السيدة "س . ع" التي تعبر العقد الثالث من عمرها , ارتكبت جريمة لا يمكن أن تغتفر , حيث حاولت إسعاد نفسها والتخلص من معايرة زوجة شقيق زوجها لها عبر إتعاس إنسانة أخرى وقلب حياتها إلى جحيم. كانت هذه السيدة تعمل كبائعة ملابس تجوب القرى وتتنقل من بيت إلى بيت لعرض جديد ملابسها على النسوة في البيوت , صارت سيدة معروفة للجميع , ما أن تسير في شارع حتى تنفتح لها الأبواب وتتجاذب معها السيدات أطراف الحديث و"تقليب" البضائع التي معها, والشراء منها ولو بالأجل والتقسيط, محققة أرباحا طيبة.
إلا أن السيدة رغم ما حظيت به من شهرة في وسطها وثقة منحتها النساء لها في قري محافظة دمياط كانت تعاني من غصة تقلب عليها هدوء حياتها، وتعرضها للطلاق من زوجها.
كانت لا تنجب بنين, فقد أنجبت بنتين إحداهما تستعد للزواج وتصير أما والأخرى فتاة في المدرسة الإعدادية, وكان الزوج ينكد عليها حياتها رغبة في إنجاب ابن يحمل اسمه من بعده, ويهددها بالزواج عليها من سيدة أخرى.
حاولت السيدة إفشال خطة زوجها للزواج من أخرى, فراحت تتخلص من النكد بالكذب عليه بأنها حامل في ولد, هدأت الأحوال في بيتهم الكائن في قرية الركابية, وعمته السعادة وفرح الزوج بالخبر السار, مرت الأيام اليوم بعد اليوم والشهر بعد الشهر, وآن للمولود أن يولد, ولكن كيف تلد وهي لم تحمل أصلا.
خافت من عقاب زوجها في حال اكتشافه أنها كانت طيلة الأشهر السابقة تخدعه وتجعله يعيش وهما كبيرا لم ينقطع.
تحدثت مع أختها الكبرى بما تعانيه من مشاكل، وخوفها من افتضاح أمرها أمام زوجها وما يعقبه من شماتة زوجة شقيق زوجها, فراحت الأخت تنصحها بأن تتبنى طفلا, ولكن كيف ؟ وما الضامن من عدم افتضاح أمرها فيما بعد؟ إذن . لابد من اختطاف الطفل حديث الولادة من أي بيت من تلك البيوت التي تدخلها.
اختمرت الفكرة الشيطانية في ذهنها , وراحت تطفئ النار بالبنزين, وتذكرت أنها شاهدت في أحد البيوت التي دخلتها في قرية الهواشم مركز كفر البطيخ طفلا ذكرا حديث الولادة, فقررت أنه الطفل المناسب للسرقة.
وبقلب نصفه إجرامي ونصفه إنساني راحت شقيقتها تعينها على ارتكاب الجريمة، وتم تجهيز الخطة وتم البدء في تنفيذها.
قامت بزيارة منزل الطفل ويدعى "السيد محمود الجحر" والاطمئنان على والدته، ثم انتقلت إلى منزل خال والدة الطفل في المنزل المجاور لهم، وطلبت من ابنة خالها أن تستدعي والدة الطفل حتى تشاهد بعض الملابس الجديدة، وعندما حضرت والدته اتصلت بشقيقتها عبر الهاتف وطلبت منها الإسراع في خطف الطفل، وقامت شقيقتها بالتسلل إلى المنزل واصطحبت الطفل معها وفرت هاربة من المكان.
انتهت المهمة وبالطبع سعدت السيدة بحل مشكلتها في حين أتعست والدة الطفل وحولته حياتهم إلى جحيم, وما كان منهم إلا إبلاغ الشرطة.
وبتكثيف البحث والتحري حول الواقعة توصل رجال المباحث إلى أن وراء الواقعة سيدة تدعى "س. ع " في العقد الثالث من عمرها تعمل تاجرة ملابس، وأثناء ترددها على المنزل أكثر من مرة شاهدت الطفل في يد والدته وتعلقت به واتفقت مع شقيقتها "ف. ع" في العقد الرابع من العمر على اختطاف الطفل وقامت بنسج قصة درامية لتسهيل عملية الاختطاف.
وبعد استرجاع شريط الأحداث اليومية التي مرت على الزوجة طوال يومها، أخبرت رجال المباحث أن المتهمة المذكورة ترددت عليها في ذات اليوم وروت لهم ما حدث.
وقام رجال المباحث بتضييق الخناق على المتهمة التي أنكرت في البداية وبالانتقال إلى شقة أختها بقرية الركابية مركز كفر سعد، تبين وجود الطفل لديها.
وبمواجهة المتهمة وشقيقتها اعترفتا بارتكابهما الجريمة وعللت المتهمة الأولى أن سبب الاختطاف، يرجع إلى أنها كانت حامل وأجهضت في الشهر الخامس وأخبرت زوجها أنها حامل في طفل، كما أن زوجة شقيق زوجها كانت تعايرها أنها لا تنجب أولاد بعد أن أنجبت بنتين إحداهما شابة تستعد للزواج والأخرى طالبة إعدادي، حيث أقرت أنه ضاق بها الحال وفقدت السيطرة على أعصابها خوفا من زوجها الذي ينتظر قدوم الطفل، فقررت اختطاف هذا الطفل لإيهام زوجها أنه ابنهما.
قام رجال مباحث دمياط بإلقاء القبض على المتهمة وشقيقتها، حيث تحرر عن ذلك المحضر رقم 7014 لسنة 2011 مركز كفر البطيخ، وذلك تمهيدًا لعرضهما على النيابة العامة لمباشرة التحقيق.
إنها نهاية حتمية لإنسانة فقدت إنسانيتها وأم فقدت مشاعر الأمومة, وكأنها تعيد عرض فيلم "السيدات ما يعرفوش يكذبوا"، ولكنها كذبة تحولت إلى جريمة.