القوقاز والشرق الأوسط احمد عمرابي هل تتسع دائرة الخصام المتنامي بين روسياوالولاياتالمتحدة في منطقة القوقاز لتشمل منطقة الشرق الأوسط؟ في هذا الصدد نشرت صحيفة «كرستيان ساينس مونيتور» الأميركية مقالة تحليلية مثيرة، حيث أشارت المقالة أولاً إلى أن سوريا من بين قلة من الدول التي أيدت عملية الغزو الروسي على جورجيا وما تبع ذلك من انفصال إقليمين من جورجيا واعتراف موسكو باستقلالهما.
ومن هنا تستطرد الصحيفة الأميركية قائلة إن الشقاق بين روسياوالولاياتالمتحدة سوف يؤدي إلى خلق فرصة ذهبية لسوريا من أجل إبرام اتفاقية مع روسيا لإمداد دمشق بأنظمة تسليح متقدمة ومستحدثة.. الأمر الذي بدوره يؤدي إلى تقوية الموقف التفاوضي السوري في مواجهة الجانب الإسرائيلي.
في كل الأحوال فإنه بات من المؤكد أن اتساع نطاق المواجهة بين روسياوالولاياتالمتحدة سوف يشجع روسيا على العمل لتوطيد علاقاتهما مع خصوم الولاياتالمتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد سوريا وإيران، وفي هذه الحالة لن يقتصر الأمر على دعم روسي للقوة العسكرية السورية وإنما يتعدى ذلك إلى تحديث المنشآت النووية الإيرانية. بل وأكثر من ذلك فإن النفوذ الروسي سوف يمتد إلى الساحة اللبنانية ليشكل قوة مناوئة للنفوذ الأميركي الإسرائيلي من ناحية ودعم القوة القتالية للمقاومة اللبنانية ضد إسرائيل بزعامة «حزب الله».
ومن المفارقات انه ثبت خلال تفاعلات أزمة القوقاز بين روسياوالولاياتالمتحدة أن إسرائيل مصدر رئيسي لتسليح جورجيا في ظل حكم الرئيس الحالي ساكشفيلي الموالي تماماً لواشنطن.
ومن ناحية أخرى تورد الصحيفة الأميركية رواية إخبارية مفادها أن لدى موسكوودمشق مشروعاً مشتركاً لبناء قاعدة بحرية روسية على الساحل السوري للبحر الأبيض للأسطول السادس الأميركي.
عندما نفذت روسيا غزوها العسكري للأراضي الجورجية قبل نحو شهر بدا المشهد وكأنه يعكس أزمة محلية قوقازية، لكنه سرعان ما تصاعد إلى مستوى أزمة عظمى بين روسيا والحلف الأطلسي «ناتو». والآن فان المشهد مرشح لحدوث تداعيات تنتقل بالصراع إلى ساحات دولية أخرى في مقدمتها منطقة الشرق الأوسط.
ومن المؤسف أن الدول العربية والإسلامية «باستثناء سوريا وإيران» لا تبدو أنها على استعداد للتعامل مع هذا التحول الكبير لمصلحة قضايا الأمة العربية والإسلامية. عن صحيفة البيان الاماراتية 8/9/2008