الأحرار الاشتراكيين: «التنسيقية» منبع لبث روح الحياة السياسية في مصر    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    محافظ أسوان: مواصلة الحملات المرورية وتكثيفها خلال عيد الأضحى    خبير عسكري: الهجمات الإسرائيلية تستهدف قادة حزب الله    رسائل السلام    ترحيب عربي وإقليمي بالجهود المصرية لعقد مؤتمر للقوى السياسية السودانية    انضمام عنصر جديد لجهاز جوزيه جوميز بالزمالك    إبراهيم ربيع يكتب : « خربشة »    أعمار مدربي منتخبات «يورو 2024».. «ناجيلسمان» الأصغر و«رانجنيك» الأكبر    ضبط شخص يروج شهادات جامعية بمقابل مادي بقصد الاحتيال في الجيزة    العناية الإلهية تنقذ السخنة من كارثة.. السيطرة على حريق ضخم داخل محطة وقود    لغة الجسد تكشف ما لا تعرفه عن صفعة عمرو دياب    الانفصال الأسرى زواج مع إيقاف التنفيذ    السياحة: افتتاح المتحف المصري قريبًا ونستهدف 30 مليون سائح سنويًا    افتتاح قسم المناظير والجهاز الهضمي بحميات دمنهور    مدارس بديلة للثانوية العامة لطلاب الإعدادية 2024 .. 35 مدرسة تقبل من 140 درجة    الهروب من الحر إلى شواطئ مطروح قبل زحام العيد وارتفاع نسب الإشغال.. فيديو    استنونا.. نور إيهاب تروج ل مسرحية "ميمو"    فيفا يعلن جدول 103 مباريات فى كأس العالم 2026 وأماكن التدريب ب25 مدينة    ابتعدوا عنه في عيد الأضحى.. 7 مخاطر لتناول هذا النوع من اللحوم    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    أفضل الأدعية وتكبيرات العيد مكتوبة.. أدعية يوم عرفة 2024    خالد الجندي للمصريين: اغتنموا فضل ثواب يوم عرفة بهذه الأمور (فيديو)    أوكرانيا تصد هجمات جوية روسية شديدة على كييف    كشف غموض مقتل سيدة مسنة داخل شقتها بشبرا الخيمة    بشأن «تصريح مزاولة المهنة للأجانب».. نقيب الأطباء يشارك في اجتماع «صحة الشيوخ» (تفاصيل)    الدنماركي بريسك يخلف سلوت في تدريب فينورد    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    5 نصائح مهمة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وبداية الموجة الحارة    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    قطر: الحل الوحيد العادل للقضية الفلسطينية إنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية    اتحاد الكرة يرد على رئيس إنبى: المستندات تُعرض أثناء التحقيق على اللجان وليس فى الواتساب    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    هيئة الدواء تعلن تشكل غرفة عمليات لمتابعة وضبط سوق المستحضرات الطبية في عيد الأضحى    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    القوات المسلحة تنظم مراسم تسليم الأطراف التعويضية لعدد من ضحايا الألغام ومخلفات الحروب السابقة    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    «الخدمات البيطرية» توضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    نجم الأهلي السابق: مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم سهلة    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيسنجر وإيران والسياسة الأمريكية / طاهر حمدي كنعان
نشر في محيط يوم 24 - 06 - 2008

كيسنجر وإيران والسياسة الأمريكية
طاهر حمدي كنعان
لا يملك المرء سوى مشاعر الملل والضجر يبذلها تجاه الحكمة الجديدة التي تروّج لها وسائط إعلام مقروء ومشاهد، ترهب الناس من خطر المطامع الإيرانية على الدول الخليجية والعربية الأخرى، و تحذر الناس من دهياء مظلمة إذا طوّرت إيران قدرات نووية، مبررة التحالف مع أمريكا (وإسرائيل؟) في حربهما ضد إيران بزعم أن الخطر الإيراني هو بمرتبة الخطر الإسرائيلي إن لم يتفوق عليه! لم تحتج إسرائيل إلى قدرة نووية لاجتياح أراضي أربع دول أعضاء في الجامعة العربية وجعل سائر الأعضاء شركاء في الهزيمة، بل فعلت ذلك بالأسلحة التقليدية.
