متابعة مكثفة للبرنامج العلاجي الصيفي لتنمية المهارات الأساسية للطلاب بأسيوط    القاهرة الإخبارية: ارتفاع حصيلة شهداء كنيسة العائلة المقدسة بغزة إلى 3    وسط إقبال كثيف من الخريجين.. 35 ألف فرصة عمل في الملتقى ال13 لتوظيف الشباب    بدائل الثانوية.. كيفية التقدم لمعاهد التمريض بالأزهر - نظام 5 سنوات    شيخ الأزهر يوافق على تحويل "فارس المتون" و"المترجم الناشئ" إلى مسابقات عالمية بهدف توسيع نطاق المشاركة    7 أقسام علمية متخصصة.. «الأكاديمية العربية» تطلق كلية العلاج الطبيعي بفرع العلمين الجديدة    الذهب في مصر يواصل الانخفاض بحلول التعاملات المسائية اليوم    وزير البترول يبحث مع شركة صينية مشروعاً لتصنيع الألواح الشمسية بقناة السويس    ارتفاع نسبة الحاصلين على جنسيات أجنبية ب62% مقابل انخفاض المهاجرين 1% خلال 5 سنوات (تقرير)    محافظ سوهاج يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والوضع العام بقرية "المدمر"    عمرو أديب يعلن غيابه عن شاشة MBC - السبب وموعد العودة    نتنياهو: أمرت الجيش باستهداف قوافل الموت التابعة للنظام السوري    أحمد عبد الوهاب يكتب: قراءة في أسباب تدهور «اقتصاد الضفة»    انهيار أرضي في كوريا الجنوبية ومصرع 4 أشخاص وإجلاء ألف آخرين    بلجيكا تمنع شحنة عسكرية لإسرائيل وتفرض قيودًا صارمة على تصدير المنتجات الدفاعية    أول تعليق من محمد الصباحي بعد اعتزاله التحكيم    "معلومة مؤكدة".. أول رد رسمي من الأهلي حول الاجتماع مع وكيل مصطفى محمد    تقرير: نجم الأهلي يرفع راية العصيان بالقلعة الحمراء    مانشستر يرفض الاستسلام في صفقة مبويمو    الخطيب يفتتح حمام سباحة «التربية والتعليم الأولمبي»    رغم العاصفة الترابية.. 2000 سائح زاروا معبد أبو سمبل بأسوان    إغلاق ميناء العريش البحري بسبب الظروف الجوية    «التعليم» تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025-2026    ضبط 3 أشخاص لاتهامهم بغسل أموال ب90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    "فيها جن"... والد أطفال أسيوط يكشف سرًا غامضًا عن موقع غرق بناته الثلاث بالنيل -فيديو    ضبط 3 متهمين غسلوا 90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    لأول مرة.. محمود الخطيب يشارك في مسلسل "كتالوج"    غالبًا ما تدمر سعادتها.. 3 أبراج تعاني من صراعات داخلية    أحمد السقا ينعى والدة هند صبري.. ويسرا تعتذر    الشيخ خالد الجندي: من قدّم عقله على القرآن الكريم او السنة هلك    نائب وزير الصحة تبحث مع رئيس جامعة المنيا خفض معدلات الولادة القيصرية ووفيات حديثي الولادة    دبلوماسي إثيوبي يفضح أكاذيب آبي أحمد، ومقطع زائف عن سد النهضة يكشف الحقائق (فيديو)    إعداد القادة: تطبيق استراتيجيات البروتوكول الدولي والمراسم والاتيكيت في السلك الجامعي    كشف ملابسات فيديو جلوس أطفال على السيارة خلال سيرها بالتجمع - شاهد    الأزهر يدين العدوان الإسرائيلي على سوريا.. ويحذر من ويلات الفرقة    واتكينز يرحّب باهتمام مانشستر يونايتد رغم تمسك أستون فيلا    بين التحديات الإنتاجية والقدرة على الإبداع.. المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي بمشاركة أساتذة مسرح ونقاد وفنانين    سحب قرعة دوري الكرة النسائية للموسم الجديد ..