو سمعت أن هدف الثورة ليس الديمقراطية وإنما الإتيان بأيدلوجيا من هذه الأيدلوجيات لما قامت بهذه الثورات.

وأكد أن ثقافة الديمقراطية مهمة ومساندة لعملية التحول الديمقراطي، ومن الصعب التحول للديمقراطية بدون ثقافة ديمقراطية على الأقل عند حملة التحول والفئات الشعبية الواسعة حوله، ولا يمكن أن يتم تحول ديمقراطي إذا لم يتفق على الهدف، وهو إقامة مؤسسات ديمقراطية تحكمها مجموعة قواعد مقبولة عند الجميع بغض النظر عن أيدلوجياتهم، وهذه القواعد لا تغير بالأغلبية، وهناك مثال عبثي - هو أن يحصل تيار ما على اغلبية ثم تجلس هذه الأغلبية وتصوت لمنع الأقلية من التصويت في المستقبل وتقصيها- ففي هذا المثال فإن هذه الأغلبية هي أغلبية غير ديمقراطية بمعنى أن هناك مبادئ أساسية للديمقراطية لن تخترع كل يوم وإنما هي مستقرة لدى الفطرة الإنسانية وكل الناس تعرفها مثل عدم إقصاء الآخرين.

فعندما خرجت الناس إلى الشوارع فهي تعرف انه لا يجوز اعتقال احد بدون محاكمة ولا يجوز إطلاق النار على المتظاهرين وان تختار ممثليها بشكل دوري وان القضاء يجب أن يكون مستقلا وغير فاسد وغير خاضع للأمن وتعرف انه يجب فصل جهاز الأمن عن المؤسسة السياسية.

وأشار إلى أن ما هو مطلوب الآن هو أن كافة القوى يجب أن تتكلم عن البديل، مضيفا أن الثقافة الاستبدادية التي تهيمن إذا حكمت فترة طويلة فإنها لا تهيمن بواسطة القمع أو شراء الناس فقط، وإنما تهيمن بأن فئات عريضة من المثقفين والمجتمع تتشرب الثقافة الاستبدادية على مستوى التعامل بين المعارضات أو على مستوى التعامل بين المعارضة والدولة.

واوضح أن طليعة الشعوب التي خرجت للثورات نتيجة انتشار وسائل الاتصال و نتيجة التثقيف التدريجي أو للعولمة أو غيرها يعرفون أنهم عندما يهتفون ضد الاستبداد إنما يهتفون للحرية والكرامة بالمعنى السياسي، ولا يمكن ممارستها بدون وجود قواعد ينظمها النظام الديمقراطي أو بمبادئ الديمقراطية وليس فقط بحكم الأغلبية.

وأشار إلى أن هناك خطرين يتم مواجهتهما في المراحل الانتقالية الأول هو أن تحاول قوى سياسية معينة أن تعتبر أن البديل للاستبداد هو هذه القوى السياسية وليست النظام الديمقراطي الذي تتنافس في داخله والخطر الثاني هو أن تدفع فئات نتيجة ديماجوجيا شعبوية للاعتقاد بان مصالحها يجب أن تحل دفعة واحدة الآن قبل بناء المؤسسات وقبل أن يلتقط المجتمع أنفاسه وقبل ان تدور عجلة الاقتصاد، مشيرا إلى أن تونس تجنبت هذين الخطرين.

أما في مصر:
قال الدكتور بشارة انه يرى أن ما يجري الآن في مصر يكاد يكون طبيعي بما في ذلك الصدام مع المجلس العسكري، مشيرا إلى انه يعتقد أن التيار السياسي الذي حصل على الأغلبية الانتخابية في مصر يستحق أن ينتصر وهم "الإخوان المسلمين" ويجب أن يبارك لهم وبقوة لان هذا التيار حافظ على نفسه فترات طويلة في الاستبداد وبنى قواعد شعبية واسعة، ونظم نفسه كحزب سياسي وحاول بالتدريج أن يطور فكره السياسي، وعبر عن اعتقاده انه سيتطور أكثر خلال فترة حكمه.

