مطلوب نظرة جديدة لتمثيل المرأة في البرلمان د. علي الدين هلال أعتقد أنه أصبح من الضروري أن نعيد النظر في طريقة تفكيرنا كدولة وكمجتمع بشأن موضوع تمثيل المرأة المصرية التي يصل عددها إلي نصف عدد المواطنين تقريبا في مجلسي الشعب والشوري, وأن نراجع الأفكار والآراء التي ظللنا نرددها لنصف قرن وأقنعنا أنفسنا بها لتفسير وتبرير تدني هذا التمثيل, وأن نتعرف علي ما يحدث في العالم والمنطقة حتي ندرك أين نحن من التغيرات الحاصلة من حولنا. والحقيقة هي أن تدني تمثيل المرأة في البرلمان لم يعد من الممكن تفسيره أو تبريره أو الاقتناع به أمام أنفسنا وضمائرنا كمواطنين مصريين وفي دولة ينص دستورها علي مبدأ المواطنة, كما أننا لا نستطيع تفسيره إزاء الغير الذي كانت تفصلنا عنه هوة كبيرة استطاع أن يعبرها وأن يتقدم علينا بينما ظللنا نحن محلك سر نعيد اجترار التبريرات والتهويمات نفسها.. ولننظر إلي ما يحدث في العالم. ففي تقرير المرأة في البرلمان لعام2007 الذي يصدره الاتحاد البرلماني الدولي فإن عدد البرلمانات التي ترأسها امرأة بلغ عدد35 في عام2007, و28 في يناير2008. وأن نسبة تمثيل المرأة في المجالس التشريعية في نهاية عام2007 بلغت17.7% من إجمالي عدد المقاعد البرلمانية في دول العالم, وأن غالبية تلك المقاعد حصلت عليها المرأة بالانتخاب. فمن بين عدد2013 مقعدا حصلت عليها المرأة في الانتخابات التي أجريت في63 دولة خلال عام2007 بلغ عدد المنتخبات1880 امرأة وعدد المعينات133 امرأة. ويسجل التقرير أن نسبة تمثيل المرأة تزداد في الدول التي تأخذ بنظام التمثيل النسبي. ووفقا لقاعدة المعلومات الموجودة في جامعة استكهولم السويدية عن وضع المرأة في البرلمانات علي مستوي العالم التي تشمل عدد112 دولة تأخذ أو أخذت في مرحلة سابقة بنظام الحصص للمرأة فإن هناك97 دولة تأخذ بنظام الحصص للمرأة إما من خلال الدستور أو إلزام القانون للأحزاب بتخصيص نسبة معينة من مرشحيها للسيدات. وتوضح المعلومات المتاحة أن متوسط نسبة تمثيل المرأة في برلمانات هذه الدول وصل إلي19.8% وتتصدر هذه القائمة دولة إفريقية هي رواندا بنسبة48.8% تليها السويد من أوروبا بنسبة47.3% ثم كوستاريكا من أمريكا اللاتينية بنسبة38.6% وبخصوص الدول الإسلامية فقد بلغ تمثيل المرأة في أفغانستان27.3% وباكستان21.3% والبوسنة14.3% وإندونيسيا11.3%. وماذا عن تمثيل المرأة في البرلمانات العربية؟ تشغل دولة الإمارات العربية المرتبة الأولي بنسبة28% حيث تشغل المرأة عدد9 مقاعد من أصل40 مقعدا(1 بالانتخاب و8 بالتعيين) تليها العراق بنسبة25.5% فتونس22.8% فموريتانيا17.9% فالسودان14.7%( وجدير بالذكر أن البرلمان السوداني أصدر في2008/6/8 قانونا جديدا للانتخابات نص فيه علي تخصيص نسبة25% من مقاعد البرلمان للنساء) فجيبوتي13.8% وفلسطين12.8% فسوريا12% والمغرب10.5% والصومال7.8% والجزائر7.7% والأردن6.4% فلبنان وليبيا4.7% ثم مصر2%. ويأتي بعد مصر كل من اليمن والسعودية والكويت وسلطنة عمان وقطر.. ولا تعليق. وفي التقرير الصادر عن المنتدي الاقتصادي العالمي بعنوان الفجوة النوعية في عام2007 الذي يقيس مظاهر عدم المساواة بين الرجال والنساء في أربعة مجالات وهي فرص المشاركة الاقتصادية والحصول علي التعليم والصحة والتمكين السياسي للمرأة, كان ترتيب مصر وفقا لهذا التقرير رقم120 من أصل128 دولة تمثل90% من عدد سكان العالم وهي الدول التي شملها التقرير. ومع أن مصر احتلت ترتيبا أفضل في المجالات الأخري فإن العامل المؤثر علي وضع مصر في هذا الترتيب المتأخر هو دور المرأة في الحياة السياسية حيث تم وضع مصر في هذا المجال من بين أقل5 دول في العالم. والصورة التي تشير إليها تلك الأرقام مقلقة ولا تدعو إلي الارتياح حول وضع المرأة المصرية ودورها في المجتمع. وصحيح أن هناك جهودا كبيرة مخلصة قد بذلت وقد شاركت شخصيا لسنوات كأحد أعضاء اللجنة القومية للمرأة في حقبة التسعينيات من القرن الماضي ولكن من الواضح أن تلك الجهود لم تؤت ثمارها وهو ما ينبغي أن يدفعنا للمراجعة وإعادة التقييم. إن زيادة مشاركة المرأة في مختلف مجالات الحياة هو أحد العناصر الرئيسية اللازمة للتقدم والنهضة وتدني مستوي التمثيل البرلماني للمرأة هو إفراز لواقع اجتماعي وسياسي ينبغي مواجهته وكشف آليات استمراره والعمل علي تغييره من خلال إرادة سياسية ومجتمعية وتحالف اجتماعي عريض يضم كل القوي التي تؤمن بمبدأ المواطنة. وأنهي هذا المقال بما أنهيت به كلمتي التي ألقيتها في المؤتمر القومي الأول للمرأة الذي انعقد في1994/6/6: فنحن لا نتحدث عن مشكلات المرأة وحسب, وإنما عن مستقبل مصر وعن كيفية أن يتم تمكين المرأة باعتبارها نصف المجتمع من أداء دورها وواجبها في صنع هذا التقدم ونحن نقول إن الاستثمار في المرأة هو حجر الزاوية في تنمية المجتمع.. وإن تمكين المرأة هو ضرورة نهضة ومستقبل مصر وإن وضع المرأة في المجتمع هو مقياس رقيه ومعيار تقدمه. عن صحيفة الاهرام المصرية 2/8/2008