توصلت الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الاوروبي واوكرانيا في ختام اجتماع في جنيف الخميس الى اتفاق ينفذ على مراحل لنزع فتيل الازمة الاوكرانية، ولكن على الرغم من الاجواء التفاؤلية التي اشاعها فقد بدت واشنطن مشككة بالتزام روسيا به. وهذا الاتفاق الذي بدا مفاجئا بعدما كان دبلوماسيون استبعدوا قبيل بدء الاجتماع امكانية خروجه باي نتيجة، ينص خصوصا على نزع اسلحة المجموعات المسلحة غير الشرعية واخلاء المباني التي تحتلها هذه المجموعات، كما ينص على صدور عفو عام. والاتفاق الذي توصل اليه وزراء الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والاوروبية كاثرين آشتون والاوكراني اندريي ديشتشيتسا، ينص ايضا على صدور عفو عام. وجاء في نص الاتفاق ان "كل المجموعات المسلحة غير الشرعية يجب ان تنزع اسلحتها، وكل المباني المحتلة بشكل غير شرعي يجب ان تعاد الى اصحابها الشرعيين، وكل الطرقات، وكل الساحات، وكل الاماكن العامة في المدن الاوكرانية يجب ان يتم تحريرها". ونص الاتفاق ايضا على ان بعثة المراقبة التابعة لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا ستتولى مساعدة السلطات الاوكرانية على تطبيق هذه الاجراءات. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اول من اعلن عن التوصل الى هذا الاتفاق خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماع الرباعي، وذلك بعدما ضاعفت موسكو في الايام الاخيرة تصريحاتها الشديدة اللهجة والتي كررها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بتهديد مبطن باستخدام القوة في اوكرانيا. وقال لافروف "لقد وافقنا على وثيقة، اعلان جنيف ليوم 17 نيسان/ابريل، وفيها اتفقنا على ضرورة اخذ اجراءات اولية ملموسة للتوصل الى نزع فتيل التوترات وضمان الامن لجميع المواطنين الاوكرانيين". من جهتها قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي ان "منظمة الامن والتعاون في اوروبا يجب ان تلعب دورا قياديا" في تطبيق هذا الاتفاق الذي ينص على استعداد كل من الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الاوروبي لتوفير مراقبين للاشراف على حسن تنفيذه. ويلحظ الاتفاق ايضا صدور عفو عام عن كل الذين يحترمون مفاعيله، باستثناء "اولئك المسؤولين عن ارتكاب جرائم قتل". واكد لافروف في مؤتمره الصحافي ان بلاده ليست لديها "اي رغبة" في ارسال قوات الى اوكرانيا، وذلك بعدما اطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديدات ضمنية باللجوء الى القوة في اوكرانيا. وقال الوزير الروسي "ليس لدينا اي رغبة في ارسال قوات الى اوكرانيا. هذا الامر ضد مصالحنا الجوهرية". من جهته رحب وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالتوصل الى الاتفاق، مهددا في الوقت نفسه روسيا بفرض "مزيد من العقوبات" عليها اذا لم يتم احراز تقدم في نزع فتيل التوتر في الازمة الاوكرانية. وقال كيري "اذا لم نر تقدما لن يكون امامنا من خيار سوى فرض عقوبات اضافية، اثمان اضافية". وردا على سؤال عن شبه جزيرة القرم التي انفصلت عن اوكرانيا وانضمت الى روسيا بموجب استفتاء جرى في آذار/مارس ولم تعترف به الاسرة الدولية، قال كيري ان الولاياتالمتحدة "لم تتراجع ولكننا لم نأت الى هنا (جنيف) للحديث عن القرم". من جهتها اكدت آشتون ان الاتحاد الاوروبي "سيواصل جهوده لدعم اوكرانيا اقتصاديا وماليا وسياسيا". وينص اتفاق جنيف ايضا على وجوب ان تتم عملية مراجعة الدستور التي اعلنت عنها كييف "بشفافية" وان تستند الى "حوار وطني موسع لضم كل المناطق الاوكرانية وكل الكيانات السياسية". وتعليقتا على الاتفاق قال الرئيس الاميركي باراك أوباما انه ليس واثقا من ان روسيا ستلتزم به، مهددا اياها بفرض عقوبات اميركية واوربية جديدة عليها اذا تأزمت الامور. وصرح اوباما في البيت الابيض "لا اعتقد انه يمكن ان نكون واثقين من اي شيء في هذه المرحلة"، مضيفا ان "هناك امكانية بان تؤدي الدبلوماسية الى تهدئة الوضع (...) الامر يتطلب عدة ايام اخرى قبل ان نرى ما اذا كانت التصريحات ستصبح واقعا ملموسا". وتابع اوباما "اعددنا مع الاوربيين اجراءات اضافية يمكن ان نفرضها على الجانب الروسي اذا لم نر اي تحسن حقيقي في الوضع (...) آمل ان نرى تطبيقا (للاتفاق) خلال الايام المقبلة ولكن لا اعتقد انه