مع العدد الأول من مجلة( حابي) التي صدرت في ديسمبر الماضي عن وزارة الثقافة, ويرأس مجلس إدارتها د. زاهي حواس ويرأس تحريرها الزميل القدير عزت السعدني قرأت مناجاة المصري القديم التي يقول فيها: أيها الإله العظيم الذي وجد قبل أن يوجد البشر وقبل أن يحس أحد إحساسا, وقبل أن يهمس أحد بشئ, كنت أنت موجود في كل مكان. لايوجد شئ في الكون إلا ولك فيه يد. أنت الذي خلقت الجميع وتعرف أسرارهم وتعرف ما في قلوبهم وتكشف المخادعين وتجزي الصالحين. والمناجاة طويلة وتكشف تعلق المصري منذ آلاف السنين بالقوة الغامضة التي استشعر أنها خالقة الكون وأنها تميت وتبعث, وكل هذا قبل أن يرسل الله رسله ليهدوا البشرية إلي طريقه. لهذا كان طبيعيا إيمان المصري بالمسيحية كرسالة إلهية عندما وفدت إلي مصر في منتصف القرن الأول الميلادي يحملها القديس مرقص أحد حواري السيد المسيح ومعه القديس بطرس. وبرغم حملات الاضطهاد التي واجهها المسيحيون من الحكم الروماني الذي كان يسيطر علي مصر في ذلك الوقت فقد ثابروا ولم يستسلموا, وإنما استسلم الرومان وأعلنوا اعترافهم بالمسيحية كدين رسمي للإمبراطورية عام.183 فالمسيحية وفدت إلي مصر وآمن بها المصريون المقيمون, وكذلك الإسلام الذي وفد إلي مصر عام536 مع عدد من المسلمين بقيادة عمرو بن العاص. وكان تعداد مصر في ذلك الوقت نحو مليونين ونصف مليون كان منهم نحو مليون مسيحي والباقي يهود ووثنيون. وقد أقبل كثيرون علي الإسلام أغلبيتهم من الأقباط وذلك من نفس منبع الإيمان الذي ملأ نفس المصري بالفطرة والعقل. وحتي القرن الثامن كانت اللغة اليونانية هي لغة المصريين فلما دخل الإسلام وانتشر القرآن أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة بدلا من اليونانية, وخلال ثلاثمائة سنة أصبحت العربية هي لغة العامة من المصريين. وبقي الجميع يعبدون ربهم مسلمين ومسيحيين ويهودا فكلهم أهل كتاب.