تراجع العملة الأمريكية عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    انخفاض كبير تخطى 1000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم السبت 11-10-2025    3 ساعات حرِجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم وتُحذر من ظاهرة جوية «مؤثرة»    النيابة العامة تباشر التحقيق في واقعة وفاة 3 أطفال داخل بانيو ب المنوفية    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    الراب والأندرجراوند والمهرجانات.. حكايات من نبض الشارع    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ترامب: سأتحدث في الكنيست وأزور مصر.. ويوم الاثنين سيكون عظيما    ترامب يعتزم فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين    بعد فوزها بنوبل للسلام.. ماريا كورينا تهدي جائزتها لترامب    بعد اتهامه بالتعسف مع اللاعبين، أول تعليق من مدرب فرنسا على إصابة كيليان مبابي    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    حرب أكتوبر| اللواء صالح الحسيني: «الاستنزاف» بداية النصر الحقيقية    بالأسماء، نقابة أطباء أسوان الفرعية تحسم نتيجة التجديد النصفي    حريق يثير الذعر فى المتراس بالإسكندرية والحماية المدنية تتمكن من إخماده    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    يصل إلى 8 جنيهات، ارتفاع أسعار جميع أنواع الزيت اليوم في الأسواق    بعد تهديدات ترامب للصين.. انخفاض الأسهم الأوروبية    قيادات الدولة وسيدات الدبلوماسية والجاليات الأجنبية يشيدون بشباب "تراثنا".. وباسل رحمي: تعاون الوزارات والهيئات سرّ نجاح الدورة السابعة للمعرض برعاية الرئيس السيسي    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    أسعار التفاح البلدي والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    بالأسماء.. إعلان انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في القليوبية    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    فلسطين.. 155 شهيدًا خلال 24 ساعة رغم بدء سريان وقف إطلاق النار    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب يعتزم عقد قمة مع دول عربية وأوروبية خلال زيارته لمصر.. الخطوات التنفيذية لاتفاق شرم الشيخ لوقف حرب غزة.. وانفجار بمصنع ذخيرة بولاية تينيسى الأمريكية    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    التصريح بدفن طالب دهسه قطار بالبدرشين    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يجوز مس المصحف للمحدث؟
نشر في مصراوي يوم 19 - 11 - 2015

لا يمكنني عادةً أن أحافظ على وضوئي لفترة طويلة، مما يحول بيني وبين الإكثار من تلاوة القرآن، ويضعف من عزيمتي في المثابرة على حفظه ومراجعته، فهل يجوز لي -إذا انتقض وضوئي أثناء تلاوة القرآن أو أثناء حفظه وتعلمه- أن أستمر في لمس المصحف وتقليب صفحاته حتى أنتهي من الجزء الذي حددته لنفسي؟
تجيب لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
إن انتقاض الوضوء بما ليس من موجبات الغسل يندرج في مسمى الحدث الأصغر، والحدث في اللغة: الشيء الحادث، والحدوث هو كون الشيء ووقوعه بعد أن لم يكن.

وفي الشرع: يطلق الحدث على أمرٍ اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من صحَّة الصلاة حيث لا مرخص، كما يطلق على الأسباب التي ينتهي بها الطهر، وعلى المنع المترتب على ذلك.

والمشهور لدى عامة العلماء أن الحدث ينقسم إلى حدث أكبر: وهو ما يوجب الغسل، وإلى حدث أصغر: وهو ما يوجب الوضوء.

وبعض العلماء قسَّم الحدث إلى: أكبر وأوسط وأصغر باعتبار الممنوعات المترتبة على الحدث، فالحدث الأكبر: الحيض والنفاس، والحدث الأوسط: الجنابة، والحدث الأصغر: كالنوم وخروج الريح والبول وغير ذلك مما ينقض الوضوء ولا يوجب الغسل. قال العز بن عبد السلام في «القواعد الكبرى»: «أما الحدث الأصغر فسببٌ لتحريم الصلاة والطواف وسجدة الشكر والسهو والتلاوة ومس المصحف وحمله، ويزيد عليه حدث الجنابة -وهو الحدث الأوسط- بتحريم قراءة القرآن والإقامة في المساجد، ويزيد عليه الحيض -وهو الحدث الأكبر- بتحريم الصوم والوطء والطلاق».


واستظهر العلامة الزركشي تقسيم الحدث إلى أربعة أقسام: أكبر وكبير وصغير وأصغر، وهذا بحسب ما ظهر له من تصرف الشافعية في فروعهم: قال في كتابه «المنثور في القواعد»: «والذي يظهر من تصرفهم أنه مراتب: أكبر: وهو ما يوجب الوضوء والغسل، وكبير: وهو ما يوجب الغسل فقط، وصغير: وهو ما يوجب الوضوء فقط، وأصغر: وهو ما يوجب غسل الرجلين فقط في نزع الخف».


