اجرى الرئيس السوري بشار الاسد السبت تعديلا وزاريا لا يشمل الوزارات السيادية، وارتكز على وزارات ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية، في البلاد التي تشهد نزاعا مستمرا منذ اكثر من 22 شهرا انعكس ظروفا قاسية على الارض. وتأتي هذه الاحداث غداة اعلان دمشق استعدادها للحوار مع المعارضة لكن "من دون شروط مسبقة"، في رد على طرح لرئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب. في غضون ذلك، افاد مصدر في بطريركية الروم الارثوذكس في دمشق ان بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للموارنة بشارة بطرس الراعي، سيشارك الاحد في احتفال تنصيب البطريرك الارثوذكسي الجديد يوحنا العاشر يازجي، في زيارة هي الاولى من نوعها منذ عقود. وقرر الاسد استبدال خمسة وزراء وتعيين اربعة جدد اضافة الى خامس كان وزير دولة في الحكومة التي يرأسها وائل الحلقي، واستحداث وزارتين منفصلتين للعمل والشؤون الاجتماعية، بحسب ما افادت وكالة الانباء السورية (سانا). وبموجب التعديلات الجديدة، عين اسماعيل اسماعيل وزيرا للمالية، وسليمان العباس وزيرا للنفط والثروة المعدنية، واحمد القادري وزيرا للزراعة والاصلاح الزراعي، وحسين عرنوس وزيرا للاشغال العامة. كما عين الاسد وزير الدولة حسين فرزات وزيرا للاسكان والتنمية العمرانية، وسمى كندة شماط وزيرة للشؤون الاجتماعية وحسن حجازي وزيرا للعمل. ويأتي التعديل الجديد، وهو الاول منذ تكليف الحلقي برئاسة الحكومة في آب/اغسطس اثر انشقاق سلفه رياض حجاب، وسط نزاع دام منذ اكثر من 22 شهرا، ادى الى مقتل اكثر من 60 الف شخص وتهجير اكثر من 700 الف، بحسب ارقام الاممالمتحدة. وتشهد سوريا جراء النزاع ازمة اقتصادية غير مسبوقة انعكست تضخما يقدر بنحو 50 بالمئة لا سيما في الاسعار الاستهلاكية، وصعوبة توافر المحروقات والمواد الاساسية. وتشير ارقام البنك الدولي الى تقلص حجم الناتج المحلي بنحو 20 بالمئة، يضاف الى عجز نسبته 7,1 بالمئة من هذا الناتج. وتقدر نسبة البطالة ب 37,3 بالمئة وقد ترتفع الى 50 بالمئة، بحسب ارقام اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب اسيا (اسكوا). وفي المجال الزراعي، تشير ارقام منظمة الاممالمتحدة للغذاء والزراعة (فاو) الى ان الانتاج تراجع الى النصف في هذا القطاع الذي يعمل فيه نحو 40 بالمئة من السوريين. من جهة اخرى، يشارك البطريرك الراعي غدا في احتفال تنصيب بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي. ويقام احتفال تنصيب البطريرك الذي انتخب في 17 كانون الاول/ديسبمر الماضي خلفا لاغناطيوس الرابع هزيم، الساعة 8,30 (6,30 ت غ) صباحا في كنيسة الصليب المقدس في حي القصاع وسط العاصمة السورية. واشارت صحيفة "النهار" اللبنانية في عددها السبت الى ان الزيارة تكتسب "بعدا استثنائيا" كونها الاولى يقوم بها بطريرك ماروني، ومقره بكركي (شمال شرق بيروت)، الى سوريا منذ الزيارة التي قام بها البطريرك الراحل انطون بطرس عريضة خلال فترة الانتداب، قبل استقلال لبنان عن فرنسا في العام 1943. واضافت ان مشاركة الراعي وبطاركة آخرين تاتي "في اطار اظهار مشهد تضامني بين الكنائس المسيحية وقت تمر سوريا وكذلك مسيحيوها في اخطر محنة" جراء النزاع. ويشكل المسيحيون ما نسبته خمسة في المئة من عدد سكان سوريا الذي يقارب 23 مليون نسمة. ميدانيا، استمرت اعمال العنف في مناطق واسعة من البلاد. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان المقاتلين المعارضين اقتحموا "اجزاء من مطار منغ العسكري في ريف حلب (شمال) إثر اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية المتمركزة داخل المطار". واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي ان المقاتلين دخلوا "الى اطراف المطار"، وذلك للمرة الثانية "خلال الاشهر الماضية"، علما ان القوات النظامية قامت بصدهم في المحاولة السابقة. وسيطر المقاتلون الشهر الماضي على مطار تفتناز العسكري في محافظة ادلب (شمال غرب)، ضمن سعيهم للسيطرة على المطارات التي يستخدمها سلاح الجو لقصف مناطق عدة. واليوم، شنت المقاتلات السورية غارات عدة في محيط دمشق، منها مدينتا زملكا (شرق) ودوما (شمال شرق)، اضافة الى مناطق الى الجنوب من العاصمة. والى الجنوب الغربي من العاصمة، تتعرض مدينة داريا (جنوب غرب) لقصف من القوات النظامية التي تحاول منذ فترة فرض سيطرتها الكاملة عليها. وشهدت الحملة العسكرية التي تشنها القوات النظامية في محيط دمشق للسيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين، تصعيدا في الايام الاخيرة، ان لجهة المعارك او القصف الذي طاول اليوم احياء في جنوبدمشق. وادت اعمال العنف الجمعة الى مقتل 136 شخصا، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا. ومساء الجمعة، اعلنت دمشق استعدادها للحوار مع المعارضة لكن "من دون شروط مسبقة". وقال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الجمعة "الباب مفتوح (...) لاي سوري يريد ان يأتي الينا ويناقشنا ويحاورنا"، موضحا انه "عندما نتحدث عن حوار، نتحدث عن حوار غير مشروط ولا يقصي احدا". وابدى معاذ الخطيب في 30 كانون الثاني/يناير الماضي استعداده المشروط لمحاورة ممثلين لنظام الرئيس الاسد، مقترحا في مرحلة لاحقة اسم نائب الرئيس فاروق الشرع كطرف محاور، لكن مشددا في الوقت نفسه على ان الحوار سيكون على "رحيل النظام". وامهل رئيس الائتلاف النظام حتى غد الاحد لاطلاق سراح السجينات، والا يعتبر مبادرته لاغية. وقوبل الخطيب بانتقادات لاذعة داخل الائتلاف لا سيما من المجلس الوطني السوري، احد ابرز مكونات المعارضة، الذي رفض اي تفاوض مع النظام.