القاهرة: يستعرض كتاب "الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية فى تركيا" لمؤلفه عبد الحليم غزالى الصادر عن مكتبة الشروق الدولية في 103 صفحة تجربة الإسلاميين الجدد الأتراك فى الحكم فى إطار خصوصية تركيا كدولة علمانية تهيمن عليها الأبوية الأتاتوركية البطريركية منذ تأسيس الجمهورية قبل أكثر من ثمانين عاماً. ويتناول الكتاب مقدمات وأسباب وأصول حزب العدالة والتنمية للسلطة فى عام 2002م، وكيف كان ذلك بمثابة ثورة صامتة أو بيضاء ضد النخبة العلمانية التقليدية، كما يتطرق الكتاب إلى افكار ومبادئ الحزب، وكيف أن تشكيله كان تعبيراً عن حل وسط تاريخي للصراع المزمن فى تركيا. يعرض مؤلف الكتاب لخبرته التي عايشها كمراسل صحفي في تركيا لأربع سنوات مفصلية في تاريخها، وهي الفترة التي امتدت من يوليو 2002 حتي نوفمبر 2006. والمؤلف بذلك يفتح لنا نافذة لمعرفة ما جرى من ديناميات السياسة الداخلية والخارجية التركية التي قادت إلى ما أطلق عليه "الثورة الصامتة" التي حققها حزب العدالة والتنمية بفوزه الكاسح في انتخابات نوفمبر 2002، ليفتح بذلك عصر ما أطلق عليهم المؤلف "الإسلاميين الجدد" الذين يعتبرهم ظاهرة جديدة في الحياة السياسية التركية تعبر عن تجربة لم تنضج بعد - وفق "نيل وفرات". يتضمن الكتاب 12 فصلا تحت عناوين متعددة مثل "عسكر وإسلاميون.. تاريخ لا ينسى" و"حزب العدالة.. قصة النشأة"، و"الحلم الأوروبي مشروع الإسلاميين الجدد" و"الاقتصاد قبل الأيديولوجيا" و"واشنطن ولعبة النموذج الإسلامي" و"تركيا والعرب.. نهج يهزم الماضي". يصف الكتاب ما حدث في انتخابات نوفمبر2002 وهي المرة الأولى التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية بأنه زلزال سياسي. ويشير المؤلف إلى أن حزب العدالة والتنمية رغم نفيه القاطع عن نفسه صفة الإسلامية وتأكيده احترام النظام العلماني، فإنه لا يمكن نفي علاقته بالتيار الإسلامي, فالحزب خرج من عباءة حزب إسلامي ومعظم قيادات الحزب وكوادره الوسيطة لهم تاريخ معروف كرموز للتيار الإسلامي. وينفي المؤلف عن الحزب - وفق جريدة "الوسط" الكويتية- الاتهامات التي تتحدث عن امتلاكه أجندة سرية إسلامية كما يشيع خصومه من العلمانيين، ولكنه يذهب إلى أنه لا يشبه الأحزاب العلمانية القائمة, وإنما يعبر عن توليفة أيديولوجية تتمثل في الإسلام الروحي والعلمانية السياسية. فالدين لا يلعب دورا محوريا في أنشطة الحزب والحكومة، وهم يدافعون عن القيم الإسلامية ولكنهم مع فكرتي الديمقراطية والعلمانية، ليس بمعنى العداء للدين ولكن بمعنى فصل الدين عن الدولة. ويتبني الحزب اقتصاد السوق ولكنه يعمل على التوازن في توزيع الدخل القومي. ويرى أن العائلة أساس المجتمع ويدعو لضرورة الحفاظ على العادات والتقاليد والمعتقدات والقيم الوطنية التي تنتمي إلى الماضي وعدم الابتعاد عنها. وينهي المؤلف كتابه بالحديث عن تجربة حزب العدالة والتنمية في الحكم لخمس سنوات، وكيف أن الأداء الاقتصادي الجيد لحكومة العدالة والتنمية مثل أولويتها الكبرى. ولا يتعجل المؤلف الحكم على هذه التجربة بالنجاح الكامل أو الفشل، فهي لا تزال تواجه الكثير من العواصف الداخلية والخارجية. ومن خلال كتابه صك المؤلف مصطلحا جديدا هو "الإسلاميون الجدد" ليصف به ظاهرة التيار الإصلاحي من جيل الوسط الإسلامي في تركيا.