غلاف - سحر عيسى: فجر 29 فبراير 2016؛ استيقظت "رشا الحداد" من سُباتها على آلام الوضع، سريعًا ما هاتفت طبيبها الذي أخبرها بضرورة القدوم للمستشفى. وفي الصباح كَسر صُراخ رضيعتها "جنى" قلق أهلها؛ المُتعلقة قلوبهم بباب غرفة العمليات، جاءت إلى الدنيا فرحتهم الأولى، بينما أصرت الأم العشرينية على تسجيل صغيرتها في شهادة الميلاد بتاريخ 1 مارس "صعبت عليا وبقيت حاسة إني هظلمها كده، يعني إيه عيد ميلادها ميبقاش كل سنة؟!". ماذا لو قُدر لك أن تحتفل بيوم ميلادك كل 4 سنوات؟ هل ستعتبر نفسك شخصا مُمَيزا أم بائسا؟ هذا الارتباك هو ما يحدث بالفعل مع مواليد 29 فبراير؛ الذي يُعتبر حدثًا استثنائيًا لا يتكرر سوى مرة واحدة كل 4 سنوات، حيث يزداد العام الشمسي يومًا إضافيًا؛ فيما يعرف ب(السنة الكبيسة) التي يصل عدد أيامها ل366 يومًا بدلاً من 365 يومًا. "مصراوي" تحدث مع عدد من مواليد هذا اليوم الاستثنائي، الذين تزخر حياتهم بالمواقف الطريفة، بجانب حكايات مختلفة لموعد وطريقة احتفالهم بعيد ميلادهم.. بعد أيام؛ حَملت "رشا" صغيرتها، وعادت الأسرة إلى المنزل بفرد جديد. داخل البيت، دار الجَدل على تاريخ تسجيل المولودة؛ فيوم ميلادها استثنائي، لم يجد زوجها ووالدتها ثمة مشكلة في تسجيلها باليوم الفعلي لولادتها؛ أخذ الجميع يُقنعها بتقبُل الأمر "ده هي بتوفر لك أهي وهتعملي لها عيد ميلادها كل 4 سنين" قالها زوجها بمَرح. احتارت الأم في أمرها، لكن في النهاية أصبحت الأسرة تحتفل بعيد ميلاد طفلتهم الوحيدة "جنى سمير" مع قدوم شهر مارس من كل عام، تصنع الأم تورتة لصغيرتها - التي تكمل حاليًا عامها الثالث - وتزينها بصورتها؛ كذلك تعلق البالون والزينة بأرجاء المنزل، فيما تنوي ترحيل الاحتفالية إلى يوم 29 فبراير في العام الذي يأتي به. الجراف التالي يوضح مشاهير ولدوا في يوم 29 فبراير لا تنفر "رشا" من ذلك اليوم؛ فهي تراه "حاجة مميزة"، لكنها تقول إن الطفل الأول غالبًا ما يحظى بمكانة خاصة لدى الأهل؛ وينتظرون عيد ميلاده بلهفة وشوق "بتبقى نفسك تعملي له عيد ميلاد كل سنة وتفرحي معاه"؛ فيما تنوي في حالة قدوم أحد أبنائها المقبلين بهذا اليوم؛ تسجيله بذلك التاريخ الاستثنائي. طوال فترة حملها؛ ظل زملاء "رشا" - المُعلمة بإحدى المدارس الإعدادية - يطلقون الطرائف بتحذيرها من الولادة في 29 فبراير، "اوعي تعمليها اليوم ده، ما بيجيش غير في السنة الكبيسة". وبعد وضعها أمطروها بمكالمات هاتفية ساخرة ومَرحة "يعني إحنا عمالين نحذرك طول السنة وبرضو مسمعتيش الكلام"، فيما جاء ردها "مش بمزاجي، نصيبها تتولد اليوم ده" تقولها ضاحكة. حسام.. حفلة كل 4 سنين يلتزم الشاب "حسام المصري" بالاحتفال بعيد ميلاده مرة كل أربع سنوات "علشان ماضيعش لذة اليوم ده"؛ فقد سجله والده بشهادة الميلاد يوم 29 فبراير؛ بذات اليوم الذي جاء فيه للدنيا، فيما يستقبل المعايدات من أهله وأصدقائه كل عام؛ تكون قبل أو بعد يوم من موعد مولده الأصلي "بس أكبر كم هدايا بيبقى يوم تسعة وعشرين". يتمنى الشاب - الذي يعمل طيارًا - ربط ذلك اليوم بتفاصيل هامة في حياته، لذا يفكر جديًا في الزواج بنفس اليوم "علشان أريح نفسى من هدية عيد الجواز كل سنة" يقولها ضاحكًا، فيما يستنكر من يصف مواليد ذلك اليوم بالأقل حظًا والأكثر كآبة "لو هما زى ما بيقولوا ماكانتش أكبر المطاعم أو أكبر شركات الملابس تقدم