أمي دائما لها جملة أثيرة تفيض بالحكمة تقول (ربنا ما يوريك كسرة النفس .. بتهد جبال ). .. لا أعرف لماذا تذكرت هذه الجملة عندما شاهدت حملة الذبح الجماعي التي نصبت لشاب مراهق صغير لم يتعدي السابعة عشر من عمره إسمه مصطفي شاءت الأقدار ان يكون حارس مرمي لمنتخب مصر للشباب في مباراة أثيوبيا الأخيرة .. كما شاءت الأقدار أن يظهر الفريق بمستوي أقل من المأمول ويدخل مرمي مصطفي المنحوس ثلاث أهداف ليخسر المنتخب الصغير عديم الخبرة في عقر داره . كان من الممكن ان يمر الأمر مرور الكرام خاصة أن متابعة الجمهور لهذا المنتخب ضعيفة علاوة علي إنشغال الكل بالحدث الأكبر عالميا وهو أوليمبياد ريو دي جانيرو .. لكن هيهات فالنفوس ليست صافية والضمائر بعافية .. سريعا ما إنتصبت مذبحة القلعة لشاب صغير لم يفتأ يغادر أبواب الطفولة لا يتحملها سنه ولا عوده الضعيف وكل ذنبه لعنة يحملها علي كتفه إسمها شوبير . الشاب هو مصطفي أحمد شوبير .. ببساطة وجد نفسه في مفرمة نقدية مبالغ فيها لمجرد تخليص حسابات مع أبيه الإعلامي الأشهر وحارس مرمي الأهلي ومنتخب مصر التاريخي . لست بصدد الدفاع عن مصطفي إبن أحمد شوبير ولكني أجد نفسي ملزما بالدفاع عن شاب صغير تباري الجميع في (كسر نفسه) وتدميره ذاتيا وتحميله أزمات مصر كلها لمجرد أخطاء واردة ومكررة في الكورة وإن لم توجد هذه الأخطاء فقدت اللعبة جمالياتها .. الكل يجتهد لكن الكل أيضا معرض لعدم التوفيق في مباراة والتوفيق في مباراة أخري .. وواجبنا حينئذ أن ننتقد الأداء في إطاره الفني فقط ولا يخرج الي الإطار الإنساني الذي يمس الروح ويزعزع الإستقرار النفسي للبشر .. خاصة إذا كانوا حديثي السن والخبرة والحكمة . ما يحدث مع مصطفي شوبير هو نفس ما حدث مع شريف إكرامي بعد إخفاقه في مبارتين متتاليتين وإكتشف الجميع فجأه أن شريف هو إبن إكرامي الكبير ويلعب مجاملة له.. وساعد في ذلك طبعا الخواجة الهولندي - عظيم الراتب قليل التأثير- مارتن يول عندما حاول غسل يده من المستوي الضعيف الذي ظهر عليه فريق الأهلي بعد حسم الدوري بأن خرج بتصريح هروبي يقول أننا لا نلعب بحارس مرمي مستغلا إخفاق شريف وعدم توفيقه ? طبعا مع تسليمي بهبوط مستوي شريف اكرامي الملحوظ وغير المبرر ? لكنه لا يستحق الذبح وتحميله أخطاء الجميع . لكن الإختلاف هنا بين شريف إكرامي ومصطفي شوبير .. أن الأول يحمل علي كتفيه سنوات عمر وخبرة تؤهله أن يتعامل مع العاصفة العاتية دون أن تتسبب في كسر عوده .. أما الثاني فمن الممكن جدا أن تكون تلك المذبحة المغرضة هي نهاية حارس مرمي قد يكون واعدا في المستقبل ولم يحالفه التوفيق في مباراة واحدة . لكنها اللعنة التي يحملها رغما عنه "لعنة شوبير" هيهات أن يتم إنصاف الفتي .