صدر مؤخرا للكاتبة والباحثة السعودية أحلام حادي كتاب "الملك لير فى خمس ترجمات عربية" عن دار شرقيات للنشر، والذي يقدم بين دفتيه دراسة نقدية لأبرز الترجمات العربية لمسرحية الكاتب البريطاني الشهير وليام شكسبير. واختارت أحلام حادي خمس ترجمات للمسرحية الشهيرة "الملك لير"، لإبراهيم رمزي (1933)، جبرا إبراهيم جبرا (1968)، وفاطمة موسى (1969)، ومحمد مصطفى بدوي (1979)، انطون مشاطي (1982). ووفق صحيفة "الحياة" اللندنية حددت الباحثة السعودية هدفها من الدراسة بتحديد خصائص الترجمات في بنائها الخارجي والداخلي، ومدى التزامها بالنص المسرحي الأصلي، والمقارنة في ما بينها لكشف خصائص كل واحدة منها، ومن ثم الحكم عليها والمفاضلة بينها. واختارت حادي طبعة "آردن" الإنجليزية للمسرحية الشهيرة في نظرتها للترجمات الخمس حيث استوعبت شروح المصرية وتعد غنية بالحواشي الثرية، دون أن تغفل باقي طبعات "الملك لير" التي تعرضت لتغييرات عدة في لغتها الأصلية مما أربك المترجمين عموماً. وعقدت مقارنة دقيقة بين الأصل الإنجليزي والترجمات الخمس، متعرضة للمعاني والأساليب والأبعاد الشعرية، ملتزمة بالتسلسل الزمني بين الترجمات في ترتيب فصول الكتاب، ومتدققه في البناء الخارجي حيث عدد فصول المسرحية ومشاهد كل فصل وترتيبها، والبناء الدخلي في الحوار والصياغة ورسم الشخصيات وحبكة الأحداث. اشادت حادي بترجمة إبراهيم رمزي ووصفتها بأنها غاية في الدقة، حيث خضعت الترجمة لهيمنة الرقابة الأخلاقية الصارمة عليها، مع شدة الالتزام بالنص الأصلي وتصفيته الشوائب الأخلاقية، معللة ذلك بإبمانه الشديد أن الأدب رسالة أخلاقية من واجبها بث القيم والفضيلة. وأختتمت دراستها بعرض بيبلوجرافي عن ترجمات شكسبير في العربية معتمدة على كتاب رمسيس عوض "المسرحية في الأدب العربي الحديث" وغالي شكري "شكسبير في مصر". وتشغل الباحثة السعودية أحلام حادى منصب أستاذ قسم اللغة العربية في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وصدر لها كتاب "جماليات اللغة فى القصة القصيرة"، ولها عدة أعمال تحت الطبع. يذكر أن الملك لير من أشهر المسرحيات التي شهدت مسارح العالم تشخيصها منذ زمن إبداعها. قال فيها الناقد براولي: "هذه المسرحية لا يسعها أي مسرح". تتحدث مسرحية الملك لير عن علاقة الأب بولده فالمسرح التراجيدي عند شكسبير يغلب عليه الشر في النهاية لأن الخاسر الوحيد هو الإنسان والفائز الوحيد هو الشر الموجود في الذات الإنسانية الضعيفة فشكسبير من خلال هذه المسرحيات التراجيدية أراد أن يؤكد لنا أن الإنسان ليس شريراً بطبيعته وإنما يحمل نوازع الخير ونوازع الشر، ولكن الظروف هي التي تجعل منه شريراً لان الشرير بالنهاية يعترف بجريمته . تتحدث هذه المسرحية عن حياة الملك لير. كان الملك لير ملكاً على بريطانيا، وكانت له ثلاث بنات، البنت الكبرى جونريل متزوجة من دوق البانى والبنت الوسطي ريجان متزوجة من دوق كورنول أما البنت الصغرى كورديليا فقد كانت غير متزوجة وتقدم إلى خطبتها كل من ملك فرنسا ودوق برجاندى اللذين كانا موجودين بقصر الملك لير عندما بدأت أحداث تلك المسرحية. جمع الملك لير بناته الثلاث بعد أن كبر وتقدم به العمر ليسألهن عن حقيقة حب كل واحدة منهن له فتعبر ابنتاه "جونريال، ريجان" عن حبهما الشديد له فهو يفوق كل حب في الدنيا أما ابنته الصغيرة كورديليا فقد عبرت بصدق وواقعية عن حبها له عندما قالت إنها ستحبه كما أنها ستحب زوجها وليس صحيحاً أن أختيها لا تحبان أحداً سواه لأنهما متزوجتان، ولأن الملك لير كان عجوزاً هرماً فقد افقده السن قدرته على التمييز السليم بين الكلام الصادق الذى يخرج من القلب والكلام الزائف الذى قد ينطق به اللسان لذلك فقد اعتقد أن ابنته كورديليا تتكبر عليه فغضب غضباً شديداً وقرر أن يحرمها من الحصول على اى جزء من مملكته، ووزع الميراث بين أختيها وسيتخلي عن الحكم لصهريه "الدوق كورو زوج ريجان والدوق الباني زوج جونريال"، على أن يبقى هو محتفظاً بلقب الملك فقط، وسط معارضة شديدة من النبلاء ورجال القصر. وتتوالى الأحداث، لقد أظهر شكسبير الملك على أنه إنسان لديه الشهوة لأن يكون محط إعجاب الآخرين حتي عند ابنتيه فهو يرفض الحقيقة لأن الإنسان بطبيعته ينجرح من الحقيقة لذلك حرم ابنته الصغري من ميراثها عندما أخبرته بأنها ستحبه وتحب زوجها بينما كافأ ابنتيه اللتين خدعتاه بالكلمات المعسولة لذلك وقع ضحية الطمع الذي كان يعشش في صدري صهريه.