عروضًا مجانية لحامل بطاقه 29 / 2" يقولها بفخر. على العكس؛ تنقل "نور رجب" الاحتفال بعيد ميلادها إلى يوم واحد يسبقه، رغم إدراجها في شهادة الميلاد (29 فبراير): "عشان مينفعش محتفلش بميلادي، أنا زي الأطفال بحب الأعياد والمناسبات"، فيما تنتظر- صاحبة ال27 ربيعًا - بفارغ الصبر مرور 4 سنوات لقدوم هذا اليوم والاحتفال فيه "بحس إني عملت حاجة حقيقية". طوال حياتها؛ لم تصادف الأم لطفلين أي شخص مولود في هذا اليوم، وبينما تفتخر بأنها "مميزة عن الناس كلها" كما تقول، تنزعج من سخرية البعض منها "بيقعدوا يتريقوا ويستخفوا ويقولولي دي حاجة وحشة جداً"، لكنها على كل حال تظل ثابتة دون أن تتأثر بحديثهم. الجراف التالي يعرض بعض تعليقات مواليد 29 فبراير الجدة حياة: أنا بنت 18 رغم مولدها وتسجيلها يوم 29 فبراير، إلا أن الجدة "حياة علي" تحتفل بعيد ميلادها كل عام مع أبنائها وأحفادها، لا يهم أن يكون اليوم نفسه، لكن المُتعة تكون في "لمة العيلة" حولها، بعدما تصنع بناتها التورتة والكعك، ويشتري أبناؤها المشروبات الغازية؛ فيما يتولى الأحفاد مهمة تعليق الزينة، ويحضر الجميع الهدايا لأجلها "كل حاجة حلوة نفسي فيها.. طرح وعبايات وذهب". تعتز صاحبة ال62 سنة بيوم مولدها كثيراً "ربنا اختاره لي وأنا فرحانة بيه لأني مميزة عن الناس كلها"، تفطن لسبب تدوينها بشهادة الميلاد في هذا التاريخ "كان زمان ساعة الواحدة ما تولد يروحوا يسجلوا العيل ميستنوش"، تتذكر تعليق زوجها لها في بداية زواجهم عندما علم بذلك "أمك كانت محبكاها أوي، ملقتش إلا اليوم ده". كثيراً ما تمزح "حياة" مع أبنائها الستة وأحفادها التسعة حول تاريخ مولدها المميز، تذكرهم أنها بحسبة بسيطة إذا عدّت فقط سنة مولدها؛ فهي تُعتبر صغيرة العُمر "يبقى أنا كده بنت 18" تُطلقها بخفة، فيما تتمنى تزويج ابنها وابنتها المتبقيين معها بالبيت في هذا اليوم المميز "وهما موافقني على كده". وينتمي مواليد يوم 29 فبراير إلى برج الحوت، وهو آخر برج من الأبراج السماوية الاثني عشر في دائرة البروج. الجراف التالي يوضح أبرز أحداث يوم 29 فبراير سيل من التعليقات الطريفة؛ يُصَب في وجه "آية مصطفى"، كلما علم أحد بأنها من مواليد "السنة الكبيسة" كما يطلق عليها، على الرغم من تسجيلها في شهادة الميلاد يوم 28 فبراير "يقعدوا يقولوا يا لاااهوي يعني هي الحاجة سايبة ال365 يوم ومجتش إلا في اليوم ده". تُثمن - صاحبة ال27 ربيعًا - القَدر الذي أوجدها في الحياه بيوم "مميز"، فيما لا تنزعج من والديها لعدم تسجيلها بالأوراق الرسمية بهذا اليوم "لأن بردو أنا عايزة أحتفل بعيد ميلادي كل سنة". أحمد: محيته من ذاكرتي "29 فبراير ده محيته من الذاكرة، مش موجود خالص".. لم يعد "أحمد أسامة" يتذكر تاريخ ميلاده الأصلي. سجله والده بالأوراق الحكومية في الأول من مارس، وطوال حياته لا يعرف هذا الأمر سوى أسرته وعدد محدود من الأصدقاء، ومن خلال هؤلاء يستقبل تعليقات طريفة لم يزل يتذكر بعضها "أنت نحس، وحظك وحش، وهو سنك بيزيد سنة كل 4 سنين؟!"، لكنه كان يستقبلها بروح مَرحة. لا يُحب - الطالب بكلية الآداب - يوم ميلاده، يقول إنه كثيراً ما سمع من والدته "أنت جاي في يوم فيه زلازل"، لذلك لا يريد ربطه بأي تفاصيل متعلقة بحياته كالارتباط، يذكر أن شقيقه وشقيقته الأصغر منه مولودان بأيام عادية "لكن أنا البائس اللي فيهم" يطلق الضحكات.
