كتب - أحمد عبد الفتاح ومحمود مصطفى: قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن المخرج الوحيد الممكن من أزمات منطقتنا العربية هو التمسك بإحراز مشروع الدولة الوطنية الحديثة. جاء ذلك في كلمة مصر التي القاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام الجلسة المسائية لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 72 التي بدأت مساء اليوم. وأضاف الرئيس قائلا "إننا نقرر من واقع تجربتنا العربية والأفريقية أن أزمتنا تلخص أزمة النظام العالمي وعجزه عن الوفاء بالمقاصد التي قامت من أجلها الأممالمتحدة". وتابع بقوله "ما نزال نعاني من العجز عن مواجهة الخلل في النظام الاقتصادي العالمي، معربًا عن أسفه أن المنطقة العربية باتت بؤرة لأشد الحروب ضراوة في التاريخ الحديث وهو ما يجسد الخلل في النظام العالمي. فيما يلى نص الكلمة : "بسم الله الرحمن الرحيم.. السيد الرئيس ميرسلاف جتشيك رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يسعدني ابتداء أن أتقدم بالتهنئة على توليكم رئاسة الدورة ال 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنيا لكم كل التوفيق في مهمتكم، كما انتهز هذه المناسبة لأعرب عن خالص التقدير للسيد بيتر تومسن رئيس الدورة السابقة للجمعية العامة والذي أدارة أعمالها بجدارة واقتدار". السيد الرئيس: كلما نجتمع في هذا المحفل الهام تتجدد آمال الشعوب التي نشرف بحمل أمانة تمثيلها والدفاع عن مصالحها في الحصول على حقها العادل في السلام والتنمية وتتطلع إلينا أجيال جديدة، تحلم بفرصة العيش الكريم في ظل منظمة دولية عادلة وقادرة على مواجهة تحديات فرضتها الطبيعة كتغير المناخ والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة، وأخرى من صنع البشر، كالحروب والإرهاب والتفاوت الصارخ في توزيع الموارد وفرص النمو وثماره. ومن المؤكد أن أهداف ومقاصد الأممالمتحدة لاتزال صالحة لتأسيس عالم يتيح لكل أبنائه فرصة الاستفادة من منجزات التقدم العلمي والاقتصادي وثورة الاتصالات التي ربطت بين مجتمعات العالم على نحو غير مسبوق في التاريخ الإنساني وما تحمله من امكانات عظيمة لتحقيق حلم النظام الدولي العادل والآمن، والملتزم بحقوق التنمية والحرية والتقدم، والتواصل المفتوح بين البشر. إننا في مصر لدينا إيمان عميق بقيم منظمة الأممالمتحدة وأهداف ميثاقها، ولدينا ثقة كبيرة في أن تحقيق هذه القيم أمر ممكن بل وواجب حتمي.. وتشهد تجربة مصر الطويلة مع الأممالمتحدة، كإحدى الدول المؤسسة لهذه المنظمة بذلك حيث تم انتخابها عضوا بمجلس الأمن لست مرات، وتعد سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام الأممية حاليا على مستوى العالم. " تشهد هذه التجربة الطويلة ..أننا نسعى طوال الوقت لتحقيق ما نؤمن به من شراكة أممية لبناء عالم يستجيب لطموحات أبنائنا وأحفادنا في الحرية والكرامة والأمن والرفاهية، ولكن المسؤولية التي نتحملها تقتضي منا أن نتصارح بأن هذا العالم المنشود والممكن لايزال بكل أسف بعيد كل البعد عن التحقق، وإننا لا نزال نعاني من العجز عن احتواء الصراعات المسلحة ومواجهة خطر الإرهاب ونزع السلاح النووي ومعالجة مكامن الخلل الكبيرة في النظام الاقتصادي العالمي والتي أفضت إلى زيادة الفجوة بين العالمين المتقدم والنامي. ومن واقع تجربة المنطقتين العربية والأفريقية، أستطيع أن أقرر بضمير مطمئن أن تلك التجربة تلخص أزمة النظام العالمي وعجزه عن الوفاء بالمقاصد والغايات التي قامت من