ربما ظهر كثيرًا أمام الكاميرات وأثناء المؤتمرات الصحفية بوجه يحمل ملامح الجدية والصرامة، لا يحب تكرار الكلمات، ولا يفضل الظهور كثيرًا أو الإدلاء بتصريحات.. هكذا اعتقدنا في البداية، ولكن تغير الحال بعد بدء الحوار، فبدا أكثر هدوءًا، يبتسم ويجيب، تمتع بخفة الدم معنا، وأحيانا أخرى غامضا لا يريد البوح بما يخفيه. لم نرد أن يدور النقاش كله حول المستطيل الأخضر فقط، بل تطرقنا إلى طقوسه في الطعام وحياته في مصر، فكان لنا هذا الحوار مع خوان كارلوس جاريدو، المدير الفني للنادي الأهلي، الحاصل مؤخرًا على بطولة الكونفدرالية الإفريقية للمرة الأولى في تاريخ الأهلي والكرة المصرية، وكذلك المتوج ببطولة كأس السوبر المصري.
-في البداية .. ألف مبروك تهانينا لك بالفوز بثاني بطولاتك مع الأهلي، وتحقيق بطولة الكونفدرالية للمرة الأولى في تاريخ الأهلي والفرق المصرية.
جاريدو يرد بالعربية مبتسما: شكرًا.
-حدثنا عن سر فرحتك الكبيرة واحتفالك الجنوني بعد إحراز متعب الهدف في نهائي الكونفدرالية؟
تنهد ثم قال.. لقد تعبنا كثيرًا وبذلنا مجهودًا كبيرًا ومررنا بعقبات كثيرة من أجل الفوز بهذه البطولة، والمحافظة على إحراز الألقاب، لأن الأهلي نادي تعود على التتويج بالبطولات، فكانت نتيجة طبيعية جدًا أن أعبر عن فرحتي بهذا الشكل.
-ماذا عن اللحظات الأخيرة قبل إحراز هدف متعب.. هل فقدت الأمل في الفوز مع اقتراب صافرة النهاية واستعداد فريق سيوي سبورت للاحتفال؟
لم أفقد الأمل، لعبنا للنهاية وكان لدي الثقة في الفوز حتى صافرة النهاية، خاصة مع دعم الجماهير التي ظلت تحمس اللاعبين حتى آخر لحظة دون توقف، فكان يجب علينا أن نسعدهم ونتوج بالبطولة لأول في مرة في تاريخ النادي.
- قبل بدء التفاوض لتدريب الأهلي، هل تابعت الفريق الأحمر أو منتخب مصر في أي مباراة؟
بالطبع.. فالنادي الأهلي معروف على مستوى العالم، ومعروف أنه النادي الأعرق في القارة الأفريقية، كنت دائم المتابعة للدوريات الأوربية ولكن كنت أعلم جيدا ماذا يمثل النادي الأهلي في القارة الأفريقية.
-الأهلي يصنع المدربين.. أم المدرب يصنع النادي؟
الاهلي هو من يصنع المدربين، فهو يعمل كمنظومة كبيرة ، ولكن على المدرب ان يجتهد من اجل ان يسطر له تاريخا مع هذا النادي العريق، اعتبر نفسي محظوظا لتدريبي الأهلي.
كثيرون بدأوا عقد المقارنات بينك ومانويل جوزيه المدير الفني الأسبق للنادي الأهلي.. ما تعليقك؟
أنا أحترم كثيرًا مانويل جوزيه، وأحترم كل من حقق نجاحا مع النادي الأهلي، ولا أفكر في المقارنات بل أفكر في كيفية إنجاز مهامي على أكمل وجه لتحقيق البطولات، وعلى الجميع أن يعمل لتحقيق ذلك بدءً من ''عم حارث'' في ''نفخ'' الكرات جيدًا وحتى رئيس النادي.
-تعلم أن منتخب مصر فشل في التأهل لأمم أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي، وهناك من يرى أن المنتخب المصري كان منتخبا قويا عندما كان الأهلي فريقا قويا، هل تتفق؟
لا استطيع أن أحلل موقف المنتخب وما إذا كان تأثر بمستوى فريق معين أم لا، ولكن فعلا الأهلي ودع جيلا كاملا كان مهما ومؤثرا، والآن نحاول أن نبني فريقا جديدًا.
- قلت في وقت سابق أن محمود أبو السعود حارس مرمى المقاولون الحالي كان يستحق الاستمرار في الأهلي، فهل هناك لاعب آخر كنت تتمنى أن يكون موجودا ضمن صفوف الفريق؟
نعم، وائل جمعة، كان يجب ألا يعتزل، فهو لاعب أسطورة، ومازال قادرًا على العطاء، وحتى الآن أتمنى عودته.
