قال حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن الرقي بالمجتمعات والنفس يأتي من خلال الأدب والثقافة التي تغذي العقل والمجتمعات، وتواجه الظواهر السلبية. وكرّم حاكم الشارقة الشخصيات المكرمة للمهرجان الفنان غانم السليطي، والفنان عمر غباش. كما كرّم القاسمي فرقة المسرح الكويتي عن فوز عرضهم«صدى الصمت»بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي للعام 2015 والذي تسلمها رئيس فرقة المسرح الكويتي الفنان أحمد السلمان. جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها مساء أول من أمس في افتتاح فعاليات الدورة ال 26 لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، في قصر الثقافة بالشارقة، وذلك بحضور كل من نائب حاكم الشارقة الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام أبو رحيمة، والأمين العام المساعد في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور بدر الدويش وعدد من الفنانين المسرحيين المحليين والخليجيين والعرب، والنقاد، وممثلي وسائل الإعلام المختلفة المحلية والدولية. وبحسب صحف إماراتية، رحب القاسمي في بداية كلمته بأهل المسرح قائلاً: «إنها أيام تجمع الأحبة من الوطن العربي في هذا المكان، ولكم في قلبي مكان، فنرحب بكم ليس فقط في دولة الإمارات وليس في الشارقة، وإنما في قلبي». وأشار القاسمي إلى أن المسرح يرتكز على ثلاث ركائز هي النص، والمخرج، والممثل، مؤكداً على محاولة إيجاد نصوص مميزة وقيمة من خلال الجوائز التي تطلقها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، لكي تساهم هذه النصوص في علاج النفوس، والرقي بالمجتمعات، وتنوير المجتمع، مكلّفاً دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، بالسعي إلى إيجاد النصوص المتميزة والصالحة للمجتمعات لكي تُنْتج وتظهر للمجتمع من خلال مسارح دول الخليج والوطن العربي، لخدمة المجتمعات والرقي بها. وتطرق القاسمي إلى ملاحظة انتشار الملل في بعض المسرحيات، لافتاً إلى أن هذا الملل قد يشتت المتلقي ولا يصل بالرسالة الرئيسية، مؤكداً على أنه خلال كتابته مؤلفاته المسرحية، سعى لكي لا تكون هنالك فرصة ولا لحظة للملل حتى في إسدال الستار خلال المسرحية، والذي استعاض عنه بالإظلام السريع لتغيير المنظر. وأشاد حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي بالشخصيات المكرمة في المهرجان لهذا العام ومنهم، الفنان الإماراتي عمر غباش، والفنان القطري غانم السليطي، واللذان بذلا جهوداً كبيرة للرقي بالمسرح ولتقديم ما يخدم هذا المجتمع والحراك المسرحي بشكل عام، مشيراً إلى أن هذا التكريم بمثابة التكليف للمرحلة المقبلة المهمة والتي سيكون لها دور مهم في تطوير المسرح. وفي السياق نفسه، أشار رئيس دائرة الثقافة والإعلام ورئيس اللجنة العليا المنظمة لأيام الشارقة المسرحية عبدالله محمد العويس إلى شمولية وتنوع فعاليات المهرجان الذي أرسى قواعد فنية ثقافية قيمة، قائلاً: «لقد ولّدت أيام الشارقة المسرحية مناشط مسرحية متعدّدة، منها ما اتخذ من عروض الأيام مرتكزاً لتفعيل مسارح الدولة، كعروض الموسم المسرحي الذي يُنَظم بالتعاون مع جمعية المسرحيين بالدولة الذي يعيد عروض الأيام المميزة، ومنها ما اتخذ أُفُقاً جديداً لاستحداث أنشطة مسرحية جديدة، كمهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، ومهرجان خورفكان المسرحي، ومهرجان المسرح الصحراوي، ومهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي». وتابع العويس: «كما تبنى المهرجان وبمتابعة كريمة من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة تكريم المسرحيين العرب، من خلال جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، التي تكمل عقدها الأول في هذه الدورة، كما يكرم المهرجان العرض المسرحي العربي الحائز على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مهرجان المسرح العربي، الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح، وذلك من خلال افتتاحه لعروض أيام الشارقة المسرحية». بعدها عُرض فيلم وثائقي يحكي مسيرة وإنجازات الشخصيات المكرمة المحتفى بها في الدورة الحالية للمهرجان، وجهود هذه الشخصيات في المسرح والثقافة بشكل عام. وتخلل الحفل التعريف بأعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 26 لأيام الشارقة المسرحية، وهم الفنان الإماراتي أحمد الجسمي رئيس لجنة التحكيم، والدكتور فراس الريموني من المملكة الأردنية الهاشمية، والدكتور ناصر عبدالمنعم من جمهورية مصر العربية، وجوان جان من الجمهورية العربية السورية، ومسعود بو حسين من المملكة المغربية. بعد ذلك جاء الدور لعرض أفضل عمل عربي للعام 2015، مسرحية«صدى الصمت»لفرقة المسرح الكويتي، وهي من تأليف الكاتب العراقي الراحل قاسم مطرود وإخراج الفنان فيصل العميري وتمثيل الفنانين فيصل العميري، سماح، عبدالله التركماني ومشاركة علي الحسيني، وسينوغرافيا المهندس فيصل العبيد. تقدم المسرحية قضية إنسانية بحتة من خلال الواقع المر للشعوب من نتائج الحروب وفقدان الأحبة والإجبار لطريق اللجوء، من خلال حدث يجمع بين أب وأم من بلدين مختلفين جمعهما الحرب، ما جعلهم يفقدون أبناءهم ويضطرون للاجتماع كلاجئين في بلد ثالث. اعتمد المخرج بأسلوبه الرائع على منهجية المسرح الأسود والكوميديا السوداء، كما أنه استخدم تكنيك المسرح داخل المسرح من خلال شخصية الدراماتورج الذي يوجه الممثلين وإدخالهم في الحدث واللعبة المسرحية، ما خلق حالة من التفاعل والشد والجذب لدى المتلقي. نقل المخرج حالة المعاناة ببراعة و ذلك من خلال عدم التواصل بين الممثلين بسبب اختلاف اللغة. هذه المعاناة تم إبرازها بشخصية المقعد والذي كان رمزاً للمؤلف ذاته وحلمه بالوفاة في وطنه. «صدى الصمت» كانت مباراة بين مثلث بارع في التمثيل على إجادة عالية بالإحساس والخروج والدخول بالشخصيات، كما أن المؤثرات الصوتية الحية التي قدمها التركماني كانت لها الوقع الجميل على إيقاع العرض المسرحي. السينوغرافيا كانت أيضاً بطلاً في العرض من خلال التشكيل الواعي لمساحة وفكر العرض وبإضاءة كانت تجسد حالة عالية الجودة تتداخل مع النفس وتوصل حالة الممثل للمتلقي عرض صدى الصمت لم يصمت وأثبت مجدداً لماذا هو أفضل عمل عربي.