ويحرم على المكلف إذا كان محدثًا حدثًا أكبر أو أصغر أن يمسَّ المصحف حتى يتطهَّر من حدث؛ لقوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ﴾.. (الواقعة : 77-80). ففي هذه الآيات دلالة ظاهرة على تحريم مس المصحف إلا للطاهر، فقوله تعالى:﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ نهي يقتضي التحريم وإن كان لفظه لفظ الخبر؛ لأن خبر الباري تعالى لا يكون بخلاف الواقع، فلو كان المراد الإخبار لا النهي لكان هذا مصادمًا للواقع؛ إذ نحن نشاهد من يمسه وهو على غير طهارة. والتعبير بالخبر عن النهي أبلغُ من صريح الأمر والنهي كما يقول علماء البيان؛ لأن المتكلم لشدة تأكد طلبه نزل المطلوب منزلة الواقع لا محالة. وقوله تعالى: ﴿تَنْزِيلٌ﴾ ظاهر في إرادة المصحف، فلا يحمل على غيره إلا بدليل، والمتوضئ يوصف بأنه مُطهَّر ومُتَطَهِّر. (فلا يقال بأنه لو قصد البشر لقال: لا يمسه إلا المتطهرون. وعلى التسليم بأن المراد في هذه الآيات أن القرآن الكريم مدوَّن في اللوح المحفوظ الذي لا يسمه إلا الملائكة المطهرون، يصح أيضًا الاستدلال بالآية -كما قال الإمام الطيبي- لأن المعنى هو أن هذا الكتاب كريم على الله تعالى، ومن كرمه أنه أثبته عنده في اللوح المحفوظ وعظم شأنه بأن حكم بأنه لا يمسه إلا الملائكة المقربون، وصانه عن غير المقربين، فيجب أن يكون حكمه عند الناس كذلك؛ بناءً على أن ترتب الحكم على الوصف المناسب يشعر بالعلية؛ لأن سياق الكلام لتعظيم شأن القرآن.

وجاء في كتاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لعمرو بن حزم: ((لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ)). رواه مالك وابن حبان والحاكم والبيهقي والدارمي، وشهرة كتاب عمرو بن حزم وتلقي الأمة له بالقبول يغنيان عن طلب الإسناد فيه. وقال فيه الإمام أحمد: «لا شك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتبه له».
وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد»: «وقد ذكرنا أن كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السنن والفرائض والديات كتابٌ مشهورٌ عند أهل العلم، معروف يستغني بشهرته عن الإسناد». ثم قال: «والدليلُ على صحَّة كتاب عمرو بن حزم: تلقِّي جمهور العلماء له بالقبول».
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرًا». رواه الطبراني في معجمَيْه الكبير والصغير، والدارقطني في سننه، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» : «رجاله موثقون». وقال الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» : «إسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به».
فقوله: ((إِلَّا طَاهِرًا)) بالنصب حال، والمعنى أن الإنسان لا يمس القرآن إلا في حالة طهره دون الحالات الأخرى التي تعرض له وينتقض فيها طهره، وهذا يدل على أن الطهارة هنا عبارة عن حالة تقابل حالةً معتادًا عروضُها لكل إنسان، وهي حالة الحدث، ومن البعيد أن يكون المراد بالطهارة هنا الإيمان المقابل للكفر؛ لأن الإيمان في عُرف الشرع ليس بحالة عارضة تقابل حالة أخرى معتادة في حياة الإنسان، وإنما الإيمان حالةٌ راسخةٌ كشجرةٍ طيبةٍ أصلُها ثابتٌ وفرعها في السماء، والكفر حالةٌ شاذةٌ خارجةٌ عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