تعرف علي مباريات الأسبوع الأول    "IPCC" الدولي يطلب دعم مصر فى التقرير القادم لتقييم الأهداف في مواجهة التحديات البيئية    في 6 خطوات.. قدم تظلمك على فاتورة الكهرباء إلكترونيًا    وزارة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قواتها على قرى في ثلاث مناطق أوكرانية    الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر على حدود غزة.. والآلية الحالية لا تعمل مطلقا    للعام الثالث.. تربية حلوان تحصد المركز الأول في المشروع القومي لمحو الأمية    بمنحة دولية.. منتخب الكانوى والكياك يشارك فى بطولة العالم للناشئين بالبرتغال    ترامب: كوكاكولا وافقت على استخدام سكر القصب في منتجاتها    احتفالاً بالعيد القومي لمحافظة الإسكندرية.. فتح المواقع الأثرية كافة مجانا للجمهور    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    كابتن محمود الخطيب يحقق أمنية الراحل نبيل الحلفاوى ويشارك في مسلسل كتالوج    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول «هايبر ماركت» في العراق ل63 حالة وفاة و40 إصابة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-7-2025 في محافظة قنا    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    وفاة والدة النجمة هند صبري    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير (139) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفوًا.. الأزمة فى العقول وليست فى السيول!- أسامة هيكل – صحيفة المصري اليوم
نشر في مصر الجديدة يوم 23 - 01 - 2010

الغالبية العظمى من المسؤولين ووسائل الإعلام تعاملت مع سيول الإثنين الماضى باعتبارها قضاء وقدرا، وتجاهل كل هؤلاء أن السيول ظاهرة طبيعية محتملة، ولها مسارات محددة منذ قديم الأزل، بل إن الإنسان العادى يستطيع أن يدرك بعينه المجردة مجرى السيل حتى ولو لم يمر فيه سيل منذ قرن.
والسيول التى هطلت فرصة ضاعت كما تضيع كل الفرص بسبب قلة الإدراك وسوء الإدارة.. ولا فارق بين الكارثة التى سببتها السيول رغم أنها ظاهرة طبيعية وحادث قطار العياط.. فكلاهما وليد خطأ.. وكلاهما يكشف الإصرار على غياب الإدارة العلمية.. ويجب أن ننظر للسيول باعتبارها نعمة كبرى فى بلد يعانى الآن فقرا مائيا ويواجه تهديدات فى استمرارية حصته من مياه نهر النيل.
وفى سيناء مثلا، تهطل الأمطار فى مناطق متفرقة على جبالها المرتفعة التى تتوارى بينها وديان ضيقة كل عام.. وكلما زاد ارتفاع الجبل وضاق الوادى، زادت سرعة السيل وشدته.. وأهل سيناء يعلمون مواعيد السيول، ويعرفون أن الأمطار تهطل بغزارة مرة كل 15عاماً تقريبا كما حدث هذا العام.. وحسب مكان سقوط المطر، يتحدد مسار السيل.. فأحيانا يسير غربا فى اتجاه خليج السويس، وأحيانا يسير شرقا فى اتجاه خليج العقبة، وأحيانا ينحدر شمالا فى اتجاه العريش..
وحينما حدثت سيول 1989 وسارت عبر وادى فيران، دمرت طريقا أسفلتيا طوله 110 كيلومترات بالكامل وألقت به فى مياه خليج السويس.. ومع بدء العمران فى جنوب سيناء، نظم محافظها آنذاك اللواء عبدالمنعم سعيد ندوة علمية ضخمة أدارها الجيولوجى الكبير خيرت عبدالله سليمان، وحضرها كل أهل الخبرة بهذا العلم، وتمت الاستعانة بالبدو للاستفادة من خبراتهم فى التعايش مع السيول أيضا..
وكنت أحد المشاركين فى هذه الندوة باعتبارى أحد المهتمين بسيناء.. وزار المشاركون فى الندوة عدة مواقع متضررة من السيول على الطبيعة لدراستها.. وانتهت الندوة بوضع تصورات لسيناريوهات كل المسارات المتوقعة للسيول فى سيناء، كما أوصت بمواصفات ومسارات محددة للطرق فى هذه المناطق، وحددت أماكن لإنشاء سدود بمواصفات خاصة لتحجز المياه وتحولها للمخزون الجوفى فى تلك المنطقة التى تعانى ندرة فى مواردها المائية..
