عن الشعر والأدباء: تميز هذا العصر بنخبة من الشعراء المصريين الكبار من أمثال ( ابن نباتة ) الذى تميز أسلوبه بالتناص مع الشعر والأدب العربى الأصيل بأسلوب وصياغة مصرية خاصة لها نكهة متميزة . ومن أشهر قصائده فى المدح التائية الشهيرة لمدح كمال الدين الزملكانى : يقول فى مطلعها : قضى وماقُضيت منكم لُبانات ** مُتيمٌ عبثت فيه الصبابات وقد احتذى بهذا الشاعر الكبير الكثير من شعراء عصره ممن حاكوه وجاروه مثل : ( ابن الخياط ) بينما يفتخر ابن نباتة بذاته وبشعره وبمصريته , فيقول عنه : خذها منظمة الأسلاك معجزة ً بالجوهر الفرد فيها كل نَظَّامِ مصريةٌ من بيوت الفضل ماعُرف ت فيها بنسبة جزَّار وحمَّام ويعد ديوان ابن نباتة دليل لأثر القرآن الكريم والحديث النبوى والشعر العربى عليه خاصة الذى يتناصّ مع المتنبى وهو من شعراء العصر العباسى , واهتمامه بفنون اللغة العربية كالمَثَل . ولهذا أكد المؤرخ الكبير جمال حمدان فى موسوعته شخصية مصر : أن دور مصر الحضارى لم يختف عبر العصور لأن المكان احتفظ ببهائه وتميزه وروحه العبقة مهما اختلفت الأزمنة والدهور . ولنوضح أسلوب هذا الشاعر الكبير , نذكر مما قاله فى الرثاء , حيث قال فى رثائه لقاضى القضاة تقى الدين السبكى : قاضى القضاة بيُمنى حُكمهِ قلم * ياسارى القصدِ هذا الباب والعلم هذا اليراع الذى تجنى الفخار بِهِ * يَدُ الامام التى معروفها أمَمُ إن آلم الحكم ُ فقد الذاهبين فقد * وافى الهناء فزال اللُّبس و الألم ُ ولَّى على ووافى بعد مُشبِهِهِ * كالسيل أقبل لما ولّت الدِّيم ويمنعُ الله بالراقى لرتبتهِ * فقد تشابهت الأخلاقُ و الشِّيمُ آها لمصر ٍ وقد شابت لفرقته ِ * فليس يُنكرُ أن يُعزى لها هَرم تقاسمت بعد رُؤياه الأسى ودَرَت* أن البلاد َ لها مثل الوَرى قِسمُ لنا كلمة أخيرة فى هذا الموضوع و لهذا ينبغى أن نشير الى سبب النهضات التى يزدهر فيها الجانب العلمى والفنى والأدبى والحركات العلمية والأدبية بشكل عام فى هذه الأجواء التى تمتلئ بشحنات من الاستبداد السياسى , مع ملاحظة أن هذا منذ العهد الأموى والعباسى وباقى العصور التى سبقت الدولة المملوكية ..لماذا كانت تلك الميادين تزدهر فى ظل الاستبداد ؟؟؟ ...ولهذا ينبغى أن نوضح كما أشار اليها المؤرخون أن نظام الوقف الذى أودعه الشرع الاسلامى واستفادت منه حضارته هو الذى كان يتولى الانفاق على ميادين العلم ..والتعليم ..والثقافة ..والفنون .. وحتى الدعوة الدينية ؛ فالفنون بشكل عام من عمارة وزخرفة وخطاطين والأدباء والمساجد والمكتبات الى المؤسسات الخيرية ودور رعاية المحتاجين.. وما الى ذلك من ميادين كانت تعيش استقلاليتها بعيدا عن سيطرة السلطة الحاكمة , فلاتحتاج أن تمد يدها الى السلطة لتحصل على معاشاتها أى ان الوقف هو الذى يخصص لها نقات العلم والأجور والمعاشات .. على عكس ماحدث للدولة المصرية منذ أن صادر الباشا محمد على الكبير أوقاف الأزهر وجعلت الحكومة هى المحتكرة للأرض , ثم أتى عصر المماليك الجدد منذ أوائل خمسينيات القرن العشرين فصادروا كل شيء حتى أن أراضى منطقة الساحل الشمالى المصري, هى فى الأصل قبل ذلك أراضى أوقاف حبسها ووقف عليها مواطنون مصريون ..الى جانب ذلك احتكروا كل أنشطة الدولة من تعليم واعلام وثقافة وجميع المرافق بالتأميم وفى حين أن هذا النظام السياسى المتَّبع ليس مدنيا .. فتظل الدولة مع السلطة العسكرية المحتكرة اما فى حالة نجاحها فتنشط الدولة وتنجح أو فى حالة فشلها تفشل الدولة بكل مقدراتها .. أى أن نجاح أو فشل الدولة والشعب بشكل عام متوقف على نجاح أو فشل هذه السلطة .