رزق الله سعيود موهبة كبيرة لكنه يهدرها أحيانا بانفعاله الزائد، وربما بغروره وتعاليه على الخصم، وأحيانا على زملائه، وأحيانا بقلة خبرته وساعات كثيرة بالفذلكة. والدليل ماتش «كيما» الأخير، حيث أهدر سعيود ضربة جزاء مايضيعهاش أحمد السيد، يعنى ماتش سهل وحارس مرمى، مع كامل احترامى له، قدماه تلمس نجيلة استاد القاهرة للمرة الأولى فى حياته فأصبح من الفرحة والخضة يضرب شقلباظات فى الهوا تشبه شقلباظات رجل أين أشيائى، ويمسك الكرة العرضية على ست مرات، قوم ظهر أمير سعيود وقد احتلت فص جبهته الأمامى مشاعر الانفعال والفذلكة وقلة الخبرة فأضاعها بطريقة جعلت محبيه يتكسفوا منه وأعداءه يفرحوا فيه. هل تحب أن تضيع ضربة الجزاء التى حصلت عليها اليوم أم أنك تحلم مثلى بأن نحرز هدفا صحيحا منها؟ نحتاج اليوم إلى الخبرة.. نحتاج إليها فى تمييز من يندس بيننا ليفسد اليوم، أولئك المنفعلين كذبا غير المشغولين بأهداف اليوم السياسية، أو أولئك الذين يزرعهم النظام السابق بيننا ليستدرجنا إلى الدم والتخريب. نحتاج إلى الخبرة لتفويت الفرصة على كثيرين يقفون لهذا الجيل على غلطة ويتربصون به انتظارا لتأكيد اتهاماتهم وشكوكهم. نحتاج إلى الخبرة حتى ننقل إلى الجميع رسالة واضحة.. هذا جيل يؤمن بقضيته وبالحرية ولا يؤمن بالعنف، هذا جيل إذا اقترب منه أحد رافعا عصا عليه سيأخذها منه ويكسرها ثم يعيدها إليه لكنه أبدا لا يمارس السياسة بأن يبادر برفع العصا على أحد، هذا جيل ينزل من بيته يعرض مطالبه ويدافع عنها وعلى استعداد أن يستشهد من أجلها لكنه أبدا أبدا أبدا مش نازل من البيت علشان يولعها. لذلك أرجو منك يا صديقى أن تراعينى أنا الواقف إلى جوارك فى الميدان، إذا تعرضت للاعتداء سنقف خلفك جميعا دون شك وسنكون أصحاب حق، لكن إذا بادرت أنت بالاعتداء وأشعلت المعركة فستورطنا جميعا لأننا سنقف خلفك أيضا ولكن سنكون قد أضعنا جزءا كبيرا من حقوقنا. أنا لا أطالبك بأن تخاف من الشرطة والجيش، بالعكس أنا أطالبك بأن تخاف من الناس العادية ملح أرض هذا البلد، خَفْ من نفورهم منك ومن زملائك، خَفْ من فجوة ستدفع ثمنها عندما يحين موعد انتخابات البرلمان أو الرئاسة فيتحاشى الناخبون كل ما له علاقة بالثورة والتطهير، خَفْ من بشر هم ضحايا لسنوات من القهر والاستعباد لدرجة جعلتهم لا يهتمون بشىء سوى لقمة العيش وديكتاتور مناسب يمشّى البلد وخلاص، خَفْ من أن يفقدوا إيمانهم بك وبينهم من لا يريد ذلك لكنك لا تساعده. عشرات الآلاف الذين أطلوا عليك من البلكونات مصفقين ملقين لك بحبات البصل وزجاجات الخل والماء، خَفْ من اللحظة التى ستجرى فيها فتجدهم قد أغلقوا أبواب العمارات بالجنازير فى وجهك. ساعدهم أن ينضموا إليك، انتهز الفرصة اليوم واقنعهم بأنك شهيد حى يفتح صدره للرصاصات لكنه لا يحمل فى يده شيئا سوى علم مصر، قل لهم إنك لست مشاغبا، وارفع صوتك وقل للعالم إن ثورتك تتعرض للظلم، الناس تنجذب إلى المظلوم بانسيابية مذهلة. التحدى الحقيقى اليوم أن يمر اليوم بسلام، وأن تثبت للجميع أنك أصبحت تمتلك الخبرة، وأنك تخلصت من الانفعال غير المبرر، وأنك لا تحمل فى قلبك ضغينة ضد زملائك فى الملعب ولا تتعالى على أحد. أزل التراب عن موهبتك حتى يستمتع بها الجميع، فلتحرز هدفا اليوم يجعل الجماهير تتمسك بك وتطالب بمنحك الفرصة كاملة، أو فلتُضِع ضربة الجزاء فيدير الجميع لك ظهره مثلما فعل جوزيه مع سعيود. المصدر : جريده التحرير