ألقى عمرو موسى محاضرة "التغيرات في العالم العربي والشرق الأوسط" مطلع هذا الأسبوع في مركز عيسى الثقافي بالعاصمة البحرينية المنامة، بحضور عدد من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية البحرينية بالإضافة إلى أعضاء من السلك الدبلوماسي والصحفيين والإعلاميين البحرينيين ورؤساء تحرير الصحف من كل دول الخليج. استهل عمرو موسى حديثه قائلاً: " أنه يمثل المجتمع المصري بمختلف قطاعاته التي تؤمن بالرابطة القوية بين مصر و العالم العربي، التي تمر بها مصر والعالم العربي، وأن مصر تحتاج إلى العالم العربي بمثل ما يحتاجها، وأن مسئوليتنا مشتركة في تحقيق استقرار وسلامة وأمن وتقدم هذه المنطقة أي الشرق الأوسط على اتساعه من مشرقة إلى مغربه، وهي مسئولية كبرى وتاريخية علينا أن نتحملها بمسئولية وحكمة وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها جميعاً. وأكد أنه قد تداعى الجسد العربي كله حين تداعت مصر، واضطرب حين اضطرب العراق، وتوتر حين تمزق حال سوريا، وقل مثل ذلك عن اليمن، وقبل ذلك حين وصلت الحماقة قمتها بغزو الكويت، وأخيرا وليس آخراً تأثر الوضع السياسي العربي كله بعد ثورة تونس في يناير 2011. وأوضح موسي أن هناك ترابط و تداعى بين مجتمعاتنا العربية و مستقبل الأمة العربية مشترك والواجب علينا أن نتدبر الأمور برصانة و حسن إدارة و أن نبتعد عن المشاحنات و الخلافات التي أضرت بنا كثيرا و أن نرتفع سويا في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية و الشرق الأوسط بأكمله. وتابع: " أن مشكلة مصر كانت تتمثل في سوء إدارة الحكم و تراكم ممارسات أدت إلى سوء الإدارة، قائلا: " نحن كمصريين شعرنا بمرحلة تراجع كبيرة في كافة المجالات و لن يكن مقبولا لدينا أن يتراجع دور مصر في المنطقة العربية". كما أشار إلى أن أكثر من نصف المجتمع المصري يعيش تحت خط الفقر و هذا غير مقبول، موضحا انه كانت هناك حالة فشل ملحوظة في إدارة الأمور مما وصل بمصر إلى هذا الحال المرفوض و الذي كان سببا في الغضب الشعبي الذي عبر عنه الجميع في ثورة 25 يناير 2011 . كما تحدث أيضاً عن الوضع العربي والإقليمي قائلاً: " أن منطقة الشرق الأوسط الآن "على كف عفريت"، وأن العفاريت كثر"، وعودة مصر لدورها في المنطقة العربية هو عودة للسياسة المتوازنة التي تحتاج مزيدا من التعقل؛ فمنطقة الشرق الأوسط خلقت حالة تغيير جذري، مؤكدا أن الشباب العربي يتحرك الآن نحو التواصل مع العالم الخارجي و يحتاج إلى تعليم و رعاية أفضل. وأوضح موسى أنه على العالم أن يعلم انه مثلما توجد مصالح عالمية توجد أيضا مصالح إقليمية و عربية، مؤكدا انه حتى الآن تطرح مصالح الدول العظمى فقط على موائد الحوار، لافتاً إلى أنه لا يمكن ترك مصلحة الأمة العربية مما يقتضى أن نطرق أبوابا مختلفة حين نتعرض لعرض مصالح الشرق الأوسط. وتابع " أننا حينما نتحدث عن منطقتنا فإننا يجب أن نقود، أن نتقدم بمبادرة عن الشرق الأوسط الجديد وتصدرنا له. و اقترح رئيس لجنة الخمسين أن يكون هناك نظام إقليمي جديد يلبى متطلبات المنطقة العربية بأكملها، متسائلا: هل يستطيع النظام العربي الحالي أن يقوم بمهمته؟، أم أن الأمر يتطلب تغييرا جذريا، وأعرب قائلاً: " أننا يجب علينا الحديث و الجلوس معا لتشكيل مجموعات عمل لطرح رؤية عن مستقبل المنطقة ولإنشاء نظام عربي جديد، ونظام تعاون إقليمي، ونظام امن إقليمي يقوم على احترام الحدود، وعدم الاعتداء، وإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، والوقوف الجماعي (عربياً) ضد الإرهاب، ونظام اقتصادي ومجتمعي جديد ذكي وعصري ومتطور، قائلا "دعونا نكسب جميعا". وجدد موسى رفضه لتصريحات چو بايدن نائب الرئيس الأمريكي عن تقسيم فيدرالي للعراق على أسس طائفية وعرقية إلى إقليم كردي وآخر سني وآخر شيعي، مؤكداً هذا شر مستطير وسابقة تمثل خطرا على المنطقة، مضيفا أن الحل الذي يقترحه للوضع في سورياوالعراق هو تقاسم للسلطة وليس تقاسماً للأرض، بحيث تتفق الطوائف المختلفة على نظام لتوزيع السلطات في الدولة بينها مع الحفاظ على وحدة وهوية وحدود بلادهم من اقتراحات التقسيم الذي تجيئنا من على بعد آلاف الأميال. و اضاف قائلا :" ان هناك فارق بين رغبة ايران فى الهيمنة الاقليمية و رغبة تركيا فى الهيمنة الاقليمية لان تركيا تستخدم المقاربة الناعمة اما ايران تستخدم المقاربة الخشنة و مصر دولة كبيرة بينهم تستطيع أن تتنافس مع تركيا باستخدام القوة الناعمة و تستطيع ايضا ان تتخذ الموقف اللازم تجاه ايران وقت الحاجة، فالمنطقة لن تقودها دولة غير عربية، وقال أنه يعتقد أن المملكة العربية السعودية و مصر من الضرورى ان يتوحدا سويا لحماية الدول العربية من ان التأثر اكثر بما يحدث فى المنطقة الآن. اما عن جماعة داعش و ظهورها فى المنطقة العربية فاستنكر موسى الممارسات التى تقوم بها هذة الجماعة قائلا "أننا يجب أن نبحث في من سمح بقيام داعش ومن مولهم وفر السلاح والمساعدة الاستراتيجية والتقنية، وأيضاً من سمح باستمرار حكم دموي طائفي في العراق لعشر سنوات كاملة زرع الفرقة والانقسام بن طوائف الشعب، مؤكداً أننا لو هزمنا داعش اليوم دون هزيمة أسباب قيامها فسوف تعود مرة أخرى بعد عام أو اثنين، وهذه ليست استراتيچية مواجهة، فالاستراتيچية المطروحة حالياً استراتيچية منقوصة وفي رأيه لن تكون فاعلة. وأختتم موسى كلمته قائلا أنه يدعو للتفاؤل إلى الثقة بأنفسنا، إلى الاعتماد على أنفسنا، ولنبحث عن الحكمة والتعقل بين ظهرانينا، ولنقف سويا بحسم ضد سلبيات منطقتنا، ولنحذر اللؤم، والخداع الذي يأتينا عبر البحار والمحيطات، ونعي أنه ليست كل نصيحة تأتي من الخارج خيرا.