»ماء العين« هو عنوان فيلم تونسي فلسفي مليء بجماليات التلقي البصرية والسمعية، به رسائل روحية هامسة، يغوص في أعماق أبطاله كاشفاً عن رقتهم الإنسانية وجحيمهم الخاص، ومع ذلك فإنه من إخراج فتاة شابة هى مريم جعبر المخرجة التونسية التي تعيش في كندا، لكنها متمسكة بأصولها وتتعلق بتونس وعائلتها التي لاتزال تعيش هناك. عرض فيلم »ماء العين« قبل يومين ضمن قسم »آفاق« بالدورة الثامنة والخمسين بمهرجان كارلوفي فاري السينمائى الدولي الممتد بين 28 يونيو وحتي 6 يوليو الجاري. تجاوب الجمهور التشيكي مع مريم جعبر كثيراً، أُعجب بالشخصيات الفيلمية، وأشاد بمهارة وأداء الأبطال الذي اتسم بالصدق والتلقائية رغم أن منهم ناس يمثلون للمرة الثانية فقط، وذلك بعد فيلم قصير مع ذات المخرجة. دهشة الجمهور جعلته يظل يطرح تساؤلاته عن الميتافور والشخصيات ويناقش قراءته للفيلم، فلم يتوقف النقاش - الذي امتد لما يقرب من ساعة - إلا لأنه كان هناك عرضاً سينمائياً آخر يبدأ مع منتصف الليل. تتخذ المخرجة من تنظيم داعش تكئة لترسم شخصياتها وتكشف المخبوء. تدور الأحداث حول الآثار النفسية التي يخلفها اختفاء اثنين من الشباب التونسيين على أفراد أسرتهم، وذلك إثر انضمامهم إلي تنظيم داعش. بعد فترة يعود أحد الشابين مع امرأة منقبة يقول أنها زوجته وأنها حامل، بينما يخبر عائلتهبأنهأخيهقد ُقتل.لكن الابن العائد لا يتحدث،لا هو ولا زوجته، لا يقولان الحقيقة، كأنهما يخبئان أشياء تثقل عليهما، فقد كان الابن يعيش دور الضحية، الصراع المتوالد بين أفراد الأسرة - خصوصاً الأب والأم - عقب العودة، ومحاولة إخفاء الأمر عن القرية، والفزع التي تثيره الزوجة المنقبة، والضحايا التي تتركهم وراءها، كلها أمور تشي بذنب الابن، إذ تفسد المحيط من حوله وتجعله ملوثاً ومخضباً بالدماء، فكيف ينتهي بهما المطاف...؟ من الأفلام العربية الأخري في كارلوفي فاري الثامن والخمسين فيلم مغربي للمخرج عبدالله طايع بعنوان »كابو نيجرو« والذي يشارك في مسابقة بروكسيما وينافس على جوائزها من بين 12 فيلماً.. تدور أحداثه حول شاب وفتاة يسافران إلي كابو نيجرو حيث من المفترض أن تلحق بهم صديقتهم لقضاء فترة هناك، حيث استأجر لهم أستاذهم - الذين يعملون معه في مجال البحوث والدراسات - فيلا للبقاء فيها. لكن الأستاذ لن يحضر، وكذلك فجأة سيجد الشاب والفتاة أنفسهم بدون صديقتهم المنتظرة، بدون أن يعرفوا أي شيء عنها، إذ أنها لا تجيب على الهاتف، وأثناء ذلك سنرى كيف سيتعامل الأثنين مع هذا الموقف، والناس الذين سوف يمرون بهم أو يلتقونهم، وصاحب الفيلا الذي ُيساومهم ويستغلهم قبل أن يهددهم، مع رتوش سريعة هامسة عن بلد يحرق أبناءه أنفسهم بالتفكير في الهجرة فيكون مصيرهم السجن والبكاء والعويل، أو يبيعون أجسادهم، ومنهم من يحاولون مداواة جراحهم، والندوب على الأرواح التي خلقتها إهانات الأسرة والمجتمع وعدم تقبل اختلافهم. يضاف للوجود العربي - في هذه الدورة بالمهرجان التشيكي العريق - السوداني محمد كردفاني مخرج »وداعاً جوليا« حيث يشارك في تحكيم مسابقة بروكسيما. وكذلك المبرمج والناقد السينمائي المصري جوزيف فهيم المسؤول عن برمجة الأفلام العربي والشرق الأوسط، إضافة إلى توليه مهام برنامج تكريم المخرجة وكاتبة السيناريو الأمريكية نيكول هولوفسينر بالمهرجان، إذ كتب ثلاثة نصوص تحليلة لوجهة نظره في ثلاثة من أفلامها المعروضة خلال التكريم، وقدمها للجمهور التشيكي أثناء العروض، مثلما أدار النقاش بينها وبين الجمهور. هناك أيضاً من الإنتاج العربي المشارك في أقسام اخرى للمهرجان فيلم »باي باي طبرية« للمخرجة لينا سويلم والذي يحكي بالأساس عن حياة والدتها الفنانة الفلسطينية هيام عباس وتمردها على المجتمع. أما فيلم »زوفتكس« للمخرج نواز ديشي - والذي ُيعرض داخل المسابقة الرسمية الكرة البلورية - فموضوعه يتناول شريحة من العرب وتحديداً المهاجرين غير الشرعيين، ويعرض الفيلم ضمن 12 فيلماً تتنافس على جائزة تمثال الكرة البلورية »الكرة الكرستال« المميزة للمهرجان. يضاف إلي ذلك وجود خمسة أفلام تشارك دولة قطر في إنتاجها.