أجلها الأممالمتحدة". "فالمنطقة العربية محيط مصر الحضاري والثقافي، باتت اليوم بؤرة لبعض أشد الحروب الأهلية ضراوة في التاريخ الإنساني الحديث، وأصبحت هذه المنطقة هى الأكثر تعرضًا لخطر الإرهاب وبات واحد من كل ثلاثة لاجئين في العالم عربياً". " كما أصبح البحر المتوسط مركزًا للهجرة غير الشرعية من الدول الأفريقية والأسيوية فرارًا من بطش الاقتتال الأهلى من جهة.. وبؤس الظروف الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى، والتى رصدها التقرير العربي الإقليمي حول الفقر المتعدد الأبعاد الذى أعدته جامعة الدول العربية بالتنسيق مع الأممالمتحدة والذى سيتم إطلاقه غدا". "وتقع إفريقيا موقع القلب في السياسة الخارجية لمصر، هى القارة الأم التى تضرب فيها الجذور المصرية بعمق التاريخ ونستمد منها اعتزازنا بهويتنا وانتمائنا الاصيل لها". "وقد باتت إفريقيا عرضة لنفس الأخطار الأمنية التي تتعرض لها المنطقة العربية وتظل بدورها شاهدا رئيسيا على أزمة النظام الاقتصادي العالمي الذى يكرس الفقر والتفاوت ويتحمل مسؤولية رئيسية عن انتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تهدد الاستقرار والسلم الدوليين وتجعل من الحديث عن أهداف التنمية المستدامة مجرد حديث مرسل لا شاهد عليه من الواقع الدولي المؤسف.. مصر إذا - سيدي الرئيس - تقع على حافة أخطر بؤر الأزمات في العالم وقدرها أن تشق طريقها بثقة في ظل مخاطر غير مسبوقة متبنة استراتيجية قوية طموحة تقوم على إصلاحات اقتصادية جذرية وشجاعة تهدف قبل كل شيء لتمكين جيل الشباب الذين يمثلون غالبية السكان ليس في مصر وحدها وإنما في أغلب المجتمعات الفتية في الدول العربية والعالم النامي". "وفي عالم متشابك ومعقد ومليء بتحديات يصعب أن تواجهها أي دولة منفردة، مهما كان قدراتها ومهما اشتد عزمها، فإنه من الطبيعي أن تقترن خطة مصر التنموية الطموحة بسياسة خارجية نشطة تستلهم المبادئ الأخلاقية الراسخة في تراثنا وثقافتنا، وتلتزم بالمبادئ القانونية للنظام العالمي الذي شاركت مصر في تأسيسه، وتقوم علي رؤية لمواجهة أوجه القصور التي حالت دون تنفيذ مقاصد وغايات الأممالمتحدة، وذلك من خلال خمسة مبادئ وأولويات أسياسية وهي :- أولا: إن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية هو التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة التي تقوم علي مبادئ المواطنة والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان وتتجاوز بحسم محاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية أو القبلية.. إن طريق الإصلاح يمر بالضرورة عبر الدولة الوطنية ولا يمكن أن يتم عبر أنقاضها ..هذا المبدأ هو باختصار جوهر سياسة مصر الخارجية وهو الأساس الذي نبني عليها مواقفنا لمعالجة الأزمات الممتدة في المنطقة، فلا خلاص في سوريا الشقيقة إلا من خلال حل سياسي يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية وصيانة مؤسساتها وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسة لتشمل كل أطياف المجتمع السوري ومواجهة الإرهاب بحسم حتى القضاء عليه ..