نشر موقع كريستيان ساينس مونيتور مقالاً للمراسل والمحلل السياسي البلجيكي ''جيرت فان لانجندوك'' تحدّث فيه عن وضع المعارضة المصريّة في الفترة القادمة عقب هزيمتها السياسيّة بإقرار الدستور الّذي قامت بمعارضته طيلة الشهر الماضي. ويصف الكاتب حالة المعارضة بالتشتّت عندما تمّ طرح الدستور للاستفتاء، فيقول أنّ موقفها تأرجح بين مقاطعة الاستفتاء وبين الدعوة للتصويت بالرفض لمدّة أسابيع وعندما انحازت المعارضة أخيراً للدعوة بالذهاب للصناديق والتصويت بالرفض قبل أيام قليلة من موعد الاستفتاء لم تستطع في تلك الأيام القليلة هزيمة الحملة القوية للإخوان والسلفيين للتصويت بنعم والتي كانوا قد بدأوها منذ فترة. ولكن يرى ''فان لانجندوك'' أملاً للمعارضة إثر التراجع الذي يواجه شعبية الرئيس ''مرسي'' وجماعة الإخوان بعد تمرير دستور لم تشارك فيه المعارضة وهو ما يعطي الآمل للمعارضة في انتصارات برلمانية في الانتخابات المقبلة. ويستشهد الكاتب بتصريحات للنائب المعارض السابق ''مصطفى الجندي'' أحد أبرز أقطاب المعارضة الحالية في جبهة الإنقاذ يقول فيها: '' إن انقساماتنا أصبحت ماضي الآن والفضل في هذا يرجع للدكتور ''مرسي'' والزواج السياسي بين الدكتور ''محمد البرادعي'' و''حمدين صباحي'' أصبح حقيقة واقعة.'' ويصف الكاتب سياسات القطبين المعارضين بالسياسات المتصادمة في الأساس، فاتّحاد ''البرادعي'' حائز جائزة ''نوبل'' مع المعارض اليساري العتيد الذي فاجأ الجميع بحلوله ثالثاً في انتخابات الرئاسة السابقة يعكس مدى تصميم المعارضة على بناء جبهة موحّدة لمواجهة الإخوان. وينتقل ''فان لانجندوك'' لرأي آخر إذ يرى ''فادي رمزي'' رئيس تحرير مجلة مصري الإلكترونية أنّ المعارضة لا يجب أن تلوم إلّا نفسها على هزيمتها أمام الإخوان في معركة الدستور فيرى أنّ كثيراً من الناس كانوا يودّون التصويت بلا ولكنّهم لم يجدوا من يخبرهم بسبب جيد بما يكفي ليفعلوا ذلك. ففي رأيه لا تملك المعارضة منتجاً سياسيّاً لتبيعه الناس وكان يجب عليها أن تنفق مزيداً من الوقت لإقناع الناس أنّ هذا الدستور في الاتجاه الخاسر لأي عدد من الأسباب وأنّه يجب علينا أن نعمل لنحصل على أفضل منه، ولكن يرى ''رمزي'' أنّ ما نحصل عليه الآن من المعارضة هو حفنة من الكلمات الطيّبة بدون أيّة آليّات تحمل هؤلاء الذين في السلطة على تحقيق الوعود المتضمّنة في الدستور، ولكن بدلاً من ذلك اختارت المعارضة وفقاً ''لرمزي'' إحداث كثير من الضوضاء حول تأثير (الشريعة) في الدستور. ويرى الكاتب أنّ تأكيدات ''رمزي'' عزّزها تصويت الكثيرين في دلتا مصر والّذين صوّت أكثرهم بنعم طلباً للاستقرار ولكم أكثر من قالوا ''لا'' كان لديهم أسبابهم الوجيهة كربط التأمين الصحي بإثبات عدم القدرة أو ما يسميه البعض ''شهادة فقر'' وهو ما يراه أغلب الناس مهيناً. ويقدّر ''فادي رمزي'' أنّه لم يكن هناك من ربط تصويته بالشريعة الإسلامية سواء بنعم أو بلا، ويرى أنّ العمال الديني يتراجع تأثيره في كلّ انتخاب جديد والناس الآن بدأت تدرك الألعاب السياسيّة التي تستخدم الدين وبدأت ترفض أن توضع أمام اختيار للتصويت مع أو ضدّ الإسلام. وفي الجزء الأخير من مقاله يعرض ''فان لانجندوك'' وجهة نظر ترى أنّ المسار الفوضوي الذي أخذه المشهد السياسي في مصر عقب الثورة لم يكم من الممكن تجنّبه فينقل عن الناشط ''ألفريد رؤوف'' أنّه ليس من المعقول بمكان أن نتوقع إيجاد مناخ سياسي صحّي في مصر فقط بعد عامين من سقوط ديكتاتور كمبارك، ويرى ''رؤوف'' أن مصر تحتاج لخمس سنوات على الأقلّ لتصل لمثل هذا المناخ الصحّي ولاسيّما مع وجود الإخوان كقوّة تريد الحلول محلّ الحزب الوطني القديم ولا تبغي تعدّداً سياسيّاً حقيقيّاً. ويجادل ''رؤوف'' بأنّه حتّى لو كان الثوّار قد حصلوا على السلطة لكانوا لجأوا سريعاً هم أيضاً لقمع الناس، إلّا أنّ ما حدث من الحكم العسكري الّذي تبعه اكتساح إخواني للسلطة وهو ما بدا للناس كنتيجة كارثية لثورة حملت الكثير من الأمل، إلّا أنّه- في تقدير ''رؤوف''- كان المسار الأفضل للثورة. ويختم ''فان لانجندوك'' مقاله بتفاؤل ''ألفريد رؤوف'' العضو المؤسس في حزب الدستور بفرص المعارضة في الانتخابات القادمة حتى لو تمّ حل التحالف الحالي ممثّلاً في جبهة الإنقاذ، وخلافاً لرأي ''مصطفي الجندي'' المتفائل بحصول المعارضة على أغلبية مقاعد البرلمان يرى ''رؤوف'' أنّ نسبة المعارضة ستكون بين 30% إلى 45% شريطة عدم التزوير، ويخشى ''رؤوف'' من انخفاض نسب المشاركة نتيجة لبدء حالة من فقدان الناس الإيمان بالديمقراطيّة التي لم يرونها قد ساعدتهم على متطلبات حياتهم اليوميّة.