في 20 أغسطس الماضي أعلن رئيس الوزراء التركي، بن على يلديريم، أن تركيا تريد تحسين علاقاتها المتوترة مع مصر، منذ سقوط نظام الإخوان، وقال "يلديريم" للصحافة الأجنبية: "نعتقد اننا بحاجة لتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية مع مصر كبلدين يقعان على ضفتى المتوسط، ونعتقد أنه علينا أن نبدأ من نقطة ما"، ملمحا إلى أن العملية تستلزم وقتًا. ويبدو أن أنقرة عادت لتعتمد هذا العام سياستها السابقة التى تقوم على "صفر مشاكل مع الدول المجاورة"، وفى يونيو تقاربت تركيا مع روسيا وإسرائيل. وأخذت العلاقات المصرية التركية بعد ثورة 30 يونيو 2013، بعدا انفصاليا في العلاقات، خصوصا وأن تركيا كانت رافضة لعزل الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، ومازالت تعتقد أن ما حدث بمصر "انقلابا عسكريا" للإطاحة بالإخوان من الحكم. وفي 14 ابريل الماضي، تبادل الجانبان المصري والتركي إشارات التجاهل خلال عملية تسليم رئاسة القمة الإسلامية الثالثة عشرة في مدينة إسطنبول التركية تحت عنوان "نحو العدل والسلام". وتجنب وزير الخارجية المصري سامح شكري الإشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتجاهل ذكر اسمه أو تحيته مثلما حيا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إياد بن أمين مدني، وفور انتهائه من الحديث غادر المنصة مباشرة دون أن ينتظر مصافحة الرئيس التركي، ودون أن يصافح وزير الخارجية التركي الذي كان يجلس إلى جواره. فيما سعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى المنصة من طريق يجنبه لقاء الوزير المصري، وألقى كلمته متحاشيا الإشارة إلى مصر أو موجها التحية لها لرئاستها للقمة السابقة، وامتنع عن التصفيق مع باقي أعضاء منظمة التعاون الإسلامي عقب إنتهاء سامح شكري وزير الخارجية من القاء كلمته. وفي الوقت الذي أعاد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، العلاقات مع روسيا وإسرائيل، يرفض المصالحة مع مصر، على الرغم من تصريح رئيس الوزراء التركي، علي يلدريم، عن أمله في "عودة الحياة إلى طبيعتها مع مصر"، ما يؤشر على وجود تخبط في دائرة صنع القرار التركي بشأن مصر. وقال الرئيس التركي في يوليو الماضي إن "إطار التطبيع مع مصر يختلف عن النهج الذي بدأناه مع روسيا وإسرائيل"، مشيرًا إلى أن "تركيا ليست في نزاع مع الشعب المصري، بل إن المشكلات سببها النظام المصري الحالي"، على حد تعبيره. وانتقد أردوغان الأحكام الصادرة بحق الرئيس المصري السابق محمد مرسي وقيادات وأعضاء جماعة الإخوان، التي وصلت إلى الإعدام، وقال: "نرفض أحكام القضاء المصري الصادرة في حق مرسي ورفاقه". وأضاف: "هؤلاء الناس إخواننا، ولا يمكن أن نقبل قرار نظام قمعي"، في إشارة إلى نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. وعلى الجانب المصري قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصري، أحمد أبو زيد، إن "مصر هي التي لديها تحفظات على التعامل مع القيادة التركية التي تصر على تبني سياسات متخبطة إقليميًا". وأضاف أنه يجب على الجانب التركي ألا يغيب عن ذهنه أن الشعب المصري هو الذي اختار قيادته في انتخابات حرة وديمقراطية، على حد قوله. فيما يرى خبراء سياسيون أن تركيا عودة العلاقات بين البلدين يرتبط في المقام الأول بالمصالح التي تطغى غالبا على توتر، مشيرين إلى أن تركيا علاقاتها الاقتصادية متشعبة في العديد من دول العالم ومنها مصر، وهو ما يعني أن العلاقات التجارية موجودة، ولكن تبقى قضية إزاحة الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم هي الفيصل في عودة العلاقات سياسيا بين البلدين.