وأشار إلى إن هذا التيار إن لم يتطور سيفشل وسيواجه إدارة بلد كبير وعظيم مثل مصر بتشعباته ومسؤولياته الدولية والمحلية، وليس أمامه أي خيار سوى إما ان يتغير لكي يكون قادر على خوض هذه التحديات أو الفشل.

وأضاف أن القوى السلفية موجودة في المجتمع ولكن حدث تغيير فيها بطئ وتحتاج إلى وقت ومخاطر للتحول خاصة وان أيدلوجيتها إقصائية، مؤكدا أنها حركات مختلفة - قسم منها لا يتدخل بالسياسة، وقسم مع طاعة ولي الأمر - وهي كلها لم تشارك في الثورة بالتأكيد- وقسم استفاد من ضرب النظام السابق للإخوان المسلمين وفتح المجال اكبر للعمل السلفي الاجتماعي - فمجرد أن تدخل هذه القوى الانتخابات وتدخل إلى الإعلام وتخاطب جماهير واسعة غير إسلامية وبحوارها مع آخرين وبالتدريج ستغير من لغتها، ولا مجال للخوف منها ما دامت تحاول هذه القوى السلفية أن تقنع الآخر ولا تحاول أن تقصيه.

واكد أن هذه القوى ستتغير من خلال حركة تفاعلية من خلال نقدها والحوار معها، ولكن هذه القوى السلفية انفتحت الآن على هذه الصيرورة وهذه الصيرورة تتضمن أن تتظاهر ضد هذا التيار أحيانا وان تنتقده بعنف وان تدخل في خصومة معه ولكنه دخل الصيرورات غير المنغلقة وغير المتطرفة، ولذلك لا يمكن لهم أن يستخدموا الإعلام للتخويف أو أن يستخدموا البرلمان لإقصاء الآخرين حيث أن الإعلام بطبيعته منفتح والبرلمان بطبيعته مكان للكلام للجميع حيث أن كلمة برلمان معناها الحرفي "تكلم".

وبالنسبة إلى المجلس العسكري قال الدكتور بشارة انه في خضم الحماس الإعلامي تم تكبير وتضخيم النقلة التي قام بها الجيش، مشيرا إلى أن النقلة التي قام بها الجيش في خضم الثورة المصرية تعتبر انقلاب عسكري على الرئيس وليس على النظام وبذلك فانه لم يحمي الثورة وإنما قطع الطريق عليها واحتواها فاستبق ثورة على النظام بانقلاب على الرئيس فأصبحت الثورة محمية من قبل جزء من النظام وهو الجيش.

هذا الجزء من النظام وخلافا للحالة التونسية والتي قام فيه جزء من النظام بعملية الانتقال نحو الديمقراطية وأدرك أن نظام بن علي انتهى فإن الجيش المصري وهو القوى الأكبر في النظام السابق والذي هو اكبر بكثير من الجيش التونسي وله مصالح اكبر وهو القوى الأكثر محافظة في النظام - أي الأقل ترحيبا بالتغيير-، كما أن الجميع رحب به واخذ من المديح ما يكفيه لعدة سنوات.

وأشار إلى انه وفي بعض الحالات حاولنا تفسير إحجامه عن التغيير وإعاقة التغيير واستخدام رجال النظام السابق بأنه لا يريد أن يحكم ولا يريد أن يتخذ قرارات حاسمة لا بشان غزة ولا بشان العلاقات مع إيران ولا بشأن التغييرات مع المجتمع المصري ولا بشأن وصول الثوار إلى الحكم أو إعطائهم مناصب لأنه لا يريد أن يتخذ أي قرارات حاسمة لأنه يريد أن تأتي سلطة تنفيذية منتخبة هي التي تقوم بهذه القرارات، موضحا أن هذا التنظير لم يكن بريئا ولكن كان خاطئا.

