في ظل الأحداث المتلاحقة التي تشهدها البلاد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتكرار المظاهرات الفئوية منها والمليونية، فضلاً عن حدوث الكثير من الإصابات بل والوصول أحيانا إلى وقوع الكثير من الشهداء. كل هذه الأحداث الجسيمة التي تمر بها بلدنا الحبيب تجعل الشعب المصري في حاجة إلى الهدنة، والخروج من هذا الجو المليء بالسُّحب والضباب إلى جو نقي خالٍ من أي شوائب تعكر عليه صفوه. ولعل دخول عيد الأضحى المبارك يجعلنا نشعر بالبسمة والفرحة التي افتقدها الكثيرون منا ويلجأ العديد من الأشخاص إلى الخروج إلى أماكن معتادة ومكررة ولكنهم يشعرون بأنها مكان مختلف ومميز في كل مرة نتيجة استمرار ضغوط الحياة والمشاغل اليومية.
ويأتي عيد الأضحى هذا العام وبعد مرور عشرة أشهر على الثورة ومن المتوقع أن يختلف عن عيد الفطر المبارك الذي جاء في أعقاب الثورة المصرية، فاعتبره المصريون بمثابة الاحتفال على الرغم من قدومه في ظل حالة من الكساد الاقتصادي، ولكن شعورهم بالانتماء والوطنية جعلتهم يضربون بظروفهم الاقتصادية بعرض الحائط فخرجوا آلاف من المواطنين بمختلف مستوياتهم للتنزه في الأماكن المختلفة التي تجمعها عامل مشترك وهو الأغاني الوطنية ورفع الأعلام المصرية.
ومثلما خرج المصريون في بداية الثورة تعبيرا عن غضبهم ورفضهم الظلم، خرجوا أيضا في عيد الفطر، ولكن في جوّ من البهجة والفرحة، إلى كورنيش النيل واعتلاء المراكب في رحلات نيلية طويلة تعلو بها أصوات الأغاني الوطنية، على عكس السنوات الماضية التي كانت تشهد الأغاني الشعبية فقط ، وكأن أصوات الناس ترتفع بالهتافات "تحيا مصر... تحيا مصر"، متأثرين بروح الثورة. كما ذهبوا إلى العديد من الحدائق التي كانت تكسوها الأعلام المصرية التي تم تنسيقها بشكل حضاري على أعمدة الإنارة المختلفة.
فهل يشهد هذا العيد نفس الاحتفالات بنفس روح الوطنية والانتماء والتأثر بجو الثورة ويحتفل المصريون بعيدهم بمختلف مظاهر البهجة والفرحة؟ أم سيظل للثورة وتداعياتها الأمنية والاقتصادية آثارها في نفوس المصريين وأوضاعهم المادية والاجتماعية؟.
ومن الأرجح أن يمتد تأثير توابع الثورة على احتفالات المصريين في عيد الأضحى، نتيجة لارتفاع أسعار أماكن التنزه وأسعار السلع بشكل تتآكل معه دخول المواطنين البسيطة. لكن المصري بطبعه يحب المرح ويعرف كيف ومتى يفرح. ومن هنا ندعو كافة المصريين للفرح بالعيد وإدخال البهجة والسرور على الأطفال في محاولة للخروج من هذا الجو الملبد بغيوم غياب الأمن وتراجع الاقتصاد المصري، لأن هذا من شأنه أن يخفف من التداعيات السلبية للثورة ويبعث الشعور بالأمن والطمأنينة حتى تشرق شمش مصرنا الحبيبة ويحيا المصري كما أراد أن يحيا.