لم تترك المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية باباً إلا وطرقته، فمثلما كان لها تأثير كبير على الحياة السياسية والانقلاب على النظام البائد. كان لها أيضا تأثير كبير على سلوكيات المواطنين في كافة الأعياد والمناسبات. فقبل قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير كان المواطنون يتبادلون التهاني في الأعياد والمناسبات خلال الزيارات الرسمية، ولكن الأعياد شهدت في الفترة الأخيرة اختلافاً ملموساً.
فقد استغل الكثير ما حققه موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" خلال الفترة السابقة من نجاح، وما يتسم به من سرعة وسهولة في تبادل التهاني بين الأصدقاء والأقارب.
وتحولت العملات الورقية التي يتبادلها الأصدقاء والأقارب خلال الأعياد إلى عملات إلكترونية وصفحات على موقع الفيس بوك، وتضمنت تلك العملات الفئات من 25 قرشاً وحتى 200 جنيهاً بصورتها الورقية التي بدأت في الاختفاء عقب ظهور العملات المعدنية.
ولم يكن الهدف الوحيد من تلك التبادلات هو مجرد تبادل التهاني، بل كان له العديد من الأغراض من بينها التأكيد على أهمية الشبكات الاجتماعية في حياتنا حالياً، وأيضاً إحياء ذكرى الفئات الورقية التي أ,شك على الاختفاء وأصبحت مجرد ذكرى.
كما أن ابتكار تلك الوسيلة يحمل في طياته توفيراً للنقود التي يتم صرفها على رسائل المحمول لتهنئة الأقارب والأصدقاء.
وعلى الرغم من أن تلك الوسيلة ستحقق في المستقبل القريب نجاحاً ملموساً في التيسير على المواطنين وتخلصهم من أعباء العيدية التي تضطرهم إلى دفع المئات من الجنيهات في ظل ظروف الحياة الصعبة التي يمرون بها، إلا أنها تحمل وجهاً آخر سلبياً.
حيث يمكن أن تؤدي إلى انقطاع صلة الرحم بين الأقارب والأصدقاء إذا اعتمد الجميع على المعايدة الإلكترونية فقط، كما أنها لم تحمل البهجة ذاتها بالنسبة للصغار الذين ينتظرون كل عيد ليعرفوا كم شخصاً سوف يمنحنهم النقود، وكم جنيهاً سوف يحصدونها خلال الأيام الأربعة؟.
وللعودة إلى أصول تلك العادة، نجد أن "العيدية" كلمة عربية تعود إلى عصر المماليك، فقد كان السلطان المملوكي يصرف راتبا بمناسبة العيد للأتباع من الجنود والأمراء.
وكان اسمها "الجامكية"، وتم تحويرها بعد ذلك إلى كلمة العيدية، وأصبحت عادة على مر العصور المختلفة تفيد العطاء والبهجة، وبدأ الجميع يستغلها في إرساء قيم اجتماعية عديدة مثل التصالح مع الآخرين وزرع البسمة على شفاه المحرومين، وصار لها تقاليد وطقوس خاصة في جميع الدول العربية والإسلامية.