الإخوان يرحبون بالحوار مع واشنطن * شيماء عبدالمنعم شعار الاسلام هو الحل بعد تصريحات أمريكية تعبر عن رغبة واشنطن في التواصل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد ثورة ال 25 من يناير. سادت حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية المصرية حول الأسباب التي دفعت الولاياتالمتحدة إلى القيام بتلك الخطوة، ولماذا اختارت الإدارة الأمريكية الإخوان المسلمين في هذا الوقت بالتحديد. مواصلة الحوار من جانبه نفى المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمود غزلان، دخول الجماعة في أي حوار بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين في وقت سابق. وقد جاء ذلك رداً على تصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، أعلنت فيها عن نية الإدارة الأمريكية " مواصلة " الحوار مع الجماعة . وأضاف الدكتور محمود غزلان " المتحدث الإعلامي باسم الجماعة أن الإخوان " يرحبون بالحوار على أمل أن تكون الإدارة الأميركية قد تعلمت من دروس الثورات العربية "، لافتا إلى أن الإخوان " ليسوا متهافتين على الاتصال بالأميركان " . إلا أنه من الملاحظ أن " ألغاما صغيرة " حسب وصف الجماعة قد تضمنتها الدعوة الأمريكية إلى الحوار ، حيث تحفظت الجماعة على استخدام واشنطن في تصريحاتها ، كلمات من نوع " سنواصل " و "نستأنف " ووصفت هذه التعبيرات ب "اللغم الصغير " . وفي هذا الشأن صرح غزلان بأن " الإخوان كجماعة لم تتواصل في السابق مع الإدارة الأميركية، لتتابع اليوم ما انقطع فهذا لغم صغير وتعبير غير دقيق ". مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك اتصالات سابقة قد جرت بين الدكتور سعد الكتاتني، عندما كان نائبا في البرلمان المصري مع دبلوماسيين في السفارة الأميركية لدى القاهرة . إلا أن غزلان قد حدد عدد مرات اللقاء ب " مرتين " فقط ، وكانت المرة الأولى بحضور رئيس مجلس الشعب سابقا، الدكتور أحمد فتحي سرور، والمرة الثانية بحضور عدد من نواب المعارضة من غير المنتمين للجماعة ولم يمثل الإخوان في هذا اللقاء سوى الدكتور الكتاتني. كلام جرايد د عصام العريان علق نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الدكتور عصام العريان، على الأمر بقوله إن " التصريح الأميركي يتحدث عن جماعة الإخوان المسلمين.. وأنا لا أدري إن كانوا يتحدثون عنها كهيئة إسلامية منظمة أم فكرة ورسالة " . وأضاف العريان : الحزب مستقل تماما عن الجماعة ويحمل رؤيتها في مجال العمل الحزبي لتحقيق أهدافها في المجال السياسي، والجماعة معنية بتحديد الجهة التي ستتواصل مع من يرغب في فتح حوار معها . وأعرب العريان عن أن الخطوة الأميركية إذا لم تأت في إطار مراجعة شاملة للإستراتيجية الأميركية في المنطقة، وتعيد النظر في مجمل السياسات الأميركية في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية فلن تثمر شيئا جديدا. وحول طبيعة الحوار المحتمل بين واشنطن والإخوان المسلمين من وجهة نظر بعض القيادات في الجماعة . يقول الدكتور رشاد البيومي نائب المرشد العام للإخوان المسلمين والمتحدث الرسمي باسم الجماعة، في حديث لصحيفة الأهرام اليومية المصرية،أن الإخوان على استعداد للتحاور مع أمريكا لكن علي قاعدتين أساسيتين . أولاهما الرسمية: بأن يكون الحوار بمعرفة الخارجية المصرية وفي وجودها ، والقاعدة الثانية " الندية " في التحاور . وأشار البيومي إلي أن الجلوس علي طاولة الحوار يعني مواجهة أمريكا بتدخلها في أفغانستان والسودان والعراق وفلسطين، ووقوفها بشكل داعم لإسرائيل وهي " عدونا الأول " . وأضاف الدكتور البيومي " سنعرض كل القضايا بجدية وندية، وإن كانت أمريكا حسنة النية سيكون الحوار مفيدا أما إذا كانت تعرض الحوار بسوء نية فإننا نقول لها " إن الشعب يقظ لأي محاولة للوقيعة بينه وبين الإخوان " . أما القيادي الاخواني، صبحي صالح، فقد برر السعي الأمريكي لإجراء حوار مع الإخوان إلي أن فوبيا الإخوان قد كانت سائدة قبل سقوط النظام السابق، أما الآن فتأكد للولايات المتحدة أن الجماعة وذراعها السياسي- حزب الحرية والعدالة - حقيقة لا تقبل التعتيم كما كان يحدث. وأكد أن التواصل مع أمريكا كان يتم تحت سمع وبصر الحكومة المصرية مشيرا الى أن تصريحات هيلاري كلينتون مازالت " كلام جرايد " . شرعية دولية جديدة الكونجرس الامريكي عن شكل الحوار والقضايا الداخلية التي يمكن أن يتطرق إليها الحوار بين واشنطن وجماعة الإخوان المسلمين يشير الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بحزب الحرية والعدالة ، إلى عدم وجود مصالح إخوانية يمكن مناقشتها مع الإدارة الأمريكية. وقال بلتاجي يجب ألا ننسي ونحن نستمع لتصريحات كلينتون حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات أن الإدارة الأمريكية كانت تنسق مع النظام المصري السابق . حيث كانت تعطيه الضوء الأخضر وتمنحه الغطاء الدولي لكل صور البطش والقمع للخصوم السياسيين والتزوير للانتخابات والتجاهل للحقوق السياسية والمدنية للأغلبية فضلا عن الأقلية. كما أن انحيازها للثورة المصرية قد جاء بعد رجحان ميزان القوي علي الأرض لمصلحة الثورة والثوار، ومن ثم فهي تبحث عن مصلحتها في المقام الأول. ولعل هذا الانفتاح الأمريكي على جماعة الإخوان المسلمين قد يثير ويعزز من مخاوف القوى الأخرى داخل الساحة السياسية المصرية وأبرزها القوى اليسارية والليبرالية، خاصة وان هذا الحوار المزمع سوف يمنح الجماعة شرعية جديدة على المستوى الدولي. احتراق الأصابع رفعت السعيد حذر رئيس حزب التجمع اليساري، الدكتور رفعت السعيد، جماعة الإخوان من الانفتاح على واشنطن، قائلا ل صحيفة " الشرق الأوسط " إنه " في كل مرة حاول (الإخوان) التحالف مع الطاغوت، تحت دعوى أن الضرورات تبيح المحظورات، احترقت أصابعهم». وتابع السعيد أن " الإخوان" قد أباحوا لأنفسهم إقامة علاقات مع دول أجنبية في لعبة المصالح المشتركة، وهذا ليس وليد اليوم. مستشهدا بالوثائق الألمانية التي عثر عليها الإنجليز بمكتب ملحق صحافي ألماني تقول إن حسن البنا " مؤسس الجماعة في عام 1928 " تلقى الأموال المحددة له لنشر دعاية لدول المحور (ألمانيا، وإيطاليا، واليابان) في مصر حتى إن البنا بشّر حينها باعتناق الدول الثلاث الإسلام"- حسب تعبيره - . وأضاف السعيد أن «الإخوان» تحالفوا مع الملك فاروق وانتهى الأمر بكارثة، ومع النقراشي باشا (مصطفى النقراشي أحد رؤساء الوزراء في مصر قبل ثور 1952)، قبل أن يأمر بحل الجماعة وهو ما أفضى إلى قتله . ثم مع جمال عبد الناصر الرئيس المصري الأسبق قبل أن يشن حملة ضدهم.. وهذه المرة الأمر أكثر خطورة لأن التصريحات الأميركية أشارت إلى اتصال الإدارة الأميركية بكوادر الصف الثاني في " الإخوان ". غضب صهيوني صفوت الزيات يبدو أن المخاوف السياسية من الدعوة الأمريكية للحوار ليست قاصرة فقط على بعض القوى السياسية المصرية فقط فالموقف الإسرائيلي من الدعوة الأمريكية للجماعة كان التساؤل الأبرز خاصة وان جماعة الإخوان المسلمين تربطها صلات وثيقة بحركة المقاومة الإسلامية، حماس. وفي هذا الصدد يقول الخبير العسكري المصري، صفوت الزيات ، أن هناك الآن نية بين الأمريكيين على قبول التعامل مع تيار الإسلام السياسي غير العنيف في مصر حاليا وقبول وجوده في السلطة. لكن التقارب من جماعة تبدي تعاطفاً مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تحكم غزة وتتعهد بتدمير إسرائيل سيغضب على الأرجح أقوى حلفاء الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط. ويشير إيتان جيلوبا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة بار إيلان قرب تل أبيب، إلى أن المحاولة الأمريكية للتصالح مع الإخوان المسلمين،مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل،خاصة وان الجماعة ترفض اتفاقية السلام مع إسرائيل، إذن فهناك خطر بإلغاء المعاهدة. بيد أن التقارب المنتظر بين " الإخوان " والإدارة الأميركية يعكس رغبة واشنطن في البحث عن موضع قدم لها داخل النظام السياسي المصري المقبل، خاصة وأنها بذلك سوف تكون على اتصال بمعظم القوى السياسية المصرية وليست فقط القوى الليبرالية أو جماعات شباب الثورة. فجماعة الإخوان المسلمين تعد من أقدم الجماعات الإسلامية في مصر وتتمتع بقدرة تنظيمية كبيرة مقارنة بغيرها من القوى السياسية البارزة الآن على الساحة . مما يعزز التوقعات التي تشير إلى قدرة الجماعة على الحصول على نسبة كبيرة من المقاعد في مجلس الشعب المصري بعد إجراء الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في سبتمبر المقبل، بعد نجاحها في جولة " الاستفتاء " . خاصة وأن وزيرة الخارجية الامريكية كانت قد لمحت في تصريحات صحافية قبل أيام، إلى أن اتصال الإدارة الأميركية ب " الإخوان " هو جزء من سياسة بدأت في 2006 . حينما حصلت الجماعة حينها على 88 مقعدا في البرلمان الذي انتخب عام 2005، وهي أكبر نسبة تمثيل حظيت بها قوة معارضة مصرية منذ أن أعاد الرئيس المصري الأسبق أنور السادات الحياة الحزبية في مصر. إلا أن هذا لايمنع وجود العديد من القضايا الخلافية بين واشنطن والجماعة أبرزها موقف الجماعة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تعد جزءا من التنظيم الدولي ل " الإخوان المسلمين " وتتعامل معها الولاياتالمتحدة كتنظيم إرهابي، وكذلك أيضا موقف الجماعة الرافض لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية .