آن باترسون مثلما كانت حقيقة استعداد مصر لدخول حرب مع الكيان الصهيونى على مدى الشهور السابقة لانتصار السادس من أكتوبر عام 1973، أمرا اضحا كالشمس، بالنسبة للموساد، عبر ما نما إلى علمه من معلومات استخبارتية و"وشايات" من أحد زعماء العرب، وقتئذ، (ح) .. فكذلك كان الأمر بالنسبة للمخابرات المركزية الأميريكية - (CIA) – التى وبالرغم من تأكدها عبر تقارير محلية ودولية، من أن الشارع المصري يغلي بالغضب وأن البركان الخامد منذ سنين على وشك الانفجار، إلا أنها فشلت فى التنبؤ بثورة 25 يناير التى اشتعلت العام الماضي فى وجه العميل الأول للكيان الصهيو – أميريكي، الديكتاتور المخلوع "مبارك، وهو ما أجبر الولاياتالمتحدة للانحناء للعاصفة والقبول مضطرة بالتضحية بأحد كبار خدام مشروعها الاستعماري فى المنطقة، وهو ما تستحق معه المخابرات المركزية الأميريكية، أن يطلق عليها بجدارة لقب ((CILA أو: central LAKE OF intelligence agency الجريمة والعقاب من هنا كانت الخطوة التالية من جانب المخابرات المركزية الأميريكية، وبعد تقويض الكثير من أركان النظام الموالي لواشنطن فى مصر، أن تلجأ إلى اعتبار أن ثورة المصريين على حاكمهم الظالم، جريمة تستحق العقاب، وهو ما دعاها لنقل ملف مصر إلى أيدي واحدة من أشرس نساء المخابرات الأميريكية، وهى "آنا باترسون"، التى سبق لها أن عملت كدبلوماسية رفيعة المستوى ثم سفيرة فى عدد من دول العالم الثالث، المنكوبة بالتدخل العسكري الأميريكي، بدءا بالمملكة العربية السعودية – ثاثى حليف لواشنطن فى الخليج، والتى احتضنت فى تسعينات القرن الماضي واحدة من أكبر قواعد الجيش الأميريكي إبان حرب الخليج الثانية، ومن بعدها دول "السلفادور" و"كولومبيا" وأخيرا "باكستان"، وبالطبع فإن جميع هذه الدول كانت – ومازالت – مرتعا خصبا لأتشطة المخابرات الأميريكية المدمرة، لاستقرارها، عبر إبقائها رهنا لصراعات داخلية، تذكيها عمليات اغتيال للرموز السياسية والاقتصادية بين الحين والآخر. قاتلة "بن لادن" وقد شهدت فترة عمل "آن باترسون" فى باكستان تحديدا، جهودا مكثفة من أجل التنسيق المستمر بين المخابرات المركزية الأميريكية وبين نظيرتها فى "إسلام آباد"، لمواجهة "أعداء" البلدين الحليفين، وعلى رأسهم بالطبع، شيخ المقاومة الأفغانية "أسامة بن لادن"، الذي جاء اصطياده من جانب قوات الاحتلال الأميريكي قبل شهور، بمثابة تتويج للجهود التى بذلتها "باترسون" قبل مغادرتها باكستان بأسابيع. من هنا يمكن فهم السبب الحقيقى لقيام واشنطن باختيار سفيرة كهذه، ذات خلفية كتلك، لتمثل الدبلوماسية الأميريكية فى مصر خلال المرحلة الراهنة..! من هنا أيضا يمكن وبسهولة، الربط بين قدوم هذه "الأفعي" إلى مقر السفارة الأميريكية بقلب القاهرة، وبين ما تردد مرارا طوال الفترة الماضية عبر تقارير غير رسمية بشأن وجود مخطط تصفيات جسدية، يستهدف عددا من كبار الرموز السياسية والاجتماعية والدينية فى مصر، من أجل إغراق البلاد فى آتون من الفوضي "المدمرة"، استكمالا لمؤامرة "الفوضى الخلاقة"، التى بدأتها "حيزبون" آخر سابقة هى "كوندوليزا رايس"، من "تل أبيب" قبل عدة سنوات. ولا يحتاج الأمر لخبير، لكي يدرك أن هذا المخطط التصفوي قد بدأ بالفعل يدخل حيز التنفيذ، عبر محاولات الاعتداء على عدد من الرموز السياسية، وهم بالتحديد المرشحين الرئاسيين "عبد المنعم أبو الفتوح" و"عمرو موسي"، ثم النائب الإخوانى "حسن البرنس".. وما خفى مما يحمله المستقبل القريب، أعظم. إن الواقع السياسي الهش الحالي للدولة المصرية، - إن لم تنتبه القوى الوطنية - يمهد بلا شك لبدء العد التنازلى لانزلاق البلاد إلى مستنقع صراعات سياسية وربما أهلية، أو حتى طائفية، خاصة فى ظل رغبة رموز النظام البائد فى إحراق البلاد بمبدأ شمشون الشهير "علىَّ وعلى أعدائى"، وذلك إذا تأكد فشل ثورتهم المضادة، ومحاولاتهم الدائبة (لتفكيك) ثورة يناير، والعودة لامتلاك ناصية الحكم مرة أخري، ولو على جثة الجيش المصري المنخرط منذ شهور فى جهد استثنائي، أنهك الكثير من فصائله المسلحة، عبر محاولات حفظ أمن واستقرار الدولة، التى عانت مؤخرا من مؤامرة "أمنية" ضخمة، جاءت "أيضا"........ كنوع من العقاب للمصريين على "امتعاضهم" من جبروت أجهزة وزارة الداخلية، ذات التاريخ الإجرامي العتيد من التعاون مع جهاز الاستخبارات الأميريكية، بأوجه كثيرة، ليس فقط بتنفيذ استراتيجية واشنطن الأمنية استهدفت تحويل شعب مصر إلى قطيع من العبيد، غير القادرين على النهوض بالدولة الأكبر – والأخطر – فى المنطقة على "الصديقة - إسرائيل"، ولكن أيضا بأداء الوظائف القذرة ل" CIA" عبر تعذيب المعتقلين "الإرهابيين" المسلمين بالنيابة عنها، فى سجون "أمن الدولة"، كما كان يجري بانتظام فى السنوات القليلة الماضية.