في الوقت الذي تقول فيه إسرائيل إنها جادة بشأن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تخطط حكومة الاحتلال لإنشاء ما يُسمى ب"مدينة إنسانية" على أنقاض رفح جنوبي القطاع لنقل الفلسطينيين للعيش فيها ولكن مع حرمانهم من حق العودة إلى شمال القطاع. وواجهت حكومة الاحتلال انتقادات واسعة من قِبل مؤسسات حقوقية دولية التي وصفت المضروع بأنه "معسكر اعتقال"، كما عارضه كبار القادة العسكريين في إسرائيل، إذ نشب خلاف بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقائد الجيش. وتكشف وسائل إعلام إسرائيلية، أن مكتب رئيس الأركان إيال زامير، أوضح أن الجيش غير ملزم بنقل المدنيين قسرًا، كما تتطلب الخطة التي تصل تكلفتها إلى 15 مليار شيكل. تأثير المشروع على القضية الفلسطينية يقول أستاذ العلوم السياسية حسن سلامة، إن إنشاء ما يُسمى ب"مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح التي دمرها الاحتلال يعتبر "جريمة إبادة جماعية"، إذ ستكون بمثابة سجن كبير يحرم الفلسطينيين من حق العودة مرة أخرى إلى مناطق شمال قطاع غزة ولن يخرجوا منها إلا بموافقة سلطات الاحتلال. ويضيف سلامة خلال حديثه ل"مصراوي"، أن هذا يعني التهجير القسري للسكان، إذ تتضمن المرحلة الأولى من نقل حوالي 600 ألف فلسطيني وفي نهاية المطاف سيستوعب المشروع كل سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، فضلًا عن قطع الربط بين أراضي القطاع، كما سيقضي المشروع، في حال تنفيذه، على أمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967. ويشير إلى أن هذا المشروع يؤكد أن إسرائيل ماضية في مخطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم واحتلال القطاع واستيطانه وتغيير طبيعته الجغرافية والديموغرافية، وهو الأمر الذي يرفضه القانون الدولي. تعامل مصر مع الموضوع أكدت مصر رفضها القاطع لأي مخطط يستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بهدف تصفية القضية، وساعدت القاهرة على تحقيق هذا الهدف من خلال المساعي الدبلوماسية والقيام بدور الوسيط في مفاوضات إنهاء حرب غزة وتأكيدها على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، فضلًا عن تقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية للقطاع المحاصر، وفقًا لسلامة. ويقول الدكتور حسن سلامة، إن هذا المشروع يشكل ضغطًا على الحدود المصرية وبه تريد إسرائيل إحراج مصر دوليًا وتصدير أنها مشاركة في حصار الفلسطينيين، وستتعرض القاهرة لضغوط كبيرة لاستقبال الفلسطينيين المحاصرين بالقتل والجوع من قِبل الاحتلال، ما يعني أن إسرائيل "ليست حريصة على حسن الجوار مع مصر". ويؤكد سلامة، أن تلك الضغوطات سيقابلها موقف راسخ وبدائل وسيناريوهات مصرية لحماية الأمن القومي، وأن جيشها قادر على الردع والتعامل مع أي تداعيات سلبية محتملة للموضوع بما فيها محاولات دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية لتهجيرهم من غزة، حال حدوثها. ويشدد على أن التدابير التي من الممكن أن تتخذها الدولة المصرية لحماية أمنها القومي لا تتناقض مع حرص القاهرة على الحفاظ على القضية الفلسطينية وعلى حقوق الفلسطينيين، ورفضها القاطع لأي محاولات تهدف إلى تصفية القضية.