وعن عثمان بن أبي العاص قال: وفدنا على النبي - صلى الله عليه وسلم- فوجدني أفضلهم أخذًا للقرآن وقد فضلتهم بسورة البقرة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أَمَّرْتُك على أصحابك وأنت أصغرهم، فإذا أَمَمْتَ قومًا فأُمَّهُم بأضعفهم؛ فإن وراءك الكبيرَ والصغيرَ والضعيفَ وذا الحاجة، وإذا كنت مُصَدِّقًا فلا تأخذ الشافع -وهي الماخض- ولا الرُّبى ولا فحل الغنم، وحزرة الرجل هو أحق بها منك، ولا تمس القرآن إلا وأنت طاهر)). رواه الطبراني في الكبير، وفيه إسماعيل بن رافع ضعفه يحيى بن معين والنسائي، وقال البخاري: «ثقة مقارب الحديث». قال الهيثمي: «وفيه هشام بن سليمان، وقد ضعفه جماعة من الأئمة، ووثقه البخاري». والشاهد منه قوله -عليه السلام- مخاطبا أحد أصحابه: ((لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر)). فإنه يدل على أن للمخاطَب حالَيْن من المعتاد أن يَعْرِضَا له، وهما حال الطهر وحال ارتفاع الطهر، وقد نهاه النبي -عليه السلام- عن مس المصحف في حال ارتفاع طهره، فدل هذا على أن ارتفاع الطهر هنا يراد به الحدث لا الكفر؛ إذ إن المخاطب هنا هو أحد الصحابة الكرام، وإلا كان المعنى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول للصحابي ما معناه: لا تمس القرآن إلا حينما تعرض لك حالة الإيمان، أما حينما تعرض لك حالة الكفر فلا تمسه. ولا يخفى فسادُ هذا المعنى وبُعْدُه عن المعهود في نصوص الشارع الحكيم.


إذن فالحديث صحيحٌ من رواية عمرو بن حزم بمفردها، وعلى تقدير عدم صحة الكتاب -وهو بعيد- فالضعف في باقي طرق الحديث يسير يَنْجَبِرُ بمجموع الطرق كما تقرَّر في علم الحديث، والحديث يدل دلالةً واضحةً على المنع من مسِّ القرآن واللامس على غير طهر كما جاء التصريح به في رواية الإمام عبد الرزاق الصنعاني في «مصنفه» عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه قال: في كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: ((لَا يُمَسُّ الْقُرْآنُ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ))، وليس معنى أن المؤمن لا ينجس أنه لا يقع منه الحدث المستدعي لتجديد الطهارة، وإلا لكان تكليفه بالطهارة تكليفًا بتحصيل الحاصل، وهو محال، ومن المعهود في نصوص الشرع الشريف أن يقصد بالطهارة رفع الحدث كما في قوله تعالى مخاطبًا المؤمنين: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.. [المائدة : 6]، وقوله: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ﴾.. [البقرة : 222].

وقد نُقِل عن عددٍ من الصحابة القول بمنع المحدث من مس القرآن ولم يعرف لهم مخالف في هذا، فكان إجماعًا، يقول الإمام النووي في «المجموع»: «واستدل أصحابنا بالحديث المذكور وبأنه قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر -رضي الله عنهم- ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة».
وأجاب الشيخ ابن تيمية في «الفتاوى الكبرى» من سأله: هل يجوز مس المصحف بغير وضوء أم لا؟ فقال: «مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمس إلا طاهر .... وهو أيضًا قول سلمان الفارسي، وعبد الله بن عمر، وغيرهما، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف» .

والمعهود من نصوص الشريعة هو تعظيم كتاب الله عز وجل وبيان فضله على سائر الكتب الإلهية السابقة، ووصفه بصفات التقديس والإجلال، قال تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ [البينة: 1 – 3]، وقال عز وجل: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾.. [الحجر: 87]، وقال سبحانه:﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ﴾.. [الحشر: 21]، وقال: ﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾.. [الزمر: 23]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾.. [الأعراف: 204]، ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾.. [الزخرف: 3، 4]، وتعظيم ما عظمه الله تعالى حقٌّ واجب، وحرمة القرآن الكريم أعظم عند الله سبحانه وتعالى من المساجد التي يشيدها البشر، والجنب والحائض ممنوعان من دخول المسجد، فمنعهما من مس المصحف يكون من باب أولى، ويقتضي كمال التعظيم والتنزيه أيضًا منع المحدث حدثًا أصغر من مس القرآن حتى يتطهر من حدثه؛ إجلالا لكلام الله تعالى وكتابه المجيد.

ثم إن حفظ جميع سور القرآن الكريم ليس بواجب على كل مسلم، وإنما هو مستحب، سوى أن حفظ فاتحة الكتاب واجب على كل قادر؛ لكون قراءتها ركنًا من أركان الصلاة عند جمهور الفقهاء ويرى الحنفية أن القدر الواجب على كل مسلم حفظه هو الفاتحة وسورة معها؛ لأن قراءة ذلك من واجبات الصلاة عندهم.

وفي واقعة السؤال وبناءً على ما سبق: فإنه لا يجوز للمسلم المكلَّف إذا لم يكن على طهارة تامة من الحدثين الأكبر والأصغر أن يمسَّ المصحف وإن عاقه ذلك عن الإكثار من التلاوة أو الحفظ أو المراجعة؛ لتيسُّر العديدِ من السبل والوسائل التي يمكنه الاستفادة منها في الإكثار من سماع القرآن الكريم وتكرار آياته وترديدها وحفظها ومراجعتها بالسماع دون إلزامه حينئذ بالطهارة التامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.