اتاح تغيير مفاجىء قام به سيلفيو برلوسكوني الذي كان عازما على اسقاط حكومة يسار الوسط برئاسة انريكو ليتا، لهذا الاخير ان يبقى في الحكم على اثر تصويت على الثقة في مجلس الشيوخ. وحصلت الحكومة على ثقة اكثرية ساحقة بلغت 235 صوتا (الاكثرية المطلقة هي 153 صوتا) مقابل 70 صوتا معارضا فقط. واعلن برلوسكوني (77 عاما) انضمامه في اللحظة الاخيرة الى الفريق المؤيد لحكومة ليتا، الذي قطع علاقته به فجأة السبت الماضي وامر وزراءه الخمسة من وسط اليمين بالاستقالة. وقال برلوسكوني "قررنا بعد نقاشات داخلية ان نمنح الثقة"، مشيرا الى انه اقتنع بوعود ليتا التي تتمثل في خفض ضريبة العمل وامكانية معاقبة القضاة الذين يتجاوزون الاجراءات. وتلقى فريق برلوسكوني كلمته المقتضبة بصمت وذهول، فيما عمد ليتا الى مصافحته تعبيرا عن شكره. وارتفعت البورصة بعد اعلان برلوسكوني (+1،4) قبل ان تعود الى تقدم اكثر اعتدالا (+0,5% في حوالى الساعة 13,30 ت غ). وجرت مشاورات كثيرة طوال الفترة الصباحية في اعقاب خطاب حازم جدا القاه ليتا الذي تحدث عن "الخطر الكبير" المحدق بايطاليا اذا ما سقطت حكومته. وقد غير برلوسكوني رأيه مرارا قبل التصويت، كما يقول المحيطون به. ويقول جيمس والتسون الاستاذ الجامعي الاميركي في روما ان "برلوسكوني يحاول ان يحافظ على موقعه المؤثر في الحكومة وفي حزبه". وكتبت صحيفة لا ستامبا على صدر صفحتها الاولى "استسلم برلوسكوني وحزب شعب الحرية يواجه الفوضى"، وتحدثت ايضا عن "مأساة انسانية" لبرلوسكوني الذي شوهد في مجلس الشيوخ واضعا رأسه بين يديه. وفي الواقع كان التمدد التدريجي لعصيان داخلي في حزبه شعب الحرية هو الذي دفعه الى تغيير موقفه المفاجىء. وقال موريتسيو ساكوني احد اعضاء مجلس الشيوخ المؤدين للحكومة ان برلوسكوني اضطر الى ان "يأخذ في الاعتبار واقع ان ربع حزبه فقط يؤيد حجب الثقة". ومن ابرز المتمردين داخل الحزب على قرار برلوسكوني نائب رئيس الوزارء انجلينو الفانو، المحامي الصقلي (42 عاما) الذي كان برلوسكوني يعتبره حتى الان خليفته. وكان الفانو، احد الوزراء الذين اضطروا الى الاستقالة لكنه ايضا المسؤول الثاني في حزب شعب الحرية، ايد التمرد قائلا انه يريد ان يكون "برلوسكونيا بطريقة اخرى". ثم تحدى علنا برلوسكوني مساء الثلاثاء داعيا "جميع" نواب حزب شعب الحرية الى منح الثقة. وفي تصريحات امام مجلس الشيوخ، دافع ليتا عن المتمردين الذين جاءوا ايضا من حركة خمس نجوم للممثل الهزلي السابق بيبي غريلو قائلا "انه لم يعد قادرا على احتمال دروس الاخلاق التي تعطى للذين يغيرون اراءهم". ويتفق الخبراء على ان برلوسكوني تسبب بالازمة السياسية في نهاية الاسبوع لانه خشى خسارة مقعده كسيناتور في منتصف تشرين الاول/اكتوبر وبالتالي حصانته البرلمانية بعد الحكم عليه نهائيا في الاول من اب/اغسطس بالسجن لادانته بالتهرب الضريبي. وقال ساندرو بوندي منسق حزب شعب الحرية والذي كان من "الصقور" ان "النتيجة الوحيدة هي تقسيم حزب شعب الحرية". واكد ليتا "نستطيع ان نحقق كل الاهداف المحددة" على صعيد انعاش النمو (الاقتصادي) والاستثمارات والاصلاح الانتخابي وخفض الضريبة على العمل. والوعد الاخر هو ان تتمحور رئاسة الاتحاد الاوروبي التي ستتسلمها ايطاليا ابتداء من الفصل الثاني 2014 "حول النمو وفرص العمل بعد عقد من التقشف". وقال كريستيان شولز من بنك بيرينبرغ ان فوز ليتا سيكون رادفا "لعودة الثقة في ايطاليا ومنطقة اليورو بكاملها".