استعدت هذه الأغنية الحزينة التى لحنها العبقرى " سيد درويش " خلال الحرب العالمية الأولى على لسان أم مصرية أخذت السلطة البريطانية ولدها ليموت فى حرب لا ناقة له فيها ولا جمل وبالأمس أدى إهمال وفشل السلطة المتهاونة التى ركبت كراسى الحكم فى غفلة من الزمان إلى مصرع اثنين وخمسين من فلزات أكبادنا فى حافلة تقلهم إلى مدرستهم دمرها قطار لم يتم الإنذار بقدومه إن إحساسى بالحسرة واللوعة والحزن والغضب فاق كل الحدود التى يمكن أن تصل إليها هذه المشاعر الإنسانية , وحين قص على من يكبروننى سنا ضرب إسرائيل لمدرسة بحر البقر عام 1970 وجدت نفسى أقارن بين وحشية عدو غاشم وبين إهمال وجهل نظام حاكم فأجد نفسى أشد غضبا على النظام منى على العدو وظلم ذوى القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند لقد وعدنا هؤلاء الذين تسلقوا كراسى الحكم بأن يصلحوا ما أفسده النظام السابق فوجدناهم أشد فسادا وجهلا وتهاونا ألم يكن لديهم الوقت الكافى لإصلاح هيئة السكك الحديدية وإشاراتها وهو إصلاح لا يحتاج إلى وقت إذا خلصت النية ومارسه الخبراء ولكنهم مشغولون بالتمكين لأنفسهم وجماعتهم للسيطرة على مفاصل الدولة وليذهب أطفالنا وشبابنا إلى الموت أفرادا وجماعات فما أرخص الدم المصرى فى نظرهم ولتملأ دماء صغارنا الأرض ما داموا يتمتعون بالحكم والسلطان . أليس فى قلوبهم هؤلاء القساة ذرة من رحمة ألم يحسوا بلوعة أم فقدت صغارها بهذه الفظاعة , ولا بحسرة أب يلملم أشلاء فلذاته وقد تجمد الدمع فى عينيه وأكلت نار الحزن قلبه . أليس لديهم إحساس بالمسئولية عن هذه الفظائع التى نتجت عن إهمالهم . إننى لا أجد لغة تعبر عن مدى حزنى ولوعتى واحتراقى وغضبى وليس أمامى سوى أن أخاطبهم بمقطع من قصيدة لأبى موجهة إلى الحكام العرب مع تصرف بسيط فأقول لهم ياسادتى الإخوان والوزراء والحكام والرؤساء مزابل التاريخ فى انتظاركم فلترحلوا لو أنه مازال فى عروقكم دماء