اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    الإدارية العليا تتلقى 159 طعنا على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    سعر الدولار اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025 في مصر    اليوم.. إطلاق إعلان القاهرة الوزارى لحماية البحر المتوسط فى COP24    سعر الذهب يتراجع 10جنيهات اليوم الخميس 4 ديسمبر.. وعيار 21 يسجل هذا الرقم    وزير الكهرباء يبحث مع إيميا باور الإماراتية زيادة التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 32 آخرين في عدوان الاحتلال على خان يونس    «دفاع الشيوخ» تشيد بمجال التسليح بمعرض إيديكس 2025    لماذا أصبح الأميرال أوشاكوف راهبًا؟    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    الأهلى يتوصل لاتفاق نهائى مع حسين الشحات.. اعرف التفاصيل    مانشستر يونايتد يستقبل وست هام في مباراة خارج التوقعات بالبريميرليج    طقس معتدل الحرارة بكفر الشيخ اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    «الأعلى للأمناء»: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز جيل المستقبل    تأجيل محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بالإسماعيلية لجلسة 25 ديسمبر    فيدرا تدعم منى زكي بعد الانتقادات بسبب فيلم الست: ممثلة تقيلة وموهبتها تكبر مع كل دور    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة «الألف يوم الذهبية»    أسعار البيض اليوم الخميس 4 ديسمبر2025    بوتين يعلن معارضته لبعض نقاط الخطة الأمريكية للحرب في أوكرانيا    محافظ الدقهلية ينعى الحاجة سبيلة صاحبة التبرع بثروتها لصندوق تحيا مصر    وزير الرى يكلف بإعداد مقترحات للإسراع من إجراءات صرف تعويضات نزع الملكية    حبس شبكة تستغل الأطفال في التسول بالقاهرة    وفاة سعيد عبد الواحد مرشح مجلس النواب عن دائرة إمبابة    وزير العمل يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لبحث تفعيل التعاون في الملفات المشتركة    انتخابات مجلس النواب 2025..إقبال لافت في الساعات الأولى لانتخابات مجلس النواب بسوهاج    فيديو.. متحدث الوزراء: عملية تطوير القاهرة التاريخية شاملة ونراعي فيها المعايير العالمية    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    اليوم.. انطلاق الجولة الثانية من دور المجموعات ببطولة كأس العرب    كتيب عن المتحف المصرى الكبير.. طالب يلخص الحكاية فى 12 صفحة.. صور    الصين تساعد فلسطين ب 100 مليون دولار لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    "مشهد لا يُنسى" بورسعيد تُشيّع بطلها الصغير يوسف محمد فى لحظات الدموع والدعاء والوداع .. إنهيار والدته وحزن أصحابه وذويهم.. والده يؤكد على الحضور: "بالله عليكو ما تسيبوا حق إبني".. فيديو و صور    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    «ما تسيبوش حقه».. نداء والد السباح يوسف محمد خلال تلقى العزاء (فيديو وصور)    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    وسائل إعلام: ماكرون سيعلن عن تعديلات على العقيدة النووية الفرنسية مطلع العام القادم    الصحة: خدمات شاملة لدعم وتمكين ذوي الهمم لحصولهم على حقوقهم    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    وزير الخارجية الفنزويلي: استقبلنا رحلات جوية حملت مواطنين مرحلين من الولايات المتحدة والمكسيك    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    حريق بجوار شريط السكة الحديد بالغربية.. والحماية المدنية تُسيطر على ألسنة اللهب    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النفاق الاجتماعي .. آفة العصور والأمصار
نشر في مصراوي يوم 02 - 09 - 2014

ورغم أن ظاهرة «النفاق الاجتماعي» قديمة قدم البشرية إلا أن التاريخ يسرد لنا منها الكثير من الحوادث الفردية في أغلب الأحيان، لكن أزمتنا المعاصرة تكمن في تفشي تلك الظاهرة لدرجة كارثية من الكذب الصريح، والنفاق الداعر، والمجاملة الممجوجة، وطمس الوقائع، وتزيف الحقائق، وتحريف الكلم عن مواضعه، حتى باتت تلك الظواهر لغة العصر وشعار الزمان إلا من رحم الله تعالى، الأمر الذي أدى إلى انحدار الكثير من القيم والأخلاق، وبسبب ذلك ساءت العديد من العلاقات الاجتماعية، وضاعت الكثير من الحقوق، واستشرى الظلم بأبشع صورة، وتعلمت الأجيال الخوف والجبن، وتجرعت ثقافة الخنوع والضعف والاستكانة وتسلط العدو وغيرها من المساوئ.
التاريخ يروي
وقف المهديُّ على عجوزٍ من العرب، فقال: ممَّن أنتِ؟ قالت: من طيِّئ. قال: ما منع طيِّئًا أن يكون فيهم مثل حاتم؟ فقالت: الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك. فعجب من جوابها ووصلها.
ودخل عليه رجل يوما ومعه نعل فقال: هذه نعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أهديتها لك. فقال: هاتها، فناوله إياها، فقبلها ووضعها على عينيه وأمر له بعشرة آلاف درهم. فلما انصرف الرجل قال المهدي: والله إني لأعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم ير هذه النعل، فضلا عن أن يلبسها، ولكن لو رددته لذهب يقول للناس: أهديت إليه نعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فردها علي، فتصدقه الناس، لأن العامة تميل إلى أمثالها، ومن شأنهم نصر الضعيف على القوي، وإن كان ظالما، فاشترينا لسانه بعشرة آلاف درهم، ورأينا هذا أرجح وأصلح.
قال ابن المبارك - رحمه الله -:
وهل أفسد الدين إلا الملوك .. .. وأحبار سوء ورهبانها
وروى الإمام مسلم عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل‏.‏ فلما رحنا إليه، عرف ذلك فينا، فقال‏:‏ ‏ما شأنكم‏؟‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة، فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال‏:‏ (غير الدجال أخوفني عليكم)؛... وقد ثبت في المسند بسند جيد عن أبي ذر قالوا: من يا رسول الله؟ قال: (الأئمة المضلون).
وعن بشر بن الحارث عن الفضيل بن عياض: "لأن آكل الدنيا بالطبل والمزمار أحب إلي من أن آكلها بدين".
وعن مالك بن أنس قال لي أستاذي ربيعة الرأي: يا مالك من السفلة؟ قلت: من أكل بدينه. فقال: من سفلة السفلة؟ قال: من أصلح دنيا غيره بفساد دينه. قال: فصدقني.
يقول ابن القيم في كتابه الفوائد: "علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون الناس إليها بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم للناس: هلموا؛ قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصورة أدلاء، وفي الحقيقة قطاع طرق".
ورحم الله الإمام أحمد حيث قال: "إذا تكلم العالم تقية، والجاهل بجهل، فمتى يعرف الحق؟".
فباعوا النفوس ولم يربحوا .. .. ولم تغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة .. .. يبين لذي العقل أنتانها
تملق السلاطين
وتملق أهل السلطان أخطر أنواع النفاق الاجتماعي لأن بأيديهم السلطة والقوة وهي فتن تغر وتجعلهم أقرب للبطش والتجبر، كما أنهم أسهل وأسرع الناس زلقا في فخاخ الكبر والبطر، لذلك كان احتياجهم لعاقل ناصح أمين أشد من احتياجهم للهواء والماء، ورحم الله الحسن البصري الذي قال: "تولّى الحجاج العراق وهو عاقل كيّس، فما زال الناس يمدحونه حتى صار أحمق طائشاً سفيهاً".
وفي مسند أحمد بسند عن عمر –رضي الله عنه- قال: حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كل منافق عليم اللسان. وروى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين – رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان).
وكم نصّب هؤلاء من الزعماء رموزا تصل إلى فوق المكانة النبوية أو لمرتبه الألوهية ..
قالوا في فاروق ملك مصر
يا واحد العرب الذي أمسى وليس له نظير
لو كان مثلك في الورى ما كان في الدنيا فقير
وبنفس الأسلوب وبنفس الروحية يخاطب ابن هانئ الأندلسي المعز لدين الله الفاطمي حيث يقول له:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار .. فاحكم فأنت الواحد القهار
كارثة اجتماعية
كلمة «نفاق» في اللُّغة مأخوذة من النَّفَق، وهو حفرة تحفرها بعض الحيوانات وتجعل لها فتحتين أو أكثر، فإن هوجمت من ناحية خرجت من الأخرى .. فالمنافق شخص حربائي متلون حسب المعطيات والمواقف والمصالح .. قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (تَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ؛ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ) [متفق عليه] وقال: (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع) [مسلم]
إن مشكلة المنافق أنه يعيش بالقناعة التي يريدها سيده، فإن سقط سيده سرعان ما انقلب عليه، وتملق سيدا آخر، لذلك فتبدل المواقف في حياته يسير وكثير، دون أي شعور بالخجل أو المراجعة أو الاعتذار .. يأكل على كل الموائد، وجاهز لكل المواقف، ولديه براعة في قلب الحق باطلا والباطل حقا، لدرجة أن التاريخ يحدثنا عن بعضهم في العصر الفاطمي البائس لما زلزلت الأرض قال ممتدحا - بصورة فجة - الخليفة الفاطمي:
ما زلزلت مصر من كيد ألمّ بها .. لكنها رقصت من عدلكم طربا
النفاق الإعلامي
عن النفاق الإعلامي حدث ولا حرج، وذلك لأن صناديق الانتخابات الديمقراطية تحتاج إلى من يملئوها من السذج والبسطاء الذين حالهم كحال نسوة يوسف حين انبهروا بظاهر جماله ونسوا جراحهم، فلا غرو أن ينفق الطغاة بسخاء على الآلة الإعلامية الرهيبة التي تصنع لهم «حشودا تحت الطلب» جاهزون لرسم مشاهد التأييد والتبريك.
ولم يصل النفاق الإعلامي إلى درجة تزيف الوعي فحسب بل امتد إلى العقائد والهوية الإسلامية فعاث فيها خرابا وفسادا، وفق مخططات مرسوم لها بعناية .. يقول المستشرق «جب»: "إن علينا كي نغير وجه الإسلام أن نسير في اتجاهين: الأول: بناء كوادر علمانية، والثاني: صناعة الرأي العام" .. وذكر أن الكوادر العلمانية تصنع في البعثات لأوروبا وأوكار التعليم التابعة للغرب عندنا، والرأي العام يتكفل به الإعلام المضلل.
وعلى كثرة أمراضنا الاجتماعية يبقى «النفاق الاجتماعي» من أخطرها وأشدها ضراوة .. هذا الداء العضال الذي يحتاج إلى مواجهة حقيقية بترياق من تقوى الله تعالى ممزوجا بالشفافية والصراحة وتحري الصالح العام فوق كل مصلحة شخصية أو منفعة وقتيه، والله الموقف إلى سواء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.