وليس حرصها بعد ذلك على امتلاك السلاح النووي إلا لردع العرب عن استعمال تفوقهم العددي والجغرافي عن القيام بأي محاولة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق. فالسلاح النووي بطبيعته لا يصلح إلا للردع وليس للقيام بالاعتداء والاحتلال حيث الأسلحة التقليدية هي الفعالة والأكثر مرونة. وعلى افتراض أن في نية إيران السيطرة على الدول العربية لا سيما المجاورة لها فهي لا تحتاج حتى إلى السلاح التقليدي، بل إلى نفوذها البشري والمالي فضلاً عن جاذبيتها كقدوة عقائدية مقاومة للعدوانية الإسرائياية والاستكبار الأمريكي.
أما امتلاكها القدرة النووية فلا يمكن أن يعني لها شيئاً سوى موازنة الرعب مع ثلاث دول قوية في جوارها تمتلك تلك القدرة، وهي الهند وباكستان وإسرائيل. وإذا كان ثمة خطر حقيقي على دول الخليج من دولة نووية بخلاف إسرائيل فلماذا لا يتجه الخوف إلى الهند التي يفوق نفوذها الجيوسياسي في حوض الخليج، بحكم امتدادها الجغرافي والبشري فيه، أي نفوذ آخر!
خطرت لي هذه الخواطر حين قرأت مؤخراً حديثاً على لسان هنري كيسنجر أحد أهم صانعي السياسة الأمريكية المعاصرة التي كانت ولم تنفك تحدث تأثيرها الهدّام على مقدرات وطننا العربي ابتداء من دوره خلال ظروف حرب 1973.
الحديث كان خلال مقابلة على طاولة غداء في أحد مطاعم نيويورك، أجراه معه الكاتب الأمريكي ستيفن جراوبارد Stephen Graubard، ونشرته الفايننشال تايمز في 24 أيار الماضي على صفحة كاملة، فغطى مواضيع عديدة، ولفتت نظري منه بعض الفقرات اللافتة التي قدرت أنها تهم القارئ العربي.
أهم فقرات هذا الحديث هي تلك التي تلقي الضوء الكشاف على نظرة كيسنجر كأحد مهندسي التقارب بل التماهي بين المصلحتين الصهيونية والأمريكية هي الرد الحازم لكسنجر على استفهام جراوبارد عن رأي كيسنجر في سياسة أمريكا الحالية ضد إيران حيث قال: ما برحت أدعو إلى إجراء مفاوضات شاملة مع إيران نناقش فيها جميع نقاط الاختلاف بيننا..
بهدف إقناع إيران لكي تقرر: هل هي أمة أم قضية ؟ فإذا بدأت إيران ترى نفسها أمة فإنها عندئذ ستحظى بالمكانة المحترمة في النظام الدولي. ويضيف كيسنجر أن علاقته بشاه إيران السابق لم تكن علاقة صداقة فحسب بل كانت متجذرة في إدراك كيسنجر للأهمية الاستراتيجية لإيران والتي ما زالت قائمة حتى الآن.
يقول كيسنجر: إن الجهد الجدي في التفاوض مع إيران يجب أن يبدأ ثنائياً بين أمريكا وإسرائيل لكي يدرك كل منهما وجهة نظر الآخر وصولاً بعد ذلك إلى تفاهم متعدد الأطراف يضم جميع جيران إيران. اللافت أنه لم يرد في الحديث أهمية ما يوليها كيسنجر لخطر إيران على جيرانها أو على الأمن الدولي، بل هو يعتقد بإمكان إقناع إيران بأن بإمكانها أن تحقق مصالحها بمجرد التفكير بذاتها كأمة، لا كقضية، وبذلك تصبح في حالة قابلة لأن تضم في مظلة مصالحها الوطنية جميع جيرانها، كما كان الأمر زمن الشاه السابق!
بعبارة أخرى إن ما يقلق كيسنجر هو قضية إيران وليس أطماعها للنفوذ والسيطرة على جيرانها. إذاً فلتسع أمريكا إلى طمأنة إيران لهذه الناحية، ولتحتل مع كل الاحترام مكانتها المتلائمة مع أهميتها الاستراتيجية في المنطقة، شريطة أن تتخلى عن قضيتها. ولكن ما عساها أن تكون هذه القضية ؟ هل ثمة شك في أنها لا تعدو مناصبتها العداء لإسرائيل؟
منهج كيسنجر ونصيحته لصانع السياسة الأمريكية فيما يتعلق بإيران هي المفاوضة والتفاهم معها بما يسمح لها باحتلال المكانة اللائقة بها في المنطقة شريطة عدم الإضرار بمصالح إسرائيل وأمريكا. فما الذي يمنع صانعي السياسة في الدول العربية من الاستفادة من منهج كيسنجر ونصيحته، فيجرون التفاوض معها على ما يحقق مصالحها الوطنية في المنطقة، دون الإضرار بمصالح الدول العربية فيها؟ الحق أنه لايوجد ما يمنع ذلك، بل يوجد الكثير من الأسباب التي تزكيه وتعززه وتجعل الوصول به إلى الغاية المرجوة أسهل بكثير مما يأمله المفاوض الأمريكي، وعلى رأس هذه الأسباب أنه ليس ثمة شرط عربي لتنازل إيران عن قضيتها في معاداة إسرائيل كما هي الحالة الأمريكية.
جانب آخر لافت من هذا الحديث هو أنه يشي بصورة واضحة النظرة والمشاعر العنصرية واللاإنسانية التي يحملها كيسنجر للشعوب المناضلة من أجل حريتها، إلى حد أنه، وهو أستاذ للتاريخ، يتكلم بإدانة وازدراء عن التحرك الشعبي الذي شهدته أمريكا وأدى إلى انسحاب أمريكا من حرب فيتنام.
يقول جراوبارد أن كيسنجر، بعد كل هذه السنين، ليس مستاء من قرار جونسون توسيع الحرب الاستعمارية على الشعب الفيتنامي ، كما هو حال الكثيرين من الساسة الأمريكان حتى من كان لهم الدور الأساسي في تلك الحرب مثل ماكنمارا الذي كان المدير الأعلى لتلك الحرب والذي بلغ من ندمه على ما جرته الحرب على ألوف الشباب الأمريكان الذين هلكوا في أوارها وعلى الدمار الهائل الذي ألحقته بفيتنام، أن سعى إلى رئاسة البنك الدولي لكي يكفر عن خطيئته بحق فيتنام بخدمة مجموعة البلدان النامية التي انتمى إليها ذلك البلد الفقير.
على النقيض من ذلك تماماً، يتبين أن كيسينجر مازال حتى الآن محتفظاً بحقد غاضب أو غضب حاقد على التحرك الشعبي الأمريكي الذي انتفض آنذاك ضد حرب فيتنام وفرض الانسحاب منها وحقن دماء الأمريكان والفيتناميين على السواء.
فبعد كل هذه السنين، يقول جراوبارد، إن غضب كيسنجر بل ازدراءه، لم يكن موجهاً إلى جونسون (الرئيس الأمريكي الذي أجج تلك الحرب) بل إلى الأمريكان الذين عارضوا الحرب، لأنهم (كذا حرفياً) كانت رغبتهم أن يروا وطنهم مهزوماً !!
عن صحيفة الرأي الاردنية
24/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.