بقلم: حمد الحمد في نهاية الأسبوع الأول من يونيو عدت من القاهرة، وفي المطار كنت أرقب الوجوه واغلبها من الطلبة الكويتيين العائدين الى الوطن بعد اداء امتحانات نهاية العام الدراسي، وفي المطار تأكد لي ان الطائرة ستتأخر ساعة ونصف الساعة عن موعدها لهذا اخرجت من حقيبتي كتاب «مسيو ابراهيم وزهور القرآن» وهي رواية من تأليف الفرنسي اريك ايمانويل شميث. وعلى المقاعد بدأت في قراءة الرواية بانتظار الاعلان عن الاستعداد لاقلاع الرحلة، ولكن ما لفت انتباهي هو أنني العربي الوحيد الذي كان يُمسك بكتاب من بين مئات المسافرين، ولكن خرج عن القاعدة ثلاث فتيات اوروبيات كل واحدة ممسكة بكتاب تقرأه، هذا الموقف اكد لي بان عدم القراءة من ثوابتنا العربية او عاداتنا التي نتمسك بها رغم ان احدى سور القرآن في بدايتها تقول «اقرأ». طبعا استمتعت بقراءة الرواية وهي مترجمة إلى اللغة العربية وصفحاتها قليلة العدد وترجمها الأستاذ محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب والأدباء العرب، ترجمة سلسلة ومريحة، وقد تم تحويل الرواية الى فيلم يحمل العنوان نفسه ومن بطولة الفنان عمر الشريف، ولاقى الفيلم صدى طيبا. الرواية تتحدث عن قضية مهمة تشغل العالم في عالمنا من اقصاه الى ادناه، بطل الرواية طفل يبلغ السادسة عشر من عمره وهو يهودي الديانة واسمه مويس - ويعني موسى - اما الشخصية الثانية في الرواية وهي الاهم فتخص السيد ابراهيم او مسيو ابراهيم وهو مسلم. برع المؤلف في محاولة طرح قضية الدين كقضية شخصية فالطفل موسى يعيش في أسرة يهودية مفككة في باريس امه هربت من والده بعد ولادته لتتزوج بآخر، ووالده يفشل في وظيفته ويخلق كآبة يومية في المنزل مع ابنه مويس الذي يعيش معه. عندما يبلغ الفتى مويس سن البلوغ يذهب الى احد شوارع باريس هو شارع خاص بالمومسات، ولكن في طريقه هناك يتردد على مسيو ابراهيم المسلم ويعيش الاثنان صداقة حميمة رغم ان مسيو ابراهيم رجل طاعن في السن وهو يملك بقالة. مويس الفتى بعد تردده على شارع الموميسات يقوم بسرقة المعلبات يوميا من بقالة مسيو ابراهيم لكونه مسلم وان هذا حلال، ويكتشف مسيو ابراهيم السرقة ويكتشف بأن مويس يتردد على شارع الموميسات. ابراهيم المسلم يبدأ في توجيه مويس ويخبره بأنه يعلم بأنه يسرق منه يوميا، ويبدأ بتوجيهه ويصبح كأبيه، لن افصح عن احداث الرواية كاملة، ولكن مويس اليهودي يكتشف اخلاق مسيو ابراهيم المسلم الراقية وكيف وقف معه حتى بعد انتحار والده ويطلب منه ان يتبناه رسميا ليصبح مويس اليهودي ابن مسيو ابراهيم المسلم ليوافق مسيو ابراهيم بلا تردد. عندما يطرح مويس اليهودي تساؤله امام مسيو ابراهيم وهو معجب بأخلاقه الراقية وعن سر سعادته الدائمة، وكانت اجابة مسيو ابراهيم: «ان كل ذلك في قرآني، وهو قانوني». اقلعت الطائرة ووصلنا الكويت بسلام وانتهيت من قراءة تلك الرواية الجميلة التي تحمل معاني ودلالات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكن سنذكر بعضا منها في مقال مقبل. ** منشور بجريدة "الرأي العام" الكويتية 21-6-2007