ولكن الواقع هو دخول الجيش في صدام مع القوى المطالبة بالتغيير بدءا من حكومة احمد شفيق ثم محاكمة مبارك ثم محاكمة الفاسدين وغيرها واتضح انه لا توجد خطوة واحدة تستطيع أن تدفع المجلس العسكري للقيام بها دون إخراج الشعب إلى الشارع، مشيرا إلى أن الناس لم تكن تريد حكومة عصام شرف ليس لأنها غير ثورية، وإنما لأنها غير ثورية بما فيه الكفاية ثم يأتي بحكومة الجنزوري والتي تعتبر من النظام السابق، حتى أن الشعب المصري تداول دعابة تقول أن المجلس العسكري سيعود إلى حكومة تحتمس الأول في المرة القادمة، مشيرا إلى أن هذا يمثل إعلانا من جانب المجلس العسكري عن موقفه المحافظ وعن عدم رغبته في التغيير، وهو الامر الذي أدى إلى صدامات في الشارع.

وأكد أن أداء المجلس العسكري ليس جيدا على الإطلاق، وعلى المجلس العسكري أن يقتنع أن مهمته نقل السلطة وترك الحياة المدنية والسياسية، وان مهمته ليست أن يقوم بالحكم وإنما بحماية النظام الديمقراطي وحماية الجمهورية، وإذا أراد أن يكون مثل حالة الجيش التركي فليكن عليه حماية الجمهورية وحماية الديمقراطية.

وأوضح أن القوى السياسية تستطيع أن تصل مع الجيش إلى وضعه كجيش، ولكن ما يتم الآن لا يستطيع احد أن يقبله، مضيفا أن ما حصل في شارع محمد محمود ثم في القصر العيني لا يمكن قبوله من قتل وضرب بهذه الطريقة بما فيها السحل والهجوم على المستسلمين والمصابين، على الرغم من أن العدو عندما يستسلم يأخذ أسيرا ولا يتم ضربه.

وأضاف أن الجيش يتكلم عن طرف ثالث مع وجود طرف أول يضرب ويصور بالكاميرات يجب أن يحاكم أولا، ثانيا فان أي ليبرالي مصري متحالف مع المجلس العسكري يجب أن يطالب الآن بتطبيق قضية حقوق المواطن وحقوق الإنسان بشأن نوع القمع الذي يتم الآن، مشيرا إلى ان هذه هي قضية الثورة الأولى، وهذا هو الامتحان الحقيقي للثورة المصرية لتطبيق حقوق الإنسان والمواطن.

وبالنسبة إلى الملف القبطي المصري قال الدكتور بشارة أنه بكلمة الأقليات تبدأ بادراك الخطأ لأن الأقباط هم مصريون وجزء من الأغلبية المصرية ومن عمقها الحضاري، فبمجرد التعامل من منطلق نحن سنعطيهم أو سنتسامح معهم يبدأ الخطأ، مشيرا إلى أن المسلم أو القبطي أو السني أو الشيعي في الأوطان العربية هم جزء لا يتجزأ من الأمة المواطنية لا يحتاج احد أن يتسامح معه وإنما هذه هي حقوقه.

وأشار إلى أن الطوائف التي تنتظم في أحزاب سياسية تعتبر خطر لأنه يحول الهويات المولودة إلى فكر سياسي أي يستعيض عن الموقف السياسي المتعلق بمصلحة الوطن ككل إلى موقف سياسي متعلق بمصلحة طائفة معينة فقط، وبالتالي فإن ذلك ينشأ حالة من الاحتراب الأهلي والطائفي منظمة انتخابيا، لأنه يصبح الموضوع ليس مصلحة البلد وإنما حصة كل طرف من هذا البلد ويصبح هناك صراع على الحصص.

وأكد انه في مرحلة معينة فإن النظام دفع إلى الطائفية والمؤسسة القبطية دفعت باتجاه التمترس وراء المؤسسة الكنسية، ولكن النظام دفع باتجاه ذلك منذ الخمسينيات فنتيجة للصراع مع الإسلاميين كان النظام يزايد على الإسلاميين في القضايا التي من هذا النوع وشجع أنواع من الإسلام الطائفي أو الشعبي تجاه الإسلاميين.