والطريق لتحقيق هذا الحل هو المفاوضات التي تقودها الأممالمتحدة، والتي تدعمها مصر، بنفس القوة التي ترفض بها أي محاولة لاستغلال المحنة التي تعيشيها سوريا لبناء مواطئ نفوذ سياسية إقليمية أو دولية أو تنفيذ سياسات تخريبية لأطراف إقليمية طالما عانت منطقتنا في السنوات الأخيرة من ممارساتها وقد آن الأوان لمواجهة حاسمة ونهائية معها. "وبالمثل فلا حل في ليبيا إلا بالتسوية السياسية التي تواجه محاولات تفتيت الدولة وتحويلها مرتعا للصراعات القبلية ومسرح العمليات التنظيمات الإرهابية، وتجار السلاح والبشر، وأؤكد هنا بمنتهى الوضوح أن مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة الدولة الليبية أو المناورة بمقدرات الشعب الليبي الشقيق، وسنستمر في العمل المكثف مع الأممالمتحدة لتحقيق التسوية السياسية المبنية على اتفاق الصخيرات، والتي تستلهم المقترحات التي توصل لها الليبيون، خلال اجتماعاتهم في الأشهر الأخيرة في القاهرة للخروج من حالة الانسداد السياسي وإحياء مسار التسوية في هذا البلد الشقيق، وينطبق نفس المنطق على المقاربة المصرية للأزمات في العراق واليمن. فالدولة الوطنية الحديثة الموحدة والقادرة والعادلة، هي الطريق لتجاوز الأزمات وتحقيق طموحات الشعوب العربية. ثانيا : إن الوقت حان لمعالجة شاملة ونهائية لأقدم الجروح الغائرة في منطقتنا العربية وهي القضية الفلسطينية التي باتت الشاهد الأكبر على قصور النظام العالمي، عن تطبيق سلسلة طويلة من قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن. إن إغلاق هذا الملف من خلال تسوية عادلة تقوم على الأسس والمرجعيات الدولية وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 67 وعاصمتها القدسالشرقية، هو الشرط الضروري للانتقال بالمنطقة كلها إلى مرحلة الاستقرار والتنمية، والمحك الاساسي لاستعادة مصداقية الأممالمتحدة والنظام العالمي. ولاشك أن تحقيق السلام من شأنه أن ينزع عن الإرهاب إحدى الذرائع الرئيسية التي طالما استغلها كي يبرر تفشيه في المنطقة، وبما يضمن لكافة شعوب المنطقة العيش في سلام وأمان. فقد آن الأوان لكسر ما تبقى من جدار الكراهية والحقد للأبد، ويهمني هنا أن أؤكد أن يد العرب مازالت ممدودة بالسلام وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن، وأنه يعد هدفا واقعيا يجب علينا جميعا مواصلة السعي بجدية لتحقيقه. وخرج الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن النص قائلا "اسمح لي فخامة الرئيس أن أخرج عن النص الموجود.. وأتوجه بكلمة ونداء إلي من يهمهم هذا الأمر. "أوجه كلمتي أو ندائي الأول إلي الشعب الفلسطيني وأقول له: "مهم أوي الاتحاد خلف الهدف وعدم الاختلاف وعدم إضاعة الفرصة والاستعداد لقبول التعايش مع الأخر مع الإسرائيليين في أمان وسلام وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع". وأقول وأوجه ندائي للشعب الإسرائيلي: لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة في السلام معكم منذ أكثر من 40 سنة ويمكن أن نكرر هذه التجربة وهذه الخطوة الرائعة مرة أخري.. وأقول أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنبا إلي جنب مع أمن وسلامة المواطن الفلسطيني.. وندائي لكم أن تقفوا خلف قيادتكم السياسية وتدعموها ولا تترددوا.. وأنا هنا أخاطب الرأي العام في إسرائيل بأقول له لا تتردد وأطمئن نحن معكم جميعا من أجل إنجاح هذه الخطوة وهذه فرصة قد لا تتكرر مرة أخري". "وكلمتي الأخرى وندائي الأخير إلي كل الدول المحبة للسلام والاستقرار وإلي كل الدول العربية الشقيقة، أن تساند هذه الخطوة الرائعة، وإلي باقي دول العالم أن تقف خلف هذه الخطوة التي إذا نجحت ستغير وجه التاريخ". إلي القيادة الأمريكية.. وإلي الرئيس الأمريكي "أننا لدينا فرصة لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الإنسانية من أجل تحقيق السلام في هذه المنطقة".