بالامكان التعويل على ذلك نظرا الى ما رأيناه في الماضي". من ناحيته قال وزير الخارجية الاوكراني اندري ديشتشيتسا انه "من المهم ان يبدأ تطبيق هذه الاجراءات (...) في غضون اليومين او الايام الثلاثة المقبلة"، معتبرا ان تطبيق روسيا التعهدات التي قطعتها في جنيف "ستكون امتحانا، سنرى ما اذا كانت روسيا تريد المساعدة في ارساء الاستقرار في هذه المنطقة". من جانبه أعلن وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير في مقابلة مع قناة ايه ار دي التلفزيونية العامة ان اتفاق جنيف "خطوة اولى مهمة ولكن يجب ان تتلوها خطوات اخرى كثيرة". واتى التوصل الى اتفاق جنيف بعد ساعات من اطلاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديدات ضمنية باللجوء الى القوة في اوكرانيا. واتهم الرئيس الروسي في لقائه التلفزيوني السنوي للرد على اسئلة الجمهور السلطات الاوكرانية بقيادة البلاد نحو "الهاوية"، معربا عن أمله في ان لا يضطر الى استخدام "حقه" في ارسال قوات عسكرية الى اوكرانيا، معتبرا ان تسوية الازمة التي تشهدها اوكرانيا مرتبطة "بالضمانات" التي يمكن ان تعطى لاحترام حقوق الناطقين بالروسية في شرق البلاد. واضاف "من المهم جدا اليوم البحث في كيفية الخروج من هذا الوضع" و"عرض حوار حقيقي على الناس"، مشيرا الى ان المحادثات الرباعية التي تعقد في جنيف "مهمة جدا". كما اكد ان الحلف الاطلسي "لا يخيفه". وقال "يمكننا بانفسنا ان نخنقهم جميعا، لماذا انتم خائفون؟" ردا على سؤال صحافية روسية. وفي تحذير الى مولدافيا البلد الصغير الموالي لاوروبا اعتبر الرئيس الروسي انه ينبغي ان تتمكن منطقة ترانسندستريا الانفصالية "ان تقرر مصيرها بنفسها". واعلن رئيس ترانسدنستريا يفغيني تشيفتشوك في مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس الاربعاء ان "على الاتحاد الاوروبي ان يعترف بترانسدنستريا التي لا تمثل ولن تمثل اي خطر بالنسبة اليه. في هذه الحالة فقط ستكون هناك منطقة استقرار في الاقليم". على صعيد آخر، اعتبر كيري ان الاجراءات التي اتخذت، بحسب تقارير اعلامية، في احدى مدن الشرق الاوكراني المضطربة بحق سكانها اليهود الذين فرض عليهم التعريف عن انفسهم بصفتهم يهود، هي اجراءات "شنيعة ولا تحتمل". وقال كيري انه "في العام 2014، بعد كل الاميال التي قطعت وكل التاريخ الذي مضى، هذا ليس فقط امرا لا يحتمل بل هو شنيع. هذا يتخطى اللامقبول". وجاء تعليق كيري بعد تقارير اكدت ان مدينة دونيتسك في شرق اوكرانيا والتي اعلن فيها انفصاليون قيام سلطات انتقالية مستقلة عن كييف، شهدت توزيع مناشير تطالب اليهود بتسجيل انفسهم لدى هذه السلطات في لوائح مخصصة لهم، وذلك تحت طائلة تعرضهم للترحيل ومصادرة ممتلكاتهم. ولكن حاخام المدينة قلل مساء الخميس من شأن هذه المناشير، واضعا ما حصل في خانة "الاستفزاز"، ومؤكدا ان القضية "منتهية". ميدانيا وقبيل انطلاق مباحثات جنيف قتل ثلاثة مهاجمين واصيب 13 بجروح في هجوم استهدف ليل الاربعاء الخميس وحدة من الحرس الوطني الاوكراني في ماريوبول جنوب شرق البلاد، على ما اعلن وزير الداخلية ارسين افاكوف. وتحولت المواجهة مع المتمردين في الشرق الاوكراني الاربعاء الى نكسة لقوات النظام المؤيد لاوروبا. فقد تكبدت القوات الاوكرانية هزائم متتالية الاربعاء أمام مجموعات مسلحة حول سلافيانسك اخر مدينة في سلسلة المناطق التي سيطر عليها عناصر موالون لروسيا منذ السبت. وتؤكد كييف والغربيون ان هذه المجموعات المسلحة التي يطلق عليها في اوكرانيا من باب السخرية اسم "الرجال الخضر"، هي في الواقع مجموعات جنود من قوات النخبة الروسية على غرار المجموعات التي نشطت في القرم قبل ضمها الى روسيا في اذار/مارس. وتنفي موسكو من جهتها ارسال جنود او عناصر الى الاراضي الاوكرانية. واعلنت شركة ايروفلوت الروسية انه "عملا باشعار رسمي تلقته الشركة، يحظر على جميع المواطنين الروس الذكور بين 16 و60 عاما دخول اوكرانيا". كما يحظر دخول اوكرانيا على كل الرجال الاوكرانيين بين 16 و60 عاما والنساء الاوكرانيات بين 20 و35 عاما "المقيمين في اراضي جمهورية القرم ومدينة سيباستوبول"، بحسب الشركة. من ناحيته وافق الاتحاد الاوروبي على اجراء محادثات مع روسيا حول الغاز، محذرا موسكو من ان "مصداقيتها" كمصدر للطاقة على المحك بعد تهديدها بوقف الامدادات.