رحب أتراك كثيرون يوم الخميس بالرد السريع لجيشهم على نيران المدفعية السورية التي اطلقت على تركيا لكنهم عبروا عن القلق من انزلاق بلادهم الى حرب شاملة يمكن ان تمتد آثارها عبر الحدود. وبعد ان قتلت قذائف أطلقت من سوريا خمسة اشخاص في بلدة حدودية تركية يوم الاربعاء سمح البرلمان للحكومة بالقيام بعمل عسكري في سوريا ردا على أي أعمال عنف أخرى. لكن رغم إعلان الاتراك عن دعم واسع النطاق للرد العسكري الانتقامي الذي قتل خمسة جنود سوريين إلا أن مخاوفهم تزايدت من تورط عسكري أكبر في الحرب الاهلية في سوريا. وكان الشعار التركي "لا للحرب" هو الشعار الغالب في موقع تركيا على موقع تويتر صباح يوم الخميس. وخرج حوالي خمسة الاف شخص الى شوارع اسطنبول مساء يوم الخميس في مظاهرة مناهضة للحرب تحولت الى مظاهرة ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم. وهتفت الحشود تحت سمع وبصر شرطة مكافحة الشغب "العدالة والتنمية يريد الحرب.. الشعب يريد السلام. "لا للحرب.. السلام الان." وقالت هاتيج جوكتورك وهي في الثانية والستين من العمر "لا نريد الحرب.. لا نريد ان يموت الشبان." وفي وقت سابق يوم الخميس اطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لمنع مجموعة صغيرة من المحتجين المناهضين للحرب من الاقتراب من البرلمان في انقرة. وهتف المحتجون "لا نريد الحرب" و"الشعب السوري اشقاؤنا". ودعت احزاب المعارضة وجماعات المجتمع المدني التي عبرت عن هواجسها بشأن الرد العسكري التركي الى تنظيم مزيد من الاحتجاجات في اسطنبول في وقت لاحق يوم الخميس. وأظهر مسح أجرته صحيفة حريت على الانترنت ان 60 في المئة يعارضون المذكرة التي سمحت بنشر قوات للقيام بعمل عسكري محتمل. ويخشى البعض من سعي قوى خارجية لدفع تركيا نحو الصراع بغية استخدام أنقرة لتحقيق مصالح خاصة. وقال مصطفى دينزير وهو نادل عمره 38 عاما "نحن ننفذ مصلحة دول اخرى في الشرق الاوسط. هذه ليست حربنا ويجب الا نقاتل حرب آخرين." واضاف "تركيا ستغرق في سوريا اذا حاولنا الذهاب الى هناك. يجب ان نتجنب شن حرب بدون تأييد دولي." وقصفت المدفعية التركية أهدافا في بلدة تل أبيض الحدودية السورية لليوم الثاني ردا على قذائف مورتر أطلقت من سوريا على بلدة تركية وقتلت اما واطفالها الثلاثة واحدى قريباتها يوم الاربعاء. وقال نهاد علي اوجكان المحلل الامني في مؤسسة بحثية في أنقرة "الشعب التركي يؤيد مثل هذاالعمل المحدود لكنه لن يؤيد عملية عسكرية على نطاق واسع أو حربا لانها تفتقر الى الشرعية." كما بدت الحكومة أيضا حريصة على تبديد المخاوف من حدوث تصعيد بعد الحادث وهو الأخطر منذ أندلاع الانتفاضة قبل 18 شهرا ضد الرئيس السوري بشار الاسد. وقال ابراهيم كالين وهو مستشار رفيع لرئيس الوزراء طيب أردوغان في حسابه على تويتر "تركيا ليس لها مصلحة في حرب مع سوريا. لكنها قادرة على حماية حدودها وسترد عند الضرورة." وأضاف "المبادرات الدبلوماسية السياسية ستستمر." وبعد موافقة البرلمان على عمل عسكري محتمل أكد نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي على ان الاولوية لدى تركيا هي العمل بالتنسيق مع المؤسسات الدولية وان التفويض ليس "مذكرة حرب". وعكست عناوين الصحف التركية لهجة دفاعية. وقالت صحيفة يني شفق المتعاطفة مع الحكومة في عنوانها الرئيسي "رد فوري على سوريا. دمشق ذهبت الى مدى بعيد". وقالت صحيفة زمان "استفزاز خطير من سوريا". ولدى تركيا ثاني أكبر جيش في حلف شمال الاطلسي لكن نشاطها العسكري في العقود الاخيرة تركز على قتال المتمردين الأكراد في الداخل وعمليات حفظ السلام الدولية. وخففت ضربات المدفعية التركية على اهداف عسكرية سورية في المنطقة الحدودية ضغوط الراي العام على الحكومة التي تعود الى اسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة عسكرية تركية في يونيو حزيران. في ذلك الوقت حذر أردوغان سوريا من غضب تركيا وغير قواعد الاشتباك العسكري بما يسمح للقوات المسلحة بالرد على أي عمل سوري عبر الحدود. غير ان رد تركيا حتى يوم الاربعاء لم يتجاوز تحليق طائرات عسكرية من وقت لاخر. وقال اوجكان "كانوا في غاية البطء في اتخاذ قرارات ولم يردوا. وجهت اليهم انتقادات محلية وكان لهذا اثر سلبي على الناس. ولذلك كان من الضروري الرد هذه المرة للتغلب على تلك الضغوط." (إعداد عماد عمر للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن) من دارين بتلر وإيجي توكساباي