في فجر يوم الجمعة، وبينما كانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن هجومًا واسع النطاق على أهداف عسكرية ونووية داخل إيران، أعلنت وكالات الأنباء الإيرانية، ومنها الرسمية "إرنا" و"تسنيم"، مقتل أحد أبرز قادة الجمهورية الإسلامية، اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، إلى جانب اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر "خاتم الأنبياء" المركزي. وكان حسين سلامي يمثل صوت المؤسسة العسكرية الإيرانية، ورمزًا للخطاب المتشدد في وجه الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وواحدًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا في هيكل الدولة العميقة في إيران، منذ تعيينه على رأس الحرس الثوري عام 2019. وُلد سلامي في عام 1960 في قرية "وانشان"، ضواحي مدينة كلبايكان بمحافظة أصفهان، وسط إيران. نشأ في بيت محافظ، والتحق بالمدارس المحلية، ثم انتقل إلى العاصمة طهران عام 1978 لمواصلة تعليمه الأكاديمي، في الوقت نفسه الذي كانت فيه إيران تغلي بثورة شعبية أطاحت بنظام الشاه. عُرف منذ شبابه بحفظه الكامل للقرآن الكريم، وكان دائم الاستشهاد بآياته في خطاباته. هو شقيق العميد محمد سلامي، أحد كبار ضباط الجيش الإيراني، ولكن المعلومات المنشورة عن عائلته تظل نادرة للغاية. التكوين العلمي والعسكري التحق سلامي بجامعة "علم وصنعت" في طهران لدراسة الهندسة الميكانيكية، لكنه قطع دراسته عام 1980 ليلتحق بالحرس الثوري عقب اندلاع الحرب الإيرانيةالعراقية. شارك في جبهات القتال غرب البلاد بمحافظة كردستان، ثم في الجنوب قرب الخليج العربي. بعد انتهاء الحرب عام 1988، عاد لإكمال دراسته الجامعية وتخرّج مهندسًا، ثم واصل تحصيله العلمي حتى حصل على درجة الماجستير في الإدارة الدفاعية من جامعة "آزاد إسلامي". من ساحات المعارك إلى مراكز القيادة، تسلق سلامي تدريجيًا هرم المؤسسة العسكرية. قاد ألوية مهمة خلال الحرب مثل لواء "كربلاء-25" و"الإمام الحسين"، ثم انتقل إلى القوة البحرية وقاد مقر "نوح" حتى نهاية الحرب. في عام 1992، أسس جامعة القيادة والأركان العسكرية المعروفة ب"دورة دافوس" في طهران، وترأسها حتى 1996. بعدها أصبح نائب رئيس عمليات هيئة الأركان المشتركة للحرس الثوري حتى عام 2005، ثم تولى قيادة القوة الجوية للحرس الثوري حتى عام 2009. وفي عام 2009، تم تعيينه نائبًا للقائد العام للحرس الثوري، وهو المنصب الذي شغله لعقد كامل، وبرز خلاله بصفته المتحدث غير الرسمي للحرس، مروجًا لمواقف متشددة ضد واشنطن وتل أبيب. القائد العام للحرس الثوري في 11 أبريل 2019، عيّنه المرشد الأعلى علي خامنئي قائدًا عامًا للحرس الثوري بعد منحه رتبة لواء، ليخلف اللواء محمد علي جعفري. جاء التعيين في وقت حساس، بعد أن صنفت واشنطن الحرس الثوري "منظمة إرهابية"، ما وضع سلامي في خط المواجهة المباشر مع الولاياتالمتحدة. في أمر تعيينه، شدد خامنئي على ضرورة "رفع الجهوزية الشاملة وتطوير القدرات والأساليب وتعزيز البنية الثقافية للحرس الثوري". وهو ما عمل عليه سلامي خلال فترة قيادته، إذ عزز الشراكة بين الحرس وشبكات الفصائل الموالية لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن. العقوبات والضغوط الدولية لم تمر سنوات سلامي في القيادة دون احتكاك مباشر مع الغرب، ففي أبريل 2019، فرضت إدارة ترامب عقوبات على كبار قادة الحرس، كان في طليعتهم سلامي، الذي رد بفخر قائلاً إن وصم الحرس بالإرهاب "وسام شرف". لاحقًا، في أبريل 2021، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه أيضًا، بسبب دوره في "القمع الدموي" للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في نوفمبر 2019، والتي شهدت مقتل المئات. واعتبرته بروكسل مسؤولًا مباشرًا عن إصدار أوامر استخدام القوة المميتة ضد المدنيين. الإرث والنهاية رغم الطوق الغربي من العقوبات، واغتيالات طالت شخصيات رئيسية في المشروع النووي والعسكري الإيراني، مثل قاسم سليماني ومحسن فخري زاده، بقي سلامي على قيد الحياة حتى الهجوم الجوي الواسع الذي نفذته إسرائيل داخل العمق الإيراني، فجر الجمعة. لمتابعة كل ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على إيران (اضغط هنا)