في منتصف الخامسة مساء الأحد الماضي، فتح الشاب "إسلام ع." بثًا مباشرًا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، صنع لنفسه مشنقة داخل حجرة نومه بمنزله في مدينة السلام، ثم علّق نفسه ليتخلص من حياته في مأساة شاهدها أصدقائه ومحبيه. "إسلام" شابٌ يبلغ من العمر 25 يومًا، مذ أنهى تعليمه الثانوي الصناعي، امتهن عدة وظائف مختلفة؛ عمِل سائقًا على "توك توك" اشتراه ثم باعه ليشتري "موتوسيكل" يعمل عليه "دليفري" وأخيرًا عامل بسنترال السلام. بعد 10 سنوات من الزواج، رحل والد إسلام تاركًا إياه وشقيقين، يقيمون جميعًا في مسكن متواضع بمساكن النيل في مدينة السلام؛ تولت الأم دور الأب للأبناء الثلاثة، أخذت عهدًا على نفسها أن تعوضهم غياب والدهم، تحملت مسؤولية تعليمهم، حتى أنهى المتوفى وشقيقة الأكبر تعليمهما، بينما الشقيق الأصغر في المرحلة الثانوية، يقول معتز شقيق الضحية لمصراوي. ينفي معتز وآخرين من جيران الضحية ما ورد في رواية الشرطة بشأن انتحار "إسلام" بسبب تناول مخدر الإستروكس، وأنه لا يتعاطى المواد المخدرة، مؤكدين تمتعه بسمعة جيدة في المنطقة. قبل سنتين، تعلّق الشاب العشريني بإحدى فتيات المنطقة، تقدم لخطبتها فوافقوا، لكن سرعان ما دبَّت المشكلات بينهما، وبعد فترة وجيزة انفصلا دون سبب معلوم "كان بينهم مشاكل وسابوا بعض" بحسب معتز شقيق الضحية. وقال معتز إن شقيقه أصيب بحالة نفسية سيئة في تلك الآونة، لكنه تجاوزها بمرور الأيام وعاد لطبيعته، ثم شرع في العمل على "توك توك" اشتراه لاحقًا. يوم الواقعة، عصر الأحد الماضي، عاد إسلام من عمله، دلف حجرة نومه، أغلق الباب من الداخل، أما شقيقه معتز فبقيّ في الصالة، بعد ليلة عمل شاقة، بينما كان الأخير مستغرقًا في النوم، استيقظ على طرق شديد على الباب وصرخات لا تنقطع. "الحق أخوك متعلق من رقبته" صرخات متتالية رددها أصدقاء إسلام، لثوان أصيب شقيق الأخير بصدمة ثم هرول الجميع صوب حجرة النوم، ليعثروا على جثته تتدلى من حبل مربوط بستارة حديد في السقف. صدمة، ورعب، وحزن سيطروا على معتز وأصدقاء شقيقه "المُعلّق"، حاول فك عقدة الحبل دون جدوى، فهرول متخبطًا إلى المطبخ استل سكينًا وقطع الحبل، حاول إفاقة شقيقه فلم يفلح، حملوه جميعًا إلى مستشفى السلام لكنه فارق الحياة قبل وصوله. في ذاك الوقت، كانت والدة إسلام إلى منزل والدتها المريضة، حيث انتقلت إليها قبل شهرين لترعاها وبرفقتها ابنها الأصغر، بينما تتردد على نجليها للاطمئنان عليهما من آن لآخر حتى تلقت اتصالًا من نجلها "معتز" سقطت على أثره مغشيًا عليها. "الحقي يا ماما إسلام مات" كلمات من الابن تبعها صرخات من الأم في نجلها خلال المكالمة التالية، فأخبرها أنه في مستشفى السلام لتهرول إليه لتلقي على فلذة كبدها نظرة وداع أخيرة. لم يرّ معتز ووالدته سببًا واضحًا لإقدام شقيقه على الانتحار عدا أنه وصفه بأنه "كان مستعجل على الحياة"، مدللًا بكثرة حديث شقيقه المتوفى عن أمانيه في تكوين ثروة في وقت قصير "عايز يكبر بسرعة"؛ اشتغل على توك توك ثم موتوسيكل ثم في سنترال، لكنّ كل ذلك لم يحقق طموحاته. وأنهت الأم ونجليها دفن "إسلام" في مقابر الأسرة بالقاهرة بعد إنهاء الإجراءات والحصول على تصريح الدفن من النيابة التي تحفظت على الهاتف المحمول. داخل منزل إسلام، مازال الحزن يخيم على أرجاؤه، فالأم تحتض صورته وسط نسوة متشحات بالسواد، يدعون له بالرحمة والغفران.