-هل طلبت منه المشاركة في نهائي الكونفدرالية؟
نعم، وأطلب منه هذا كل يوم عندما أراه في المران.
-متعب يواجه الكثير من الانتقادات بسبب بعده عن المستوى الفني المعهود ويطالبه الكثير بالاعتزال، كيف ترى متعب خاصة أنك لم تدفع به أساسيا إلا بعد إصابة عمرو جمال؟
يجب أن نعي أن في كرة القدم هناك آراء مختلفة كثيرة، وفي النهاية لا نعترف إلا بالواقع، والواقع يقول أن متعب هو من أحرز هدف الفوز بالكونفدرالية، فلنترك من يتحدث، وسنرى أن متعب سيدخل التاريخ مرة أخرى من خلال إحراز هدف آخر في بطولة أخرى، ليقود الأهلي للتتويج.
-إلى أي مدى تختلف الكرة الأوروبية عن الأفريقية؟
بالطبع تختلف عن بعضها، فالكرة في إسبانيا تختلف عن نظيرتها في البرتغال أو أفريقيا، كل منها له أسلوب خاص، ولكن في النهاية الجميع يتفق على حب الكرة، والجميع يمتلك جماهير تعشق اللعبة، وهذا يظهر واضحا في الجماهير المصرية العاشقة لكرة القدم.
-هل يختلف اللاعب الأوروبي عن المصري؟ وهل تجد صعوبة في استجابة الأخير للتعليمات؟
لا أصنف اللاعبين على هذا الأساس، لا يوجد شيء اسمه لاعب أوروبي ولاعب مصري أو أفريقي، هناك لاعب مجتهد ولاعب لا يجتهد، وهذا ما يصنع الفارق، في كل مكان في العالم ستجد لاعب لديه الرغبة في العمل أكثر من لاعب آخر، ودائما المدرب يبحث عن اللاعب المجتهد وهذا ما وجدته في لاعبي الأهلي الذين كافحوا كي يحققوا بطولتي السوبر والكونفدرالية في هذه الظروف الصعبة.
-ما الذي ينقص اللاعب المصري لينافس بقوة في سوق الاحتراف؟
اللاعب المصري لا ينقصه شيء محدد، ولكن كل لاعب يختلف عن الآخر، فما ينقص هذا اللاعب ليس بالضرورة هو ما ينقص الآخر.
فمثلا سعد سمير يختلف عن وليد سليمان وحسام غالي، كل لاعب منهم له شخصية مختلفة وطريقة مختلفة في اللعب.
-دعنا نتحدث عن تجربة احتراف بعينها، ما رأيك في تجربة محمد صلاح المحترف في تشيلسي الانجليزي، هل فشل صلاح مع البلوز؟
لا اعتبره فشل، مجرد وجوده ضمن صفوف تشيلسي هو نجاح كبير، البلوز يضم أفضل اللاعبين، وصلاح يجاور زملاء ضمن أفضل 10 لاعبين في العالم، هذا في حد ذاته نجاح، وليس تشيلسي فقط فالمصريين نجحوا في اللعب ضمن صفوف أندية كبيرة مثل بازل السويسري.
- انتقلنا بعد ذلك بحديثنا للدوري المصري، وهنا استوقفنا جاريدو متسائلا عن معنى كلمة''دوري'' لأنه سمعنا نرددها أكثر من مرة، فقلنا له ''ليجا''، فاستبدل جاريدو حديثه معنا في باقي الحوار بالكلمة العربية ''دوري''.
-الزمالك كان بعيدا عن المنافسة في السنوات الماضية، والآن عقد صفقاته ودعم صفوفه من أجل منافسة حقيقية على لقب الدوري، فهل ترى مهمة الاحتفاظ باللقب أصبحت صعبة في ظل بناء فريق جديد؟
احترم نادي الزمالك، وأندهش كثيرا من مستوى الفرق المنافسة في الدوري، كل فريق واجهناه كان أمامنا صعوبات كبيرة للفوز عليه، الفرق الصغيرة خاصة تشعر وكأنها تضحي بحياتها من أجل الفوز على الأهلي، وتجدها بمستوى أقل بكثير في باقي مبارياتها.
ولكن الدوري بطولة طويلة، ومازال أمامنا العديد من المباريات، ولدينا مباريات مؤجلة بسبب انشغالنا بالبطولة الأفريقية، سنعمل على حصد النقاط كاملة من أجل تصدر الجدول.