وأوضح أن الإسلاميين الآن ليسوا في حاجة إلى أن يتنافسوا مع احد في هذا الموضوع، ولذلك يعتقد أنهم هم إذا مثلوا مجمل مصالح الأمة المصرية وليس مصالح المسلمين فقط فان هذا يؤهلهم أكثر من غيرهم إلى أن يفهموا أن هناك ملف قبطي في مصر وان هناك تمييز في مناهج التدريس وغيره وان هذه ليست مؤامرة غربية ولا ناتجة عن تحريض الحركات الإسلامية ولا عن تحريض الكنيسة وان هذا الواقع يحتاج إلى حل.

واعتقد عزمي بشارة أن التحالف من هذا النوع في المرحلة الانتقالية مؤهل أن يطرح مثل هذه القضايا بدقة وبتروي وبدون تحريض، ورفض التحريض من قبل الأطراف المختلفة.

وبالنسبة إلى سوريا:
قال انه منذ أشهر اتضح أن النظام السوري فقد شرعيته الأخلاقية والسياسية لكي يقوم بأي عملية إصلاح جدية، وانه عمليا غرق في مستنقع دم نجم عن اعتقاده انه مختار وانه حالة فريدة عن باقي الأنظمة.

ولم يستغل الفرص التي أعطتها له الجماهير للإصلاح الحقيقي، مشيرا إلى انه إذا تكلمنا عن الحوار فانه يجب أن يكون في اتجاه نقل السلطة فقط وليس الإصلاح.

وأشار إلى أن الحوار مع النظام يعتبر غطاء عليه، موضحا أن هناك بوادر ما يشبه بالاحتراب الأهلي داخل سوريا، كما أن النظام السوري ذهب في اتجاه النظام الأمني حتى النهاية، وارتكب في بعض الحالات مجازر حقيقية ليمنع اعتصامات مثل 200 شهيد في حمص في يوم واحد لمنع اعتصام.

وأوضح أن الأمور تطورت بشكل يخشى منها مثل أخذه البلاد إلى المجهول، كما أن المعارضين تحولوا من أن طلب التدخل الأجنبي يعتبر خيانة إلى تخوين من يعارض التدخل الأجنبي، مضيفا أن هناك فرق بين أن تخاطب طليعة الشعب السوري الذي لا يحتاج إلى المجلس الوطني ولكن على المجلس الوطني السوري أن يخاطب مجمل الشعب السوري المشارك والغير مشارك.

وأشار إلى أن التدخل الأجنبي الآن تعثر واتضح بالنسبة للمجلس الوطني انه لا يوجد عنده وسيلة أخرى غير مخاطبة الشعب السوري، موضحا أن مهمة المعارضة الرئيسية هي إقناع مجمل الشعب السوري بالانضمام إلى هذه الثورة وانه لا بديل لتغيير هذا النظام وانه لم يعد هناك عودة.

وأوضح أن الجامعة العربية لم تنشط في حالة أي نظام آخر مثلما نشطت في الوضع السوري، مؤكدا أهمية للوعي السياسي داخل سوريا نتيجة للتعددية الهوياتية التي قد تستثمر من قبل أطراف مختلفة.

وبالنسبة للحالة اليمنية:
قال إننا لا نعرف حتى الآن إذا ما كان النظام في اليمن صادقا أم لا، ولكن الجميع يفضل حتى في اليمن نظرا للحالة القبلية والعصبية حول النظام، والعصبية حول المعارضة أن يتم الانتقال بهذه الطريقة.

وان امتحان صدق النظام يتحقق في اللجنة العسكرية إذا أمكن تحويل الجيش إلى جيش وطني وليس جيش أقارب للرئيس، وسيتضح الأمر في فبراير القادم عندما تنشأ اللجنة العسكرية.

ففي هذه الحالة يشكل اليمن نموذج وعلى الرغم من انه ليس نموذج مثالي إلا انه أفضل من سفك الدماء والاحتراب الأهلي، ولذلك فالمعارضة اليمنية وقعت قبل الرئيس بأشهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.