طالب عدد من اعضاء مجلس الشيوخ مساء الجمعة لجنة القوات المسلحة في المجلس بعقد جلسات استماع حول الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في اطار الجدل المستمر في هذا الشأن بعد حوالى الشهرين على الاعتداء. فمند الهجوم الذي وقع في 11 ايلول/سبتمبر الماضي وقتل فيه اربعة اميركيين احدهم السفير الاميركي كريستوفر ستيفنز، يواجه الرئيس باراك اوباما ووزارتا الخارجية والدفاع انتقادات حادة. واستخدم مؤيدو الجمهوري ميت رومني الذي يتنافس مع اوباما في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى الثلاثاء المقبل، هذه القضية ضد الرئيس الديموقراطي المنتهية ولايته. ودعا جون ماكين واعضاء آخرون في مجلس الشيوخ الى عقد جلسات استماع في الكونغرس امام لجنة القوات المسلحة للتحقق مما اذا كان هناك عدد كاف من العسكريين في المكان عند وقوع الهجوم. وقال ماكين وليندسي غراهام وكيلي ايوت في رسالة موجهة الى رئيس اللجنة الديموقراطي كارل ليفين "يبدو واضحا انه عند وقوع الهجوم على قنصليتنا في بنغازي وخلال المعركة لم يكن هناك قوات في المنطقة مستعدة بشكل كاف للوصول في الوقت المناسب للتأثير على نتيجة النزاع". واضافوا ان "هذا الامر يثير القلق خصوصا لان الهجوم استمر ساعات في يوم -- 11 ايلول/سبتمبر -- دعت فيه وكالات الاستخبارات بشكل واضح الاميركيين العاملين في الخارج الى البقاء على اهبة الاستعداد نظرا للتهديد الكبير الذي يتعلق بهذا التاريخ الذي يشكل رمزا". وتابعوا ان الثغر الامنية التي ادت الى مقتل الدبلوماسيين الاربعة "تثير تساؤلات كبيرة حول موارد الدفاع والاستعداد العسكري وتقاسم معلومات الاستخبارات والاولويات الاستراتيجية لوزارة الدفاع". واكدوا ان "هذه القضايا الحساسة من مسؤوليات اللجنة وتستحق مراجعتها ودراستها في اقرب وقت ممكن". ونظرا لطبيعة عملها السري، استثنت الانتقادات وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) الاميركية الناشطة جدا في ليبيا من التحقيقات. لكن مديرها الجنرال السابق في الجيش الاميركي ديفيد بترايوس يجد نفسه في موقع دفاعي بعدما نشر عدد من الصحف الاميركية وفي طليعتها وول ستريت جورنال الجمعة عناصر جديدة تنتقد عمله وعمل وكالته. وقالت الصحيفة ان وزارة الخارجية كانت تعتقد ان هناك اتفاقا رسميا بان تضمن السي آي ايه الامن عند حدوث اي طارىء، لكن الاستخبارات ترى الامر بشكل آخر. ويعكس التركيز على السي آي ايه تساؤلات عن رد الاستخبارات والحرب الخفية الدائرة داخل بيروقراطية الحكومة، كما قال مسؤولون في محاولة للرد على الانتقادات. وقام المسؤولون الامنيون بخطوة غير عادية عبر تقديم تسلسل للوقائع للصحافيين يؤكد ان السي آي ايه تحركت بسرعة وبشكل حاسم. واعلن مسؤول كبير في الاستخبارات لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان "عناصر (الوكالة) على الارض في بنغازي تصرفوا ليل الحادي عشر الى الثاني عشر من ايلول/سبتمبر بأقصى درجات السرعة والفعالية الممكنة". واضاف انه في مجمع السي آي ايه في بنغازي الذي سمي "الملحق"، اعلن نبأ الهجوم على مبنى القنصلية عند الساعة 21,40 (19,40 تغ). ووصل فريق من سبعة عناصر لضمان امن القنصلية عند الساعة 22,30 بعد اندلاع الحريق. وقام هذا الفريق باجلاء العاملين في المكان لكنه لم يعثر على السفير، فعاد الى "الملحق". وفي مقر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ارسل ليون بانيتا طائرة مراقبة بدون طيار غير مسلحة للتحليق فوق المنطقة. وقد وصلت بعد حوالى تسعين دقيقة. وطلب بانيتا من قوات اميركية وقوات خاصة بالعمليات في اوروبا التوجه الى مقر حلف شمال الاطلسي في سيغونيلا في ايطاليا، للاستعداد لعملية انقاذ. لكن عند وصولها، كانت القنصلية قد احرقت ودمرت. وقال جورج ليتل الناطق باسم الوزارة للصحافيين الجمعة ان "هذه القوات لم تصل الا بعد انتهاء الهجمات". وبينما حاصر ناشطون مدججون بالاسلحة القنصلية، اتصلت هيلاري كلينتون مباشرة بديفيد بترايوس لطلب مساعدة الوكالة. وفي الوقت نفسه، في بنغازي عاد فريق الامن الى "الملحق" وواجه اطلاق نار متقطعا وقنابل اطلقت من قائفات صواريخ. وقد رد افراد الفريق بالمثل ما اجبر المهاجمين على الانسحاب. وارسل فريق آخر للسي آي ايه لتعزيز الفريق الموجود ووصل عند الساعة 5,15. وقد شن ناشطون هجوما آخر على "الملحق" وخلال دقائق، قتل اثنان من عناصر السي آي ايه بقذيفة هاون. ورفض مسؤول الاستخبارات الاتهامات باخفاق الوكالة في التنسيق مع وزارة الخارجية. واضاف انه خلافا لما يراه عدد من مسؤولي الخارجية جرى التعاون "بدون تدخل رسمي للترتيبات بين الوكالات". وتابع "على الارض وفي مكان خطير، علينا العمل بشراكة وهذا بالضبط ما حدث في بنغازي". ودافع المسؤول عن دور بترايوس قائلا انه "كان ملتزما منذ البداية" خصوصا في مهمة الانقاذ. وقد وجهت انتقادات الى بترايوس لعدم حضوره مراسم وصول جثامين القتلى في قاعدة دوفر الجوية لان علاقة الضباط القتلى الثلاثة بالسي آي ايه بقيت سرية وحضوره قد يكشفها، كما قال مسؤولون للصحيفة. واكد احد هؤلاء المسؤولين ان بترايوس الذي اكتسب شهرة بعد مهماته في العراق وافغانستان "يتلقى يوميا التقارير عن القضية واطلع شخصيا على تقارير الاستخبارات بعد الهجوم". واضاف ان "فكرة انه لا يتابع القضية لا اساس لها".