-من ترى أن لديه فرصة حقيقية في منافسة الأهلي على لقب الدوري؟
الفريقين المتصدرين في هذه الفترة، يقصد ''الزمالك وإنبي''، ولكن الأهلي دائما مُطالب بحصد البطولات وهو ما نعمل من أجله.
- أي من لاعبي الزمالك تراه لاعبا قويا ومهما؟
كلهم لاعبين كبار، وبالطبع الأفضل هو من يشارك في المنتخب، لا استطيع أن أذكر اسم بعينه، ولكن الزمالك فريق كبير ومحترم، وهناك أيضا فرقا أخرى كبيرة في الدوري تمتلك لاعبين على قدر المنافسة.
-هل يكون الأهلي بوابة عبور جاريدو للتدريب في أفريقيا والشرق الأوسط؟
لا أفكر في الأمر حاليا، أفكر وأركز فقط مع الأهلي، هدفي الوحيد أن أوفق في القلعة الحمراء خلال فترة تعاقدي.
-ما سر ولعك بجماهير الأهلي ومغازلتك المستمرة لهم رغم حضورهم نهائي الكونفدرالية فقط؟
جماهير الأهلي معروف أنها سبب رئيسي في دعم الفريق للفوز بالبطولات على مدار التاريخ، وجودهم في نهائي الكونفدرالية أعطى قوة غير عادية للاعبين، فإذا كنت تعرف تاريخ الأهلي، ستعرف دور جماهيره، وأتمنى أن يعودوا للمدرجات في أقرب وقت ممكن.
-على الصعيد العالمي، من يستحق الفوز بالكرة الذهبية ميسي، رونالدو أم نوير؟
لا أهتم بمن سيفوز بها، ولكن عندما أذكر أنني قمت باللعب كمدرب أمام ميسي ورنالدو، يمكنني قول أن ميسي هو أفضل لاعب على مدار التاريخ.
-هل ترى أن الفيفا يجامل بعض اللاعبين على أساس النجومية وليس البطولات؟
لا يشغلني هذا الأمر، فأنا لا أؤمن بهذه الجوائز لأنها آراء فردية، وما يتبقى في النهاية هي البطولات التي يحققها اللاعب.
-بعيدا عن المستطيل الأخضر.. هل تربطك علاقة صداقة مع لاعبي الأهلي؟ ومن الأقرب لك؟
لابد أن يكون بين المدرب واللاعب علاقة قوية قائمة على المسئولية والاحترام، ويجب أن يتعامل المدرب مع اللاعبين بنفس الطريقة كأنهم أبناءه، وأن يحبهم جميعا بنفس القدر، وعلى اللاعب أن يعي أنه دائما مطالب بتقديم أفضل ما لديه لأن هذا سر النجاح وهنا يأتي دور المدرب، في بعض الأوقات لا يتقبل اللاعب ما يطلبه المدرب، ولكن على المدى الطويل يعي ويقدر هذا.
-نراك تنطق ببعض الكلمات العربية مثل ''شكرا، عفوا''، من علمك هذه الكلمات؟
صديقي والمترجم الخاص بي، طلبت منه ذلك عندما أتيت إلى مصر، وكتب لي الكلمات بحروف إنجليزية وحفظتها، بالإضافة إلى أن زوجتي تتعلم اللغة العربية، وأولادي في المدرسة أيضا يدرسونها، وخلال المران أتعلم بعض الكلمات من اللاعبين وفي اجتماعات الجهاز الفني.
-ماذا عن الحياة في مصر؟ وكيف تشعر عندما تعرف أن هناك تفجيرا إرهابيا قد حدث في مكان ما؟
أنا سعيد جدًا بحياتي في مصر، عانيت في البداية من الزحام المروري وطريقة القيادة ولكن تأقلمت مع الوقت لأنني أيضا أحب القيادة السريعة، وقبل حضوري قمت بالتواصل مع السفارة الإسبانية للوقوف على الوضع الأمني، وأكد لي العاملون في السفارة أن الحياة هنا آمنة جدا.
-هل قمت بزيارة أماكن سياحية؟
أكيد، ذهبت إلى شرم الشيخ والغردقة، والأهرامات وخان الخليلي، وحضرت أحد عروض التنورة في مصر ودبي.
-وماذا عن الأكل المصري؟
أعجبني كثيرا ''شوربة العدس، والفول، والحمص''، ولكني لم أفضل ال''بابا غنوج''.
-في نهائي الكونفدرالية قمت بارتداء نفس ''بدلة'' مباراة السوبر، فهل لك طقوس معينة قبل المباريات الهامة؟
رد مازحا.. لا طقوس ولا أي شيء، الأمر كله يتلخص في أنه ليس لدي سوى بدلة واحدة في مصر، ''محتاج أشتري بدل''.
