يشير بعض الخبراء الى ان سوريا التي يحكمها حزب البعث منذ نحو خمسين عاما قد تتاثر بحركات الاحتجاج الاجتماعية والسياسية غير المسبوقة والتي تهز العالم العربي. ويقول المحلل في مجموعة الازمات الدولية بيتر هارلينغ لوكالة فرانس برس "لا يمكن التكهن بالوضع، هناك توتر عام في المنطقة.ان الامر يتعلق بشعوب تحقق مستقبلها بيدها ويجب استخلاص العبر من ذلك". واضاف "هناك بعض العناصر التي تجعل من سوريا في وضع افضل وبخاصة اتباعها سياسة خارجية تتوافق مع الراي العام". اما بالنسبة لبرهان غليون مدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون في باريس فان "ما حدث في مصر وتونس ستكون مثل الطوفان ولا يمكن لسوريا ان تكون بمعزل عنه". من جهته يعتبر رياض قهوجي مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (انيغما)ان "ليس هناك دولة عربية بمنأى عن حركات الاحتجاج، ان حركات المعارضة تتذمر من الحكم ولديها مطالب وتشعر بالغبن في غياب الديمقراطية وعدم دوران السلطة". واشار قهوجي الى ان "حركات المعارضة الشعبية غير المسبوقة تشعر بقوتها وتستخدم وسائل الاتصال الحديثة مثل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتنقل عدواها الى الدول المجاورة". وكانت مجموعة لم تكشف هويتها دعت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الاسبوع الماضي الى يوم غضب بعد صلاة الجمعة في كافة المدن السورية ضد "أسلوب الحكم الفردي والفساد والاستبداد" واعلن الاف الاشخاص دعمهم لهذه الحملة المنشورة على الموقع الذي تحجبه السلطات السورية. ويقوم مستخدمو الانترنت في سوريا بتصفح الموقع مستخدمين برامج "بروكسي" التي تعمل على كسر هذا الحجب وتعطل الاتصال بخدمة الدردشة عبر الهواتف المحمولة الى هذا الموقع منذ بداية كانون الثاني/يناير. ويتولى حزب البعث الحكم منذ عام 1963 عندما ارسى قانون الطوارئ الذي مازال ساريا حتى الان. وتم انتخاب بشار الاسد رئيسا للبلاد في عام 2000 عند وفاة والده حافظ الاسد الذي حكم البلاد منذ 1970. واكد الاسد في مقابلة نادرة مع صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية "ان الوضع في سوريا مستقر" وبعيد عن الاضطرابات الاجتماعية التي ادت الى خلع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وهزت نظام الرئيس المصري حسني مبارك. الا ان الرئيس السوري اشار الى ضرورة ان يقوم القادة في المنطقة باصلاحات. ولكن سوريا التي اعطت اولوية للاصلاح الاقتصادي تواجه "تحديات كبيرة" حسبما اقر احد المسؤولين السوريين مؤخرا. ويرزح تحت خط الفقر نحو 14 بالمئة من عدد السكان البالغ 22 مليون نسمة كما يعاني 20 بالمئة من السكان الذي في عمر العمل من البطالة. واحدثت سوريا في كانون الثاني/يناير صندوقا وطنيا للمعونة الاجتماعية تبلغ قيمته حوالى 12 مليار ليرة سورية (حوالى 250 مليون دولار) يهدف الى تقديم معونات دورية او طارئة خلال عام الى 420 الف اسرة معوزة. كما رفعت تعويض المحروقات بنسبة 72 بالمئة للعاملين في الدولة وللمتقاعدين (2 مليون شخص). ويعتبر غليون ان "اجراء انتخابات منتظمة وحرة ونزيهة والغاء كل نظم الاستخباراتية على الشعوب هي اصلاحات اساسية". واضاف "لا يحق لاي نظام ان يحتكر السلطة ويمنع الشعب من تقرير مصيره". وكان مثقفون وناشطون سوريون بينهم الكاتب ميشال كيلو والمخرج السينمائي عمر اميرالاي اصدروا السبت بيانا يعد الاول من نوعه منذ عام 2006 حمل عنوان "تحية من مثقفين سوريين إلى الثورة التونسية والانتفاضة المصرية" اعتبروا فيه ان "شعوبنا اهتدت الى طريق الحرية". واشار البيان الى ان "الثورة التونسية أتاحت للملايين في بلداننا العربية أن يلحظوا كم أن تونس تشبه بلدانهم" حيث تتمركز السلطة والثروة في الايادي نفسها. ومن أبرز الموقعين على البيان الذي ضم حوالى أربعين اسما، المخرج السينمائي أسامة محمد والشاعر حازم العظمة والناشطة الحقوقية رزان زيتونة والناشطة رولا الركبي والروائية سمر يزبك وخبير الاقتصاد الأكاديمي عارف دليلة ورسام الكاريكاتير علي فرزات والكاتب عمر كوش والكاتب فايز سارة والروائي منذر بدر حلوم والشاعر منذر مصري، والكاتب ياسين الحاج صالح.