هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن ابي الحبيب بن النضير بن النحام بن ناخوم من سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام ثم من ذرية هارون بن عمران عليه السلام أخي موسى كليم الله عليه السلام أمها: برة بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظي. وعلى الرغم من انها لم تكن قد تجاوزت السابعة عشرة الا انها كانت رضي الله عنها قد تزوجت سلام بن مشكم القرظي ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن ابي الحقيق النضري وهما شاعران وقد قتل كنانة يوم خيبر.
زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما من الله تعالى على المسلمين بفتح خيبر جاء دحية الكلبي رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اعطني جارية فقال: اذهب فخذ جارية فأخذ صفية رضي الله عنها فقال رجل: يا رسول الله أعطيت دحية صفية وهي سيدة بني قريظة والنضير لا تصلح الا لك فقال: ادعه بها فجاء بها فقال: خذ جارية غيرها فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها وعن أم أنس بن مالك قال جابر بن عبد الله: جئ يوم خيبر بصفية للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لبلال خذ بيد صفية فأخذ بيدها ومر بها بين المقتولين في ساحة القتال التي امتلأت بالقتلى فوجد صلى الله عليه وسلم ان السيدة صفية رضي الله عنها قد بدا عليها الحزن الصامت والجزع المكبوت وهي تحاول ان تتماسك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزعت يا بلال منك الرحمة حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟ ثم أمر بصفية فحيزت خلفه فكان ذلك اعلاما بأنه صلى الله عليه وسلم قد اصطفاها لنفسه وقد خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ان يعتقها فترجع الى من بقى من اهلها وبين ان تسلم ويتزوجها فاختارت الله ورسوله
وفي حديث عن أنس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخذ السيدة صفية بنت حيي قال لها: هل لك في؟ قالت: يا رسول الله قد كنت أتمنى ذلك في الشرك فكيف اذا أمكنني الله منه في الاسلام؟ فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها ودفعها الى أم سليم تهيئها وتعتد عندها واقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وليمة فقال: من كان عنده شئ فليجئ به فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
رؤيا وبشارة كانت السيدة صفية قد رأت رؤيا في منامها ان قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لأبيها فضرب وجهها ضربة أثرت فيه وقال: انك لتمدين عنقك الى ان تكوني عند ملك العرب ومازال الاثر في وجهها حتى أتى بها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عنه فأخبرته الخبر
عداء مسبق تقول السيدة صفية بنت حيي بن أخطب: كنت أحب ولد ابي اليه والى عمي بن ياسر لم القهما قط مع وع ولدهما الا أخذاني دونه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء غدا عليه ابي وعمي مغسلين فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس فأتيا كالين ساقين يمشيان الهوينا فهششت اليهما كما كنت اصنع فوالله ما التفت الي واحد منهما مع ما بهما من الغم وسمعت عمي ابا ياسر وهو يقول لابي: أهو هو؟ قال: نعم والله قال عمي: أعرفه وتثبته؟ قال: نعم قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت
صفية رضي الله عنها في بيت النبوة كانت ازواج الرسول صلى الله عليه وسلم قد تفاخرن على السيدة صفية بأنهن قرشيات عربيات وهي الاجنبية الدخيلة وبلغها كلام عن السيدة حفصة والسيدة عائشة رضي الله عنهما فحزنت وتألمت وحدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال لها: الا قلت: وكيف تكونان خيرا مني و وجي محمد وأبي هارون وعمي موسى؟
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشعر بغربتها رضي الله عنها فكان يدافع عنها كلما اتيحت له الفرصة وقيل انه صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه صفية وزينب بنت جحش رضي الله عنهما فاعتل بعير صفية رضي الله عنها فبكت فجاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ يمسح دموعها بيده الشريفة وكان في ابل السيدة زينب رضي الله عنها فضل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان بعير صفية أعتل فلو أعطيتها بعيرا؟ فأبت السيدة زينب فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجر السيدة زينب رضي الله عنها شهرين أو ثلاثة ثم سامحها فها هو سيد الخلق أجمعين يهجر المهاجرة زوجته التي زوجها اياه رب العالمين وابنة عمته غضبا للسيدة صفية رضي الله عنها
وكانت رضي الله عنها تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا عظيما وروي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته قالت له السيدة صفية: والله يا نبي الله لوددت ان الذي بك بي فغمزها ازواجه فأبصرهن فقال صلى الله عليه وسلم: مضمضن قلن: من تغامزكن بها والله انها لصادقة.
حلمها رضي الله عنها كانت رضي الله عنها وقورة حليمة وروي ان جارية قالت لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: ان صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث عمر يسألها فقالت: أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة واما اليهود فان لي فيهم رحما فأنا أصلها ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان قالت: فاذهبي فأنت حرة موقف لا ينسى لما ابتلى الله تعالى عبده ذا النورين عثمان رضي الله عنه بالحصار كانت السيدة صفية رضي الله عنها من الذين دافعوا عنه فروي عن كنانة - مولى صفية رضي الله عنها - قال: قدمت صفية رضي الله عنها في حجابها على بغلة لترد عن عثمان فلقينا الاشتر فرب وجه البغلة وهو لا يعرف راكبتها فقالت لي صفية رضي الله عنها: ردني لا تفضحني ثم وضعت أم المؤمنين عليها السلام خشبا من منزلها الى منزل عثمان رضي الله عنه تستخدمه معبرا تنقل عليه الماء والطعام
أمرها رضي الله عنها بالمعروف و نهيها عن المنكر روى الامام أحمد بسنده عن صهيرة بنت جعفر قالت: حججنا ثم انصرفنا الى المدينة فدخلنا على صفية بنت حيي رضي الله عنها فواقفنا عندها نسوة من أهل الكوفة فقلن لها: ان شئتن سألتن وسمعنا وان شئتن سألنا وسمعتن فقلنا: سلن فسألن عن اشياء من أمر المرأة وزوجها ومن أمر المحيض ثم سألن عن نبيذ الجر فقالت: أكثرتم يا أهل العراق من نبيذ الجر وما على احداكن ان تطبخ تمرها ثم تدلكه ثم تصفيه فتجعله في سقائها توكئ عليه فاذا طاب شربت وسقت زوجها وفي رواية اخرى فقالت رضي الله عنها: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر.
صفية رضي الله عنها راوية حديث من الذين رووا عن السيدة صفية ابن اخيها ومولاها كنانة ومولاها يزيد بن متعب والامام زين العابدين علي بن الحسين ومسلم بن صفوان وحديثها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرج في الكتب الستة.
وفاتها رضي الله عنها توفيت رضي الله عنها سنة خمسين من الهجرة في زمن معاوية رضي الله عنه ودفنت رضي الله عنها بالبقيع مع أمهات المؤمنين الحقها بحبيبها صلى الله عليه وسلم رحمها الله تعالى والحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبها وبأمهات المؤمنين جميعا ان شاء الله المصدر: موقع السراج - قبسات من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم