تتواصل حرب التصريحات ما بين واشنطنوالقاهرة وخاصة فى ظل العلاقات المتواترة حاليا بسبب قضية منظمات المجتمع المدنى حيث سارعت الخارجية الأمريكية إلى نفي اتهام واشنطن بالسعي للإخلال باستقرار مصر، في الوقت الذي شددت فيه القاهرة على أن أي دعم خارجي لابد أن يحترم السيادة المصرية. وقالت السفارة الأمريكية في القاهرة، في بيان اليوم الأربعاء،إن الولاياتالمتحدة "تُقدر بعمق شراكتها طويلة الأمد مع مصر، وتدعم بقوة تحول مصر نحو الديمقراطية.. وقد ارتكزت جهودنا ماضياً وحاضراً على تعزيز هذه الشراكة." وتابع البيان قائلاً: "اطلعنا على تقارير في وسائل الإعلام المصرية، تزعم بأن الولاياتالمتحدة تسعى إلى الإخلال باستقرار مصر، أو الحيلولة دون تحقيق أهداف الثورة"، وشدد على أن "هذه التقارير غير صحيحة بالمرة"، وأضاف أن "الولاياتالمتحدة تشارك الشعب المصري تطلعاته إلى مصر قوية ومستقرة ومزدهرة." وحول المنظمات الأمريكية غير الحكومية التي أحالتها السلطات المصرية للتحقيق، على خلفية قضية التمويل الأجنبي للجمعيات، قال البيان إن هذه المنظمات كانت "جزءاً من جهودنا في سبيل دعم التحولات الديمقراطية في عدد من الدول حول العالم." وشددت السفارة الأمريكية، في بيانها، على أن أنشطة هذه المنظمات في مصر "تمتاز بالشفافية"، وقالت إن غرضها الوحيد كان "مساعدة المجتمع المدني المصري والأحزاب السياسية، على الإعداد لأول انتخابات ديمقراطية حقيقية في مصر." وأشارت إلى أن الحكومة المصرية سبق وأن اعتمدت كل من "المعهد الديمقراطي الوطني"، و"المعهد الجمهوري الدولي"، كمشاهدين أثناء انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. من جانبها، أكدت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة الانتقالية، فايزة أبو النجا، أن "مصر لن تنهض إلا بسواعد أبنائها"، وأن "أي دعم خارجي يأتي مسانداً لهذه الجهود، يُعد مفيداً طالما أنه يحترم السيادة المصرية"، وشددت على أن "الجهد الأساسي يأتي من أبناء الوطن، وهم قادرون على ذلك." ورداً على سؤال حول رؤيتها للمبادرات الخاصة بدعم الاقتصاد المصري، قالت أبو النجا، في تصريحات أوردها موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، إن هذا هو معدن الشعب المصري في دعم اقتصاد وطنه، وكل مواطن يسعد بهذا العمل وبهذه المبادرات، سواء من أجهزة الدولة الإدارية أو غيرها. وذكرت أبو النجا أن وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية والاتحاد العام للجمعيات الأهلية سوف ينظمان مائدة مستديرة، تضم ممثلي المجتمع المدني المصري، للتشاور حول مشروع القانون الجديد الخاص بالنقابات والجمعيات الأهلية، بحيث يأتي متوائماً مع المعايير الدولية التي تلتزم بها مصر. وشددت أبو النجا، في تصريحات للصحفيين عقب اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء، على أهمية أن يجري هذا الحوار بشكل شفاف، يتم من خلاله الموازنة بين حرية عمل المجتمع المدني، وعدم المساس بالقوانين أو السيادة أو الأمن القومي المصري، وأعربت عن سعادتها بأن يكون تمويل تلك الجمعيات الأهلية مصرياً. ومن المتوقع أن تحدد محكمة استئناف القاهرة خلال ساعات، بحسب المصدر نفسه، موعد بدء محاكمة المتهمين في "المرحلة الأولي من ملف التمويل الأجنبي"، أمام محكمة جنايات القاهرة، البالغ عددهم 43 متهماً، بينهم 19 أجنبياً، غالبيتهم من الأمريكيين. ومن جانبه أكد إليوت إبرامز، الخبير الأمريكى بمجلس العلاقات الخارجية، والمسئول السابق فى إدارة الرئيس جورج بوش، إن واحدة من أكبر المخاطر التى تهدد الديمقراطية فى مصر هى نظريات المؤامرة، التى تحذر من مخططات سرية تهدد البلاد. واعتبر، فى تعليق له على موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، وهو أحد أهم مراكز الأبحاث فى الولاياتالمتحدة، أن الهدف من هذه النظريات هو إقناع المواطنين بأن ما رأوه أمامهم، مثل قمع الجيش، ليس حقيقياً، وأن هناك مخططات شريرة غير مرئية تجرى خلف الكواليس. ورأى إبرامز أن أفضل مثال على تلك الظاهرة يأتى من أزمة المنظمات غير الحكومية، والذى تجلى فى التصريحات الأخيرة لوزيرة التخطيط والتعاون الدولى فايزة أبو النجا، التى قالت فيها إن الولاياتالمتحدة تسعى لإحداث فوضى فى مصر، بعدما فاجأتها ثورة 25 يناير، وأنها سعت لاختطاف الثورة لتحقيق مصلحتها هى وإسرائيل.ويشير الكاتب أن أبو النجا هى المسئولة عن جهود مستمرة منذ 5 سنوات على الأقل لوقف برنامج المساعدات الذى يقدمه الكونجرس لمصر، ووضعه فى يد الحكومة المصرية بشكل كامل، من خلال تحويل برنامج المساعدات إلى صندوق، بما يقضى، حسبما يقول محللون، على إمكانية أن يراقب الكونجرس تلك المخصصات. وكانت أبو النجا تفعل ذلك أثناء حكم مبارك، والآن تعتمد على حماسة ثورة الشعب. وختم إبرامز تعليقه قائلاً، كيف يمكن أن يكون هناك ثقة فى الطريقة التى ستُنفق بها المساعدات فى الوقت الذى ترى فيه المسئولة عن تلك المعونة واشنطن ليست كشريك أو كمانح ولكن كمتآمر ضد مصر.