عدة خلافات شهدتها العلاقة بين أمريكاوتركيا، خلال الفترة الماضية، خلفت توترًا كبيرًا بين البلدين، زادت حدته الأسبوع الماضي لتبدأ كل منهما بالضغط من خلال وقف تأشيرات دخول مواطني الدولة الأخرى بالدخول إلى أراضيها. على خلاف ذلك، فإن العديد من القضايا المُثارة بين الطرفين، لم تجد حلًا حتى الآن، فمنذ العام الماضي بدأت الخلافات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسبب دعم أمريكا للأكراد في سوريا، بالإضافة إلى رفض الولاياتالمتحدة تسليم رجل الدين المعارض فتح الله جولن، والذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في يوليو 2016. أزمة التأشيرات
ألقت تركيا القبض على 291 شخصًا، الأسبوع الماضي، للاشتباه في صلتهم برجل الدين فتح الله جولن، من بينهم مواطن تركي يعمل في القنصلية الأمريكية في إسطنبول، ما زاد الأمور تعقيدا. وذكرت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية أن النيابة العامة في اسطنبول تأكدت خلال التحقيقات من ارتباط الموظف الأمريكي بالمدعي العام التركي السابق، زكريا أوز، المعتقل حاليا، وبمديري شرطة سابقين يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم جولن. ويُعتبر هذا الدبلوماسي ليس الموظف الأمريكي الوحيد الذي تلقي تركيا القبض عليه خلال الفترة الماضية. وانتقدت الولاياتالمتحدة بشدة اعتقال أنقرة الموظف الأمريكي، معتبرة أن التهم الموجهة ضد موظف قنصليتها "لا أساس لها"، وردت على هذا التصرف ب"وقف تأشيرات الدخول للمواطنين الأتراك إلى أمريكا". وقالت السفارة الأمريكية لدى أنقرة "الأحداث أجبرت حكومة الولاياتالمتحدة لمراجعة تقييمها لمدى التزام الحكومة التركية بضمان أمن مكاتب البعثة الدبلوماسية الأمريكية وموظفيها في تركيا". جاء رد تركيا بعد ساعات من القرار الأمريكي، حيث ردت بالمثل عبر قرارها بوقف منح التأشيرات للأمريكيين، على ألا يشمل ذلك من سيصل من الأمريكيين إلى تركيا، يوم الإثنين الماضي. يوم الإثنين الماضي، تحدثت مواقع إعلامية تركية عن اعتقال موظف ثان يعمل في قنصلية الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى تركيا. وفي اليوم ذاته، استدعت وزارة الخارجية التركية مستشار السفارة الأمريكية في أنقرة فيليب كوسنتا، بسبب غياب السفير جون باس في أنقرة، وذلك للمناقشة حول الأزمة بين البلدين.
وفي محاولة أخرى لتهدئة الوضع، تحدث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، في اتصال هاتفي، أمس الأربعاء، لمدة نصف ساعة، وهو الاتصال الأول من نوعه بين الوزيرين منذ اندلاع الأزمة الأخيرة. سوريا
يعكس عدم الاتفاق بين تركياوالولاياتالمتحدة حول سوريا اختلافات جوهرية في الاستراتيجيات والأهداف، خاصة في دعم أمريكا لقوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المعارض. تركيا شنت هجومًا حربيًا بالأراضي السورية، الغرض الرئيس له كان محاولة إنشاء منطقة عازلة ودفع الميليشيات الكردية للعودة إلى وحداتهم على الحدود التركية السورية. واشنطن بدورها تعتبر أن الميليشيات الكردية هي الحليف الأقوى لمساندته من أجل السيطرة على تمدد الأراضي التي تسيطر عليها قوات داعش في العراق والشام "داعش"، وهو الأمر الذي أشعل فتيل الخلاف بين واشنطنوأنقرة.
في حين، يعتبر الرئيس دونالد ترامب قوات سوريا الديمقراطية هي القوى الأكبر والأقدر على محاربة تنظيم داعش في سوريا، حتى أعلن عقب تنصيبه رئيسًا زيادة الدعم العسكري لهم، وقد حصلوا للمرة الأولى على مدرعات في يناير الماضي، الأمر الذي كان بداية الأزمة بين تركيا والرئيس الأمريكي الجديد. فتح الله جولن
منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو من العام الماضي، اعتقلت الحكومة الحالية بأنقرة عشرات الآلاف من الأتراك على خلفية اتهامهم بالتواصل مع حركة رجل الدين المعارض فتح الله جولن لتنفيذ خطة للانقلاب. وطالما طالبت تركيا بتسليم جولن، الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا، فيما ترفض الولاياتالمتحدة تسلميه، حيث أكدت أن "تركيا لم تقدم أدلة كافية على علاقته بمحاولة الانقلاب التركية الفاشلة"، وهو ما دفع تركيا إلى اتهام أمريكا بالتواطؤ. وفي ديسمبر الماضي، ألقت تركيا القبض على القس الأمريكي برونسون، المقيم في تركيا منذ حوالي عقدين، بتهمة العضوية في حركة جولن، وواجه برونسون في أغسطس الماضي، تهمة محاولة إسقاط البرلمان. وأثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قضية برونسون عندما زار أردوغان واشنطن في مايو الماضي، وطلب من أنقرة أن تعيده على وجه السرعة إلى الولاياتالمتحدة. وخاطب أردوغان الولاياتالمتحدة اليوم "هل يوجد لديكم نظام قضائي، ونحن لا يوجد لدينا؟"، مضيفا أن برونسون يمثل أمام المحكمة، أما جولن فلا يواجه محاكمة. وفي سبتمبر الماضي، عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مبادلة القس الأمريكي، مقابل تسلم جولن، وقال أردوغان في فعالية بأكاديمية الشرطة بالعاصمة التركية أنقرة: "أعطونا "جولن"، وسنحاكم أندرو برونسون أمام المحكمة ونسلمه لكم".