فيكتور ميل: الأب الشرعى ''لحفاضات'' الأطفال

فى مطلع ستينات القرن الماضى، وصل رجل يعمل مهندسًا كيميائيًا إلى منزل أبنته بعد أن تلقى نبأ يُفيد بوصول حفيدته للحياة، ظل يداعبها لساعات، ثم حان وقت الطعام وتغيير ''حفاضة'' الطفلة، نظر إلى قطعة القماش التى تلتف فيها حفيديه، والتى يتعين غسلها وكيها كل مرة، لتنبت فى رأسه الفكرة التى قادت العالم لثورة فى مجال نظافة الرُضع والأطفال دون عمر الثالثة.
فيكتور ميلز، المولود بولاية نبراسكا الأمريكية، والذى توفى فى مثل هذا اليوم ''1نوفمبر 1997'' عن عمر يناهز 101 عام، كان رجلاً مهووسًا بالنظافة الشخصية، ساهم منذ تخرجه من جامعة واشنطن فى العديد من المنتجات التى تحمل طابع تسهيل الحصول على بيئة معادية للجراثيم أو أطعمة صحية أو ضمادات طبية، فمن ضمن إنجازاته؛ صابون العاج ورقائق البطاطس منخفضة السعرات، إلا أن ال25 براءة اختراع التى حصل عليها طيلة عمره المديد تتضاءل أمام أهم اختراعاته.. حفاضة الأطفال الصالحة للاستخدام مرة واحدة.
بدأت فكرة الحفاضات فى الطفو على السطح فى القرن التاسع عشر، وبدء الأطفال فى استخدام الحفاضات القماشية التى تُربط على خصر الطفل وتُثبت بدبابيس، وفى النصف الأول من القرن العشرين، بدء شركة إنتاج سويدية بإنشاء خط لتصنيع حفاضات مطاطية تستخدم كمرة واحدة، وفى عام 1949 بدأت شركة أمريكية فى عمل حفاضه تستعمل لمرة واحدة ومصنوعة من خامات غير مغزوله، إلا أن العائق الأساسى كان فى ''البلل''، فحينما يقضى الطفل حاجته داخل الحفاضة، يتبلل جلد الصغير مُسببًا له مجموعة من الالتهابات، في ذلك الوقت برز أسم ''فيكتور ميلز'' الكيميائى الذى يعمل فى الشركة الأمريكية ''بروكتل أند جامبل''.
قبل وجود الحفاضات الماصة ، لم يكن المستهلكون سعداء مع حفاضات القماش ذات الاستخدام الواحد، أرادوا الحصول على طرق أفضل وأكثر ابتكارً للحفاظ على جفاف وراحة الأطفال، وخصوصًا مع الالتهابات الجلدية التى كانت تحدث بين كل حين وأخر بسبب الحفاضات القماشية، حتى تمكن ''فيكتور'' من اختراع مواد ماصة تحفظ جلد الطفل جافًا طيلة ساعات، وقام بتطوير تصميم للحفاضة للاحتفاظ بتلك المواد بعيدًا عن جلد الرضيع، لتخرج للعالم أول ''حفاضة'' مضادة للبلل فى عام 1961.
التكلفة العالية كانت إحدى عيوب تلك الحفاضات، فقد كان سعر الوحدة الواحدة يُقدر ب10 سنتات، الأمر الذى دعى الشركات للتنافس لإنتاج حفاضات تناسب القدرات المالية للمستهلك، والآن، وبعد مرور أكثر من نصف قرن على اختراع تلك الحفاضات، تباع ملايين الحفاضات يوميًا لحماية الأطفال من مخاطر صحية عدة، وتحقق الشركات المنتجة لها مكاسب تُقدر بنحو 4 مليارات دولار سنويًا.