وتم بالفعل تنفيذ كل هذه التوصيات، وكان لها أثر بالغ فى تأمين الأرواح والممتلكات من السيول التى ضربت سيناء لعدة سنوات تالية.. بل إن خليج نعمة الشهير بشرم الشيخ والمكتظ بالقرى السياحية يقع فى نهاية مجرى سيل خطير فى وادى العاط، ولكن السد الذى شيد فى هذا الوادى قبل منتصف التسعينيات أنقذ الاستثمارات هناك من عدة سيول.. وكانت السيول التى ضربت المنطقة تمر بلا خسائر فى الأرواح.. ولكن بعد عدة سنوات لم يهطل فيها السيل، حدث التراخى المعتاد فى الإدارة المصرية، وارتبكت الأجهزة حينما نزل المطر، فزادت الخسائر.
إذن.. فالقضية ليست فى السيول.. ولكنها فى نمط أداء الإدارة المصرية الرخوة.. فالمفترض وفق الخطط التى كنت شاهدا على ولادتها وعايشتها فترة طويلة بنفسى، ألا يكون السيل مفاجئا، وألا يسبب خسائر كبيرة، وأن يتم الاستفادة بمياهه.. وهذه الخطط تقضى أولا برفع حالة الطوارئ فور تلقى أول إشعار من الأرصاد الجوية باحتمال حدوث السيل، ثم مراجعة الخطط الموجودة فى مركز الأزمات الرئيسى بالمحافظة،
وكان المفترض عند اقتراب وقت الإنذار أن يتم غلق الطرق المحتمل مرور السيل على بعض أجزائها، وتوجيه الإمكانيات للمناطق المحتملة قبل أن تهطل الأمطار مسببة السيول.. إلا أن الأرصاد حذرت.. ولكن المؤكد أن أجهزة المحافظة لم تتخذ التدابير، وربما لم تفتح الخطط الموجودة فى مركز إدارة الأزمات، وربما أن المركز نفسه لم يعد موجودا.. فجاء السيل مفاجئا للمسؤولين تماما كما فاجأ المواطنين.. لا فرق.
وفى أسوان كانت الكارثة أكبر.. لأن الإدارات المحلية هناك تقاعست لسنوات طويلة، وتركت المواطنين يبنون بيوتهم الطينية فى مجارى السيول، ولم تحذرهم، فالسيول لاتأتى هناك إلا نادرا.. كما أن هذه الإدارات المحلية لم تكلف نفسها عناء البحث عن مكان بديل لهؤلاء المواطنين.. فالمشاكل هناك كثيرة.. ولاأحد يريد أن يشغل باله بمشكلة أخرى .. ولهذا حينما جاء السيل تحول من نعمة إلى نقمة.
القضية ياسادة ليست فى السيول.. ولكنها فى العقول المسؤولة عن التعامل معها.. فنمط الإدارة المصرية السائد لا علاقة له بالعلم، ولهذا تجد مصر دائما فى حالة رد فعل أمام كل الأحداث حتى السياسية منها.. ولو كان لأهل العلم رأى بيننا لأقمنا السدود لتقليل اندفاعها وزيادة المخزون الجوفى ليكون رصيدا سنحتاجه حتما يوما ما..
ولو أردنا ألا تؤذينا السيول، سيكون واجبا تدبير هيئة مستقلة ذات إدارة علمية حقيقية للتعامل مع الأزمات والكوارث، تكون مرتبطة بمجموعة من المراكز الفرعية فى كل المحافظات والمدن، تكون مهمتها مثل هيئة العمليات فى القوات المسلحة، تضع تصورات للأخطار المتوقعة فى كل منطقة، الطبيعية منها وغير الطبيعية، وتضع الخطط العلمية لمواجهة كل خطر فى حالة حدوثه، وتوضع كل إمكانيات الأجهزة بالدولة تحت سيطرتها عند الطوارئ.. وبدون هذا الإجراء سنظل نلطم الخدود ونصرخ فى الصحف والفضائيات كلما حلت بنا كارثة، ثم ننسى وننتظر الكارثة التالية، وسنكون قد اخترنا الجهل طريقا والفشل هدفا .
متى